المافيا المالية الداعمة للنظام من تعهدات الحروب وحتى إعادة الإعمار

المافيا المالية الداعمة للنظام من تعهدات الحروب وحتى إعادة الإعمار

(الحل) – بعد انتهاء  الحرب العالمية الثانية تحولت المدن الأوربية إلى مدن أشباح القارة العجوز أصبحت كالخراب وبالذات ألمانيا التي نالها اكبر قدر من التدمير ومن شارك الخرب نفسه فرض شروطه في إعادة الاعمار التي انطلقت عبر مشروع الماريشال نسبة لوزير الدفاع الأمريكي آنذاك لم يكن للأوربيين القدرة على النهوض وإعادة الاعمار دون أمريكا التي وضعت الشروط لبدء إطلاق عملية الاعمار، المحاربون يشعلون الحروب ويعملون على تغذيتها بالسلاح والمال وبعد انتهاء اللعبة يقودون عملية الاعمار وهكذا تدور عجلة المال والاقتصاد سواء بالحرب أو البناء لا فرق من يدير دفة الاقتصاد العالمي المهم أن تكون الأرباح مضمونة أما ملايين الأرواح التي سقطت وتسقط فهي مسألة أخرى لا تعني لمشغل الحرب شيئاً.

الميلشيات الطائفية دمرت البلاد

هناك حروب في منطقتنا تم الإعلان عن نهايتها ولم يجر البناء رغم الأموال التي تم جمعها لا بل زادت الأمور سوءا العراق نموذجاً وحتى لبنان لم يستطيع حتى اليوم التعافي من حربه الأهلية فالفساد الذي أوصل الأطراف المتصارعة إلى القتال هي نفسها تحكم اليوم، وكذلك العراق الذي تم تقسيمه طائفيا ليحكمه نفس الفئات التي ساهمت بعمليات الفساد الكبرى من يتجول في أي مدينة عراقية سيرى بعينه ماذا فعل هؤلاء السياسيون.

سوريا لا تختلف كثيرا عن البلدان المجاورة وما حصل فيها من دمار، فمنذ قيام الثورة السورية، وحتى اليوم يسعى #النظام الحاكم لجعل الشعب السوري مذنبا بحق نفسه، وبأنه هو السبب في تدمير البلاد لكن لا يمكن لأي عاقل إلا وان يرى ما فعله البراميل، ومن كانوا يدعمون النظام عسكريا (روسيا، وإيران) ومن خلال المليشيات الطائفية الإيرانية والعراقية واللبنانية، وبشهادة كل متابع للشأن السوري بأن هؤلاء الحلفاء والمليشيات، هم من قاموا بتدمير البلاد دون أن ننسى قوات التحالف التي تكفلت بالمناطق الجنوبية، وعليه فإن مسألة إعادة الاعمار بعد الحروب هي تحصيل حاصل لكن بشروط المانحين لا يمكن إطلاق العملية قبل الاتفاق الدولي على ذلك، وهناك خلافات كبيرة بين الأطراف الدولية بهذا الخصوص ويمكن تقسيم إعادة الاعمار إلى قسمين أو فريقين.

فريق متحالف مع النظام وآخر ضده

إعادة إعمار النسخة الروسية-الإيرانية باتت معروفة، فالروس تحديدا يربطون إعادة الاعمار بانتصاراتهم العسكرية وأحقيتهم في الاستفادة من العقود المبرمة دون أي منازع، وهو كذلك إيران  فحسب رأيهم الفضل يعود إليهم بحماية النظام من السقوط، وبالتالي هم يجب أن يستفيدوا من ما يسمى إعادة الاعمار، أما النسخة الدولية باتت معروفة المعالم، ويخشى المنتقدون أن الأموال القادمة من الخارج لإعادة الإعمار- التي تقدر تكلفتها في حدود 250 مليار دولار بحسب الأمم المتحدة و400 مليار وفقا للنظام- ستزيد من ثراء رجال الأعمال هؤلاء، وخاصة الذين كانوا سنداً للنظام لكي لا يسقط على الأقل اقتصادياً، أو بدفع رواتب «الشبيحة» الذين يقاتلون معه، مع ازدياد حجم الفقراء والمحتاجين والبطالة بسبب الحرب التي النظام سبباً في استمرارها.

