سوريا وأزمة البنزين: ابتزاز إيراني أم عقوبات اقتصادية صارمة؟

سوريا وأزمة البنزين: ابتزاز إيراني أم عقوبات اقتصادية صارمة؟

(الحل) – تفاقمت أزمة توفر المشتقات #النفطية في سوريا خلال الأيام الماضية بشكل لم يسبق له مثيل منذ اندلاع الثورة ضد النظام في 2011.

وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع مصورة لطوابير امتدت مئات الأمتار، بهدف الحصول على مخصصات #البنزين أو المازوت والغاز.

في حين، اتسمت ردود فعل حكومة النظام حيال أزمة #المحروقات بالإرباك والتخبط، وتناقضت تصريحات مسؤولي الحكومة حول سبب الأزمة والمسؤول عنها.

كما تخبطت إجراءات الحكومة وقراراتها لمواجهة الأزمة، إذ خفضت المخصصات للسيارات، ودعت وزارة أوقاف النظام خطباء المساجد لمحاربة ما أسمته “مؤامرة” أزمة المحروقات، الأمر الذي يوحي بأن الأزمة ستطول، ولا أفق لانفراجها على المدى القريب.

وقال مدير محروقات دمشق (مصطفى حصوية)، في مقابلة مع قناة (الإخبارية السورية) المقربة من النظام، قبل أسبوع، إن “سبب الأزمة يعود لتوقف الخط الائتماني الإيراني منذ تاريخ 20/10/2018”.

وكان النظام يستورد من #إيران نحو 2 مليون برميل شهرياً، وفي بعض الأحيان 3 ملايين برميل، بحسب حصوية.

ونفى وصول أي باخرة محملة بالنفط قادمة من إيران أو غيرها من 20/10/2018، مؤكداً أن “العقوبات الاقتصادية سابقًا كانت محدودة ولم يكن هناك تدقيق على ناقلات النفط، لكن حالياً طالت العقوبات الناقلات بالاسم، الأمر الذي أوقف التوريد”، على حد تعبيره.

لماذا لم تنجح إيران في تصدير النفط على سوريا برَّاً؟

في شهر كانون الثاني من العام الحالي، أصدرت منظمة (أوبك) تقريراً قالت فيه إن “إيران قامت في شهر كانون الأول، بتقليص إنتاجها من النفط بمقدار 561 ألف برميل يومياً ليصل الإنتاج إلى 2.769 مليون برميل يومياً”.

وانعكس هذا الانخفاض في الإنتاج على صادرات إيران من النفط الخام، إذ كشفت وكالة “رويترز” للأنباء عن انخفاض صادرات إيران من النفط في شهر نيسان الحالي إلى أقل مستوى يومي لها هذا العام.

وذلك يعني أن المستوردين يبتعدون عن شراء النفط خوفاً من العقوبات #الأمريكية المفروضة على هذا القطاع، حيث كان حجم الصادرات اليومي أكثر من مليون و100 ألف برميل في الأشهر الماضية، فيما وصل معدل الشحنات الشهر الجاري بأقل من مليون برميل، بحسب “رويترز”.

الصحفي الاقتصادي (أيمن محمد) أشار إلى أن “نتائج العقوبات الأمريكية بدأت تظهر بشكل واضح على العلاقة بين إيران والنظام، فمعظم شحنات المشتقات النفطية التي حاولت الوصول من إيران إلى سوريا توقفت، مما يعني أن إيران لم تعد قادرة مواصلة دعمها للنظام، إلى جانب الخسائر الهائلة في القطاع النفطي الإيراني الذي يشكل أحد أهم أعمدة الاقتصاد لديها”.

وأضاف محمد لموقع الحل أن “النظام وإيران حاولا توريد المشتقات النفطية عن طريق البر، وتم بالفعل وصول العديد من الصهاريج خلال الأيام الماضية، إلا أن تكلفتها مضاعفة مقارنة بالنقل البحري، ما دفع النظام إلى إنشاء عدد من الكازيات المتنقلة التي تبيع سعر ليتر البنزين بـ 600 ليرة، وبأعلى من سعر دول الجوار الذي يقدر سعر الليتر هناك بنحو 500 ليرة سورية، وهو ما يدل على طول أمد الأزمة، وتوجه النظام إلى رفع الدعم عن المحروقات وبيعها بالسعر العالمي”.

العقوبات الأمريكية جففت تدفق النفط إلى مناطق النظام

وبحسب صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية في تقريرها الذي صدر نهاية الشهر الماضي فإن “إيران كانت تزود النظام يومياً بنحو 66 ألف برميل، حتى نهاية العام الماضي، وحالياً صهاريج التخزين في ميناء بانياس فارغة، حيث لم تتمكن إيران من إيصال النفط إلى سوريا منذ بداية العام الجاري”.

