خاص (الحل) – يخلو شارع الباكستان وسط العاصمة #دمشق من السيارات، ويبدو مركز المدينة بمشهد قلّ نظيره في العاصمة السورية، التي كانت تشهد ازدحاماً خانقاً في أوقات الظهيرة، لكن أزمة #البنزين أرخت بظلالها على واقع النقل، فيلتزم معظم الناس منازلهم بعد انتهاء أعمالهم، توفيراً لمادة البنزين النادرة أصلاً، ويتحاشى السكان التنقّل بين شوارع دمشق لأشياء «غير ضرورية» لذات السبب، ما أدى لانحسار الاختناقات المرورية على الشوارع التي تضم محطّات للوقود، أما في باقي الشوارع والأحياء، فتبدو حركة السير نادرة من الظهر وحتى ساعات المساء.

أول نتائج الأزمة

ستة أيام تقريباً على بدء أزمة البنزين بشكل فعلي في دمشق وباقي المدن السورية، وكان لذلك عدّة تبعات، أبرزها في قطاع النقل، فقد أكدت وسائل الإعلام المحلية أن أجرة النقل ارتفعت بنسبة 50%، وانخفض عدد سيارات الأجرة التي تعمل ضمن الخدمة بنسبة 30%، وبات من الصعب الحصول على سيارة أجرة في ساعات بعد الظهر أو المساء.

ولتقصّي الحقيقة، نزلت مراسلة موقع (الحل) إلى شوارع دمشق، وعاينت الواقع عن قرب، إذ احتاجت من الوقت عشرين دقيقة لتعثر على سيارة تكسي في منطقة المزة أوتوستراد، في الوقت الذي كان يمرّ سيارة أجرة فارغة على ذات الشارع قبل أسبوع، كل خمس أو سبع دقائق.

وطلبت مراسلة (الحل) أن تتجه من نفق الآداب في المزة إلى جسر الرئيس وسط دمشق، وعادة لا تزيد تسعيرة هذه المسافة عن 500 ليرة سورية، لكنها بالفعل تفاجئت بطلب السائق مبلغ 1000 ليرة حين وصولها (بأقل من ربع ساعة) وتذرّع بصعوبات الحصول على مادة البنزين، والانتظار لساعات طويلة.

وكشف العم أبو محمد لمراسلتنا تلك الصعوبات وقال “لا يُسمح للسيارات العمومية بتعبئة كمية تزيد عن 20 ليتر، وهذه الكمية التي كنا نستهلكها خلال نصف نهار، وبالتالي بات عملنا ورزقنا مقسوماً على اثنين، ناهيك عن ساعات الانتظار الطويلة جداً من أجل الحصول على هذه الكمية المحدودة”.

ويتابع أبو محمد، “بعض أصدقائي فضّل شراء البنزين الحر، لكن سعر العشرين ليتر هو 9000 ليرة، أي ضعف السعر المدعوم حالياً وهو 4500، وفي كلا الحالتين، لا بدّ أن نزيد الأجرة حتى نتمكن من تعويض خسارتنا”.

ماذا عن السرافيس؟

ورغم أن الازمة الحالية هي أزمة بنزين أكثر من أنها أزمة مازوت، إلا أن السرافيس أيضاً تخشى من امتداد الأزمة إليها، لذلك عمد الكثير من السائقين إلى اختصار مسافة المسار الذي يمشي عليه.

وكرّرت مراسلة موقع (الحل) التجربة إياباً، من البرامكة باتجاه المزة، واستقلّت ميكرو (مزة جبل – برامكة)، والتسعيرة الرسمية هي 50 ليرة، لكنها كالعادة، تصبح 100 ليرة لعدم وجود (فراطة) مع السائق، أو يُرجع لها قطعة بسكويت بأفضل الأحوال عوضاً عن خمسين ليرة.

