الليرة تعاود الانهيار أمام الدولار… وخبراء يتوقعون عجز النظام عن وقف هبوطها

الليرة تعاود الانهيار أمام الدولار… وخبراء يتوقعون عجز النظام عن وقف هبوطها

(الحل) – بعد استقرار نسبي دام لنحو عام، عادت #الليرة_السورية إلى التراجع أمام #الدولار، إذ ارتفع سعر صرف الدولار من 463 ليرة في شهر تشرين الأول 2018 إلى 500 ليرة مع بداية العام الجاري.

ليعاود ارتفاعه مجدداً خلال الأيام الأخيرة ليسجل 550 ليرة في (السوق السوداء)، دون توضيحات من المصرف المركزي، أو القيام بإجراءات حول تدهور سعر الصرف.

فيما بقي السوق في حالة ترقب، مع انخفاض الطلب على الليرة، بحسب ما أفاد به أصحاب شركات الصرافة لموقع الحل.

ورغم حديث النظام المستمر منذ العام الماضي عن فرض انتصاره العسكري في عدد من المناطق السورية وتأثيره الإيجابي على #الاقتصاد وسعر الصرف، وإعادة فتحه للحركة التجارية مع الأردن، إلا أن الليرة خسرت نحو 15% من قيمتها خلال 6 أشهر.

ويبقى السؤال هنا: ما السبب الحقيقي لانخفاض سعر صرف الليرة؟ وما هي التوقعات لأسعار الصرف خلال الفترة المقبلة؟

النظام يرجع انهيار الليرة إلى المضاربات والعقوبات الدولية!

في كانون الثاني الماضي، ومع بدء هبوط الليرة أمام الدولار، أصدر مركز دمشق للأبحاث (مداد) التابع للنظام تقريراً أعاد سبب الانخفاض إلى زيادة العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية على النظام.

وأضاف المركز أن انخفاض قيمة الليرة سيؤثر سلباً على عملية #إعادة_الإعمار، مشيراً إلى أن زيادة الطلب المحلي على الدولار أتى بعد عمليات استيراد السلع الضرورية كالمحروقات والقمح، إلى جانب حالة الترقب للتطورات العسكرية في سوريا.

في وقت، اتهم خبراء اقتصاديون يعملون لدى دوائر النظام، السوق السوداء والمضاربين عبر إشاعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في هبوط قيمة الليرة أمام الدولار.

وقال سنان ديب (رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية) لوكالة (سبوتنيك) الروسية، مؤخراً إن “هبوط الليرة يعود إلى المضاربات وعدم اجتثاث بعض الصرافة في السوق السوداء”، لافتاً إلى أن “لهؤلاء شبكات على منصات التواصل الاجتماعي لتعويم مبتغاهم، وسط صمت المصرف المركزي والخوف الشعبي”، بحسب تعبيره.

في حين أكد أحد الصرافين العاملين في العاصمة دمشق، لموقع الحل، أن اجراءات المصرف المركزي هي التي خلقت الفجوة بين السعر الذي تفرضه والسعر المتداول في السوق.

وأضاف، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، أن “المركزي يضع أسعار صرف غير مقبولة وتقل عن سعر السوق بنحو 100 ليرة، وعندما يُطلب من المركزي البيع بالسعر الذي يصدره يدخل المواطن والتاجر في دوامة معقدة من الإجراءات ولا يحصل على ما يريد، فيتجه إلى السوق الموازي”.

وتابع أن “السعر الذي يفرضه المركزي وهمي ولا يمت للواقع بصلة، ويؤدي إلى حالة من تخويف الناس لتسارع إلى حيازة الدولار رغم عدم حاجتها إليه وبالتالي تتعمق الفجوة”، على حد تعبيره.

وفقدت الليرة السورية خلال الشهر الماضي فقط نحو 7% من قيمتها وارتفع سعر الصرف من 530 إلى 550 ليرة.

