حفلات التّخرّج فاقت (الهالوين) في أعوامٍ مضت.. هل يؤثر ذلك على الرصانة العلمية في العراق؟

حفلات التّخرّج فاقت (الهالوين) في أعوامٍ مضت.. هل يؤثر ذلك على الرصانة العلمية في العراق؟

بغداد – علي الكرملي

واقعياً، أمسَت #حفلات_التخرج التي يقيمها الطلبة في الجامعات العراقية، أشبه بتقليد وأعراف، بل أضحَت طقوس يمارسها الطلبة سنوياً، يُعطّلون الدوام لأنفسهم 4 أيام، 3 أيامٍ داخل الكليّة ورابعٌ خارجها، الأيام التي داخل الكلّية هي يوم للـ «الحنّة» أو ما تُعرف بـ «الزفّة»، ويوم للحفلة التنّكُّرية، والثالث للصورة، أما الرابع فهو في قاعة خارجية يصطحبون معهم عوائلهم فيها.

رسالةٌ بطريقةٍ ساخرة!!

”إنّها حقُّنا الطبيعي، هي فرحة عُمرنا، فَرْحَةٌ لا بَعدَها فَرْحَة، إنّها تختصر مشوار 16 عاماً من الدراسة، من السهر، من التعَب، ومن الجهد الذهني المتواصل، لذلك نستحق أن نُكَرِّسَ لنا فرحَةً تعبّرُ عمّا في دواخلنا“، يقول الطالب الجامعي منهل فرج.

فرج الذي لا تفصله عن عتبة التخرج سوى شَهْرَيْن يسترسل في حديثه لـ «الحل العراق» بالقول، ”إن الأزياء التنكرية التي نرتديها ليست بمحض إرادتنا الكُلّيَّة، بل نحن وجَدناها للتعبير عن واقعنا (المرير) الذي سنعيشه بعد التخرج، لذلك تجد من يرتدي الزي العسكري وزيَّ الفلاّح والعامل أو حتى على هيئة «دراكولا»“.

”كل تلك الأزياء هي لإيصال رسالة للحكومة بطريقة ساخرة مفادها.. هكذا سيكون واقعنا، إما سلوك درب العَسْكَر أو العمل بالفلاحة أو حتى  بعضهم من سيسلك طرقاً أُخرى (لا أخلاقية) فقط من أجل أن يستمر في كفاحه بهذه الحياة“. يوضّح ابنَ الـ 23 ربيعاً.

مُتخرّجون يتنكّرون على شكل مومياء- أرشيفية

لم تكن حفلات التخرج التي جزء منها (#حفلات_التنكر) معروفة في الجامعات العراقية حتى العقد الأخير من الألفيّة الثانية، إذ بدأت حفلات التنكر تمارس فعلياً في منتصف التسعينيات من القرن المنصرم، لكنها لم تكن كما هو الشكل التي هي عليه اليوم، كانت بشكل مقبول وطريف، ولم تكن ظاهرة.

في السنوات القليلة الماضية أثارت حفلات طلبة بعض الكليات سخط الشارع العراقي من فرط قفزها للمألوف، ففي ٢٠١٦ تنكّر طلبة #كلية_الزراعة في #جامعة_بغداد بـ «زي الخرفان وبالحفّاظات»، بينما تنكّر طلبة #كلية_طب المنصور الجامعة بـ «#دراكولا» يطغى على  أجسادهم «شاش طبي» في إشارة لاختصاصهم في العمليات الجراحية.

جوٌّ دراسي أم طربٌ في وضح النهار؟

ليس كل الطلبة مع الاحتفال، فالطالبة في علوم بغداد (التفات حامد) ضده، إذ ترى أنه من غير اللائق إقامة حفلات تنكرية تخل بالذوق العام وسط الحرم الجامعي، ورغم أنها في مرحلتها الأخيرة، إلاّ أنها قرّرت عدم حضور الحفلة التي تخص كليتها في حال ما أُقيمَتْ.

مُتسائلةً في كلامها مع «الحل العراق»، ما الفائدة من تحويل جو دراسي عام إلى جو أشبه بليالي السهر والطرب لكن مع اختلاف أنها في وضح النهار، ”تلك الحفلات إن لم تلتزم بالحد المسموح له اجتماعياً وأخلاقياً، فلا مانع من منعها، بل أنا مع المنع“، تختتمُ (التفات) حديثها.

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية أصدرت في وقتٍ مضى من العام الدراسي الحالي قراراً يمنع إقامة الحفلات في هذا العام، مؤكدةً أنها ماضية في تطبيقه دون رجعة، ومُلزِمَةً الجامعات بتنفيذه، لكن بعض الجامعات العراقية لم تستطع تنفيذه نتيجة الضغوط الكبيرة التي مارسها الطلبة ومنها التظاهرات، فيما لا زالت بعض الكليات على القرار ولم ترضخ لضغوط الطلبة بعد.

الهالوين والقبليّة!

”لا يوجد شيء ببرنامج الجامعة (أيُّ جامعة) اسمه «حفل تنكري»، الشيء الوحيد الموجود هو الحفل الرسمي الذي يجرى سنوياً، وصورة التخرج“، تبيّن الأُستاذة الجامعية إرادة الجبوري، قائلةً لـ «الحل العراق»، أن الحفلات التنكرية لم تكن هكذا في السابق، لكنها تفاقمت لتصل إلى هذه الدرجة بعد عام ٢٠٠٣، وصارت تخرج عن السياق وفي أحايين عدة خرجت عن أُطر الذوق وتقاليد الحرم الجامعي.

أشكالٌ أخرى يتنكّرون بها الطلبة المُتخرّجون- أرشيفية

”في سنوات مضت  فاقت الحفلات التنكرية الهالوين، وعلى صعيد شخصي كنت أفسر الأمر على أنه ردة فعل على أعمال العنف التي تجري في البلاد.. الاقتتال الطائفي والموت المجاني“، تقول معاونة عميد إعلام بغداد للشؤون العلمية والطلبة، مُستطردةً ”شخصيا اتطلع لرؤية الطلاب يفرحون ونفرح معهم، لكن  ليس بالشكل الفج الذي صار يحدث بالجامعات“.

في خصوص تأثير الحفلات على الرصانة العلمية، تقول الجبوري، إن الفرح الصحي لا يؤثر على الرصانة، بل إنه مطلوب، لكن أن تتجاوز الاحتفالات المنطق والمقبول، أن تُكَرّس القبلية والتسطيح الثقافي التي تتناقض ودور الجامعة التي هي مناة للتنوير، هنا يكمن الاعتراض.

مُتَمنّيَةً أن تكون الاحتفالات في المستقبل بطريقة أكثر حضارية، كأن تكون الحفلات على شكل فقرات تتضمن مسابقات وقراءة الشعر، أو أغانٍ يغنّيها الطلبة أنفسهم، أو أن تتضمن العزف والموسيقى والمواهب، ”وقتها سنُخصّصُ لهم المسرح، ونحنُ االمُمتَنّون“.


الصور المُرفقة مع التقرير أرشيفية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.