وأفادت مراسلتنا، أن السائق طلب من جميع الركّاب النزول عند ساحة المواساة، وصرخ قائلاً “ما ح نكمل ع المزة. وصلنا على آخر الخط”، وعند الاستفسار عن السبب، أجاب صراحة “ما عم توفّي نروح لآخر الخط ونرجع.. يلي ما عجبه يشتكي”، ويحصلُ ذلك على مرأى شرطة المرور المنتشرة في الساحة.

ما هي الحلول البديلة؟

ولا يجد أصحاب السيارات الخاصة في دمشق من حلول بديلة سوى ركن سيارتهم بجانب المنزل ريثما تنتهي هذه الأزمة بطريقة ما، أما الطلاب والموظفين من أصحاب الدخل المحدود، فبات يعمد الكثير منهم على المشي عوضاً عن البحث على وسيلة نقل، ولا زال الطلاب أيضاً يخشون من اقتناء دراجة هوائية، خشية مضايقات من عناصر الحواجز، أو مصادرة الدارجة، كما حصل عدة مرات بحجة “عدم وجود رخصة، أو رقم للدراجة.. الخ “.

ومن بين الحلول المؤقتة، هو جمع أكثر من مهمة على طريق واحد، أو ركوب عدد من الأصدقاء بسيارة واحدة.

طابور الانتظار

وتختلف مدة الانتظار بين محطة وقود وأخرى، لكنّ لن يقلّ عن ساعتين، وقد يصل إلى خمس ساعات، إذا ما حالفك الحظ وبقي هناك بنزين داخل المحطة، ويتناوب أحياناً أكثر من سائق على دور البنزين، فيأتي أحدهم وينتظر لمدة ساعتين، ثم ينزل من السيارة، ويأتي صديقه يتابع الدور وصولاً إلى محطة الوقود، ولا يمكن للسائق أن يملأ سيارته بأكثر من 20 ليتر إلا إذا دفع مبالغ رشوة قد تصل إلى 4000 ليرة، أي ثمن تنكة أخرى، ويُستثنى من ذلك بكل تأكيد “المدعومين وأصحاب البدلات المموهة”.

ووصل دور كازية الأزبكية وسط العاصمة دمشق يوم أمس إلى شارع بغداد، بينما وصل دور كازية الربوة إلى المزة.

محطات الوقود في اللاذقية تغلق أبوابها 

وفي اللاذقية، نفت مصادر محلية ما قالته إذاعة (شام إف إم) المقربة من النظام، عن انحسار أزمة البنزين في محافظة #اللاذقية، واختفاء طوابير السيارات التي اصطفت أمام محطات الوقود لتحصيل أكبر كمية من #المحروقات بعد انتشار إشاعات عن نية النظام مضاعفة سعر الصفيحة الواحدة لتصبح 9000 ليرة بدلاً من 4500.

وأكدت المصادر، أن اختفاء الازدحام يعود لخلو معظم محطات #المحروقات من البنزين والمازوت، ما جعل كثيراً منها يغلق أبوابه بوجه #السيارات التي انخفضت مخصصاتها لعشرين لتراً بدلاً من أربعين كل 48 ساعة وفق مصادر في حكومة النظام.

وأشارت المصادر إلى ان هذا #القرار يندرج ضمن بند خفض النفقات التي تشمل المحروقات، نظراً لصعوبة الحصول عليها بالكميات المطلوبة للاستهلاك.

يشار إلى أن إيران كانت مسؤولة عن توفير كميات البنزين اللازمة للاستهلاك في مناطق النظام، غير أن إعلان رئيس حكومة النظام (عماد خميس) عن توقف الخط الائتماني الإيراني منذ ستة أشهر، وفشل جميع محاولات فك جموده، أدت إلى أزمة المحروقات الخانقة التي اجتاحت غالبية المحافظات، والتي لا يبدو أنها ستحل في القريب العاجل، بحسب المصادر.

إعداد: سعاد العطار، سلمى الخال – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.