ولفت الصراف العامل في العاصمة دمشق، إن “شهر آذار الماضي شهد ازدياداً على طلب الدولار مقابل شبه انعدام الطلب على الليرة، خوفاً من خسارة الناس لمدخراتهم بالليرة، وبالتالي أصبح هناك ضغط من ناحية الطلب، ما يعني أن الدولار في ارتفاع مستمر ما لم يقم المصرف المركزي بضخ العملة الصعبة في السوق، أو على الأقل مواكبة وتقليص الفرق بين نشرة الأسعار التي يصدرها وسعر السوق”.

خبير اقتصادي: سياسات المركزي خلقت إرباكاً في السوق

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق (ز.ع) لموقع الحل، إن “سياسة النظام الاقتصادية المتمثلة في مصرف سوريا المركزي ساهمت في تراجع قيمة الليرة خلال الأشهر الماضية”.

وأوضح أن “المصرف ثبت سعر الصرف عند 434 ليرة منذ حوالي عامين دون تغيير، مع الزيادة المستمرة في سعر الصرف بالسوق الموازي، ما خلق فجوة بين السوقين، إضافة إلى إصدار المصرف التجاري قراراً رفع بموجبه الفائدة على الودائع بالدولار إلى 3.8%، ما رفع الطلب على شرائه”.

وأضاف أستاذ الاقتصاد أن “انسحاب المركزي من عمليات تمويل المستوردات، وسماحه للصناعيين باستيراد المشتقات النفطية، إذ اضطروا لشراء الدولار من السوق السوداء لتأمين مستلزماتهم، وبالتالي خلق نوعاً من الإرباك في السوق مقابل سحب كميات كبيرة من القطع الأجنبي، في ظل تراجع كميات الاحتياطي النقدي من القطع الأجنبي لدى المركزي لنحو 700 مليون دولار، بعد أن أعلن النظام مع بداية عام 2011 أنه يحتفظ بـ 18 مليار دولار”.

وأشار المحلل الاقتصادي (محمد قدور) في تصريح لموقع الحل، إلى أنه “بعد فرض النظام سيطرته على مناطق جديدة في كل من وسط وجنوب سوريا، انسحبت المنظمات والجهات الدولية التي كانت تمد تلك المناطق بالقطع الأجنبي لتأمين الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها وبالتالي استفاد النظام من هذه الأموال بشكل أو بآخر، إضافة إلى تراجع الحوالات الخارجية التي كانت تصل إلى تلك المناطق والتي قدرت بنحو 4.5 مليون دولار يومياً”.

وأوضح قدور أن “هذه المناطق التي دخلت تحت سيطرة النظام، أصبحت بحاجة إلى الخدمات وتأمين الغاز والمشتقات النفطية والكهرباء والمياه، وبالتالي شكلت عبئاً جديداً على ميزانية النظام”.

وتابع أن “ذلك يأتي في ظل تراجع الدعم الإيراني لا سيما بعد حزمة العقوبات”، مشيراً إلى تصريحات مسؤول في مجلس النواب الإيراني، الذي يطالب النظام بسداد ديونه المتراكمة لإيران.

توقعات بتواصل هبوط الليرة أمام الدولار

وأكد أستاذ الاقتصاد (ز.ع) أن “الليرة السورية ستواصل هبوطها أمام الدولار، وإن حاول المصرف المركزي اللحاق بركب السوق السوداء ورفع سعر الصرف لمستويات مقاربة له، فإن ذلك سيؤدي إلى تدهور القطع النقدي الأجنبي الاحتياطي لديه”.

وتوقع أن يصل سعر صرف الليرة إلى نحو 600 ليرة، وهو السعر الذي وصل إليه في عام 2016، إذا ما بقي الطلب على الدولار بنفس المستويات، وغياب أفق الحل السياسي الذي تضعه الدول الأوروبية، والولايات المتحدة كشرط لفك العقوبات المفروضة على النظام.

يشار إلى أن كتلة النقود بالعملة السورية عام 2018 قرابة ثلاثة أضعاف كتلة النقود التي كانت متوافرة في عام 2010، في حين تراجع النشاط الاقتصادي الإنتاجي المعبر عنه بالـ (ناتج المحلي الإجمالي)، بنسبة تفوق 60%، وذلك بحسب ما أشار إليه مركز (مداد) للدراسات التابع للنظام.

إعداد: حسام صالح – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.