“وضربت العقوبات الأمريكية شريان النفط الإيراني إلى سوريا، ما أدى إلى وقوع خسائر غير مسبوقة في تدفق النفط الخام الذي يستمر بمواجهة القيود الدولية طويلة الأجل، بعد أن كان النفط الإيراني عامل إدامة لبقاء (بشار الأسد) خلال سنوات الحرب”، بحسب الصحيفة.

وأوضحت أن “العقوبات الأمريكية المتتالية المفروضة على إيران وسوريا وحلفائهما أدت لتجفيف تدفق النفط الخام إلى سوريا، ما دفع النظام إلى الاعتماد بشكل أكبر على أسطوانات الغاز القادمة من روسيا، وهو مصدر آخر يخضع أيضاً للعقوبات، في حين تواصلت الولايات المتحدة مع حلفاء إقليميين لمراقبة ناقلات النفط التي تنتقل من شبه الجزيرة العربية إلى قناة السويس في طريقها إلى الموانئ السورية”.

في حين، أكد مصدر مطلع في وزارة النفط التابعة للنظام لموقع (الحل) أن “العقوبات المفروضة هي الأكثر صرامة منذ بدء الثورة في سوريا، فقد أوقفت عدة شاحنات في مياه المتوسط خلال الأشهر الماضية كانت تحمل مشتقات نفطية إلى سوريا، وكان منها يعمل تحت غطاء شركات أوروبية، ولم يقف الأمر عند ذلك بل تم توقيف عمل أكثر من30 باخرة تزود النظام بالنفط والغاز من روسيا، وتم تحذيرها بفرض عقوبات عليها من قبل الولايات المتحدة إذا ما استمرت بمد النظام”.

وأضاف المصدر أن “الشحنات النفطية الروسية انخفضت لكنها لم تتوقف نهائياً كما هو الحال في الناقلات الإيرانية”، نافياً وجود أي خيار لدى وزارة النفط حالياً لسد الاحتياجات، سوى الاستيراد عن طريق البر، أو عقد اتفاقيات مع قوات سوريا الديمقراطية، إلا أن جميع هذه الخيارات تبقى غير كافية في ظل الاحتياجات الحالية واليومية من البنزين والنفط بشكل عام.

واشنطن تكشف حيلة تهريب النفط إلى النظام

تحدث موقع (أويل برايس) المهتم بقطاع الطاقة في العالم في تقرير له نشر في كانون الأول الماضي، أن الولايات المتحدة كشفت عن حيلة معقدة تتضمن شركات وأفراد في روسيا وإيران وسوريا يعملون معاً لنقل النفط إلى النظام، والتي كانت متبعة منذ العام 2014، وسهلت نقل ملايين البراميل من النفط إلى النظام، وسهلت نقل مئات الملايين من الدولارات من الحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله اللبناني.

وأضاف الموقع أن هناك شخصية سورية تدعى (محمد عامر الشويكي) ولديه شركة في روسيا تحمل اسم (غلوبال فيجين غروب)، الذي كان يتعامل مع شركة (تدبير كيش) الطبية الممولة من قبل البنك المركزي لإيران لتحويل الأموال، ولكلا الشركتين حساب مصرفي في بنك (مير) للأعمال في روسيا، وهو تابع بالكامل لبنك (ميلي) الإيراني، وبما أن الشركة الواجهة هي منظمة (طبية)، أي أنها تتعلق بالحاجات الإنسانية، لذا لا يمكن تطبيق العقوبات عليه.

وأوضح الموقع، أن الدور الروسي كان متمثلاً باتفاق بين شركة (برومسيروإمبورت)، وهي تابعة لوزارة الطاقة الروسية، مع شركة لـ(غلوبال فيجين)، وتسهل الشركة الروسية شراء النفط الإيراني من شركة النفط الإيرانية الوطنية وشحنه إلى سوريا، إذ كان يتم الشحن عن طريق بعض السفن من قبل شركات أوروبية.

العقوبات على إيران ستضيف أزمات جديدة إلى اقتصاد النظام

ولفت الصحفي الاقتصادي (أيمن محمد) إلى أنه “في حال استمر نطاق العقوبات على إيران على هذه الوتيرة، سنلاحظ أزمات متتالية ستعصف بالنظام في سوريا، وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى انكماش الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد بشدة على النفط، بنسبة 4%”.

وختم محمد حديثه قائلاً إن “هناك احتمالية بتوقف إمدادات النفط من إيران إلى النظام للضغط عليه وعلى روسيا بعد محاولات إخراج إيران من سوريا، إذ تتجه أنظار إيران حالياً إلى استثمار مرفأ اللاذقية الذي سيدخل اتفاقه حيز التنفيذ أواخر العام الحالي وسط معارضة روسية، ومطالبة النظام بمزيد من التنازلات مقابل إعادة تفعيل الخط الائتماني المتوقف منذ أشهر”.

إعداد: حسام صالح – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة