بوادر التقارب بين حماس والنظام السوري… هل تنتهي إلى عودة العلاقات إلى ما قبل عام 2012؟

بوادر التقارب بين حماس والنظام السوري… هل تنتهي إلى عودة العلاقات إلى ما قبل عام 2012؟

تقارير (الحل) – تزداد يوماً بعد يوم، المؤشّرات التي تدل وبقوّة على إمكانية عودة العلاقات بين النظام السوري وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وذلك بعد قطيعة استمرّت بين الطرفين منذ عام 2012.

يأتي ذلك في ظل التقارب غير المسبوق بين حركة #حماس والسلطات الإيرانية، والتي توّجت بعودة وفد من حماس لزيارة طهران بعد قطيعة امتدّت سنوات وقد أعلنت الحركة استنكارها يوم أمس لقرار أمريكي يقضي باعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.

وبما أن إيران هي حليفة النظام السوري الأولى، فإن عودة علاقاتها مع حماس تعني بشكلٍ أو بآخر فتح الأبواب أمام عودة علاقاتها مع النظام السوري.

من القطيعة إلى الغزل السياسي

في أواخر عام 2011، أي بعد أشهر على اندلاع الثورة السورية، أغلقت حركة حماس مكتبها في العاصمة السورية دمشق، وغادرت سوريا إلى غير رجعة.

وغادر حينها، معظم رموز الحركة – باستثناء رئيسها #خالد_مشعل – متضمنين الوجه الثاني في الحركة موسى أبو مرزوق.

سبق هذا الإجراء توتّر في العلاقة بين النظام السوري وحركة حماس، إزاء موقف حماس الذي كان قد دعم الحراك الثوري والتظاهرات السلمية ضد نظام الأسد، ورفعت علم الثورة السورية في #قطاع_غزّة في عدّة مناسبات.

بعد المغادرة، تبعثر قادة الحركة بين قطر وتركيا وعمان ودول أخرى، حيث ساءت العلاقات بين النظام والحركة إلى حد القطيعة التامة وتبادل الاتهامات.

بقي الأمر هذا على حاله حتّى حزيران 2018، عندما أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس #اسماعيل_هنية أن الحركة لم تقطع العلاقة مع النظام في سوريا، واصفاً مايجري في سوريا بأنه تجاوز”الفتنة” إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية.

وأضاف في حديثٍ لوكالة سبوتنيك الروسية: “سوريا شعبها ونظامها وقفوا دوما إلى جانب الحق الفلسطيني، وكل ما أردناه أن ننأى بأنفسنا عن الإشكالات الداخلية، التي تجري في سوريا، ونأمل أن يعود الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في سوريا وأن تعود إلى دورها الإقليمي القومي”، حيث مثّل هذا التصريح أول موقف معاكس للحركة.

المال الإيراني؟

خلال عامي 2017 و2018 زارت وفود من حركة حماس إيران عدّة مرات، مُعلنةً انتهاء القطيعة بين الطرفين، حيث كانت حماس على خلاف مع إيران، رافضةً فكرة زيارة طهران أوعودة العلاقات معها، في ظل حاجة طهران لمثل هذه العلاقات التي تعزّز نظريتها في “دعم محور المقاومة والممانعة”.

في نوفمبر 2017، زار وفد رفيع من حركة حماس العاصمة الإيرانية طهران، للتعزية بوفاة قائد “فيلق القدس” الإيراني، وتبع ذلك عدّة زيارات للحركة إلى طهران بعد أن أعادت العلاقات معها.

وقال أيمن أبو هاشم، المنسق العام لـ “تجمع مصير” (تجمّع مدني سوري فلسطيني لدعم الثورة السورية): “إن علاقة حركة حماس مع إيران تختلف على علاقتها مع النظام السوري”، موضحاً أن إيران لو كانت تعلم أن هناك مجال لإعادة العلاقة لكانت قد دخلت بالوساطة ولكن النظام السوري يرفض إعادة العلاقات مع حماس.

وبحسب أبو هاشم فإن النظام لم يعد لديه أي ثقة بحركة حماس، بعد الموقف الذي اتخذته من الثورة السورية وإعلان خالد مشعل عن تأييد الثورة السورية.

وأضاف المعارض الفلسطيني السوري في حديثٍ لـ “موقع الحل”: “حاولت إيران الإبقاء على حماس ضمن ما يعرف بدائرة المقاومة التي تهيمن عليها إيران، موضحاً أن إيران تحتاج حماس أكثر من حاجة حماس للإيرانيين.

كما أشار إلى أن حماس على الرغم من الأنباء عن وجود وساطة إيرانية، فإنّها غير متشجّعة لإعادة فتح العلاقات مع النظام السوري لأنّ هذه الخطوة سوف تؤدّي إلى فقدانها الامتداد الشعبي في عمق العالم الإسلامي.

وأوضح أنّه بعد ثورات السودان والجزائر، فإن حماس ستكون متردّدة بفتح خط من النظام السوري على الرغم من وجود تيار داخل حماس يؤيّد ذلك، ولكن القواعد الثابتة في الحركة ترفض التطبيع مع النظام.

وكان موقع “المونيتور” الأمريكي، قد نقل عن مسؤول إيراني قوله: “إن إيران تتوسط بين النظام السوري وحماس منذ مطلع عام 2017″، مشيراً إلى أن العديد من الاجتماعات جمعت قادة إيران و”حماس” لتحقيق هذا الهدف.

وأوضح المصدر ذاته، أن النظام السوري يواصل إدراك خروج قادة “حماس” من دمشق في عام 2012، واستقرارهم في قطر وتركيا، وتصريحات بعض قادة “حماس” المؤيدة للثورة كانت بمثابة طعنة في الظهر، لكنه بيّن أن الوساطة الإيرانية ووساطة “حزب الله” اللبناني خففت من موقف دمشق تجاه “حماس”.

ويوضّح أبو هاشم أن قبول حماس بالمال الإيراني بحجّة الضغوط المالية لن يكون مقبولاً من قبل الفلسطينيين، لأن حماس كحركة ثائرة يجب أن تكون ضد أي دولة قمعية سواء إيران أو النظام وأن تكون على النقيض من هذه الدول.

هل تكفي المصالح المشتركة لعودة العلاقات؟

ويرى  أيمن أبو هاشم، المنسق العام لـ “تجمع مصير” الفلسطيني السوري، أن خطوة عودة العلاقات بين النظام وحماس إذا تمّت فإنّها سوف تؤدّي إلى شرخٍ بمصداقية “حماس” أمام الفلسطينيين والشعوب العربية الثائرة، وبالتالي سوف تكون خسارتها كبيرة على الصعيدين الرمزي والمعنوي، وعلى صعيد أنّها حركة مقاومة تعود لأحضان نظام استبدادي في المنطقة.

أما بالنسبة للنظام، فأوضح أبو هاشم أنّه نتيجة العزلة والتهتك من الداخل السوري بعد قضية الجولان وإعادة رفات الجندي الإسرائيلي التي أسقطت عنه ادعاءات المقاومة، فإنّه قد يحاول إعادة العلاقات مع حماس على الأقل من أجل إعادة تثبيت روايته المهزوزة ولكنه بالمقابل استبعد عودة العلاقة إلى سابق عهدها كما كانت الثورة السورية.

وقال أيضاً: “تعامل النظام مع الفصائل الفلسطينية على مبدأ أنّه الذراع المهيمن والمسيطر، وبالتالي يريد لحماس أن تبادر بالعودة حتى في ظل حالة الحصار التي يعيشها”.

يعتقد أبو هاشم أن الوضع حالياً غير مهيّأ لعودة العلاقات بين الطرفين، لأن “حماس” لديها فصل بين علاقاتها بالنظام وإيران، كما أن النظام ليس لديه مصلحة باحتواء حماس حالياً.

تقرير: منار حداد – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.