وطبقا لدراسة تدعمها الأمم المتحدة، تضاعفت نسبة السوريين الذين يعيشون في فقر مدقع (أي بأقل من 1.9 دولار في اليوم) لتبلغ 69% منذ عام 2011.

وأفاد مسح أجراه البنك الدولي بأن ما تبلغ نسبته 56% من المؤسسات التجارية السورية إما أغلقت أبوابها وإما انتقلت إلى خارج البلاد منذ عام 2009.

وارتفعت معدلات البطالة –حسب دراسة أخيرة- إلى أكثر من 50% بحلول عام 2015 بعد أن كانت دون 10% في 2010. وأدى ارتفاع تكاليف المعيشة مع ركود الأجور وتراجع القوة الشرائية لدى الأشخاص إلى معاناة السوريين في الحصول على احتياجاتهم الأساسية.

حروب جديدة بهمة الدول الضامنة

إن السؤال الذي يطرح نفسه، أليست هناك مؤسسات خيرية لتقديم المليارات؟ الإجابة بكل بساطة ستكون نعم؛ لكن هناك شروط ولا أموال دون شروط ورغم ذلك لا يمكن تنفيذ أي خطة من هذا القبيل إذا لم تبدأ العملية السياسية والمصالحة الوطنية ومحاسبة مجرمي الحرب، ومن يضمن بأن الأموال ستوظف من اجل إعادة الاعمار ومن يضمن أن لا تنشب حروب جديدة؟

تدل كل المؤشرات على أن #سوريا لن تكون أفضل حالا من لبنان والعراق  والمحاصصة الطائفية ستفعل فعلها، وإذا كان #الفساد الجديد لن يكون بأقل من الفساد القديم، ولا بوادر في الأفق توحي بانتهاء #الحرب والحديث يدور الآن عن حربين قادمين فهناك التهديدات المستمرّة من روسيا بضرب إدلب، وأيضاً مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والتهديدات اليومية من تركيا تارة، ومن النظام تارة أخرى، أين ومتى التوقيت يعلمه مشغلو #الحرب أنفسهم اللذين يتحدثون عن إعادة الاعمار ومناطق خفض التصعيد (تركيا، #روسيا، و#إيران).

تقديرات لجنة «الإسكوا»

وفق الدراسة التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا» والتي كانت بعنوان: «برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا»، ونشرتها مطلع العام 2017 في بيروت، وتناولتها مختلف الوسائل الإعلامية، قدرت الدراسة حجم خسائر الحرب في سوريا بــ 327.5 مليار دولار. وحسب تحليل لـ«مركز توثيق الانتهاكات في سوريا» للدراسة، فإن هذا الرقم لا يقترب من تقديرات البنك الدولي، الذي أكّد في تقرير له، نُشر في تموز 2017 بعنوان «خسائر الحرب… التبعات الاقتصادية والاجتماعية للصراع في سوريا»، أن الاقتصاد السوري خسر 226 مليار دولار جرّاء الحرب.

وقدم المركز آلية الدراسة من خلال لغة الأرقام، عبر دراسات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية ذاتها، إذ «تقسّم الإسكوا في دراسة لها كلفة الحرب السورية إلى 227 مليار دولار بسبب الفرص الضائعة، و100 مليار قيمة الدمار الفيزيائي»؛ لكن ذهبت دراسات أخرى لتقديرات أكبر، وينطلق مركز توثيق الانتهاكات من تلك التقديرات من خلال «الكتلة المالية التي تحتاجها إعادة إعمار كل قطاع وفقاً للخسائر» وبتوزيعها على مختلف القطاعات الحيوية جاءت كالتالي: «وصلت إلى 111 مليار دولار في العقارات،  و 75 مليار دولار في الصناعة، و 45 ملياراً  ضمن قطّاع الخدمات، يُضاف إليها 24 مليار دولار في الخدمات العامة، و 18 ملياراً في مجال النقل والاتّصالات، و 15 ملياراً في الزراعة، و 12 ملياراً في الخدمات المالية».

دكتور جامعي: اعملوا لإعادة الإنتاج والتصدير

يقول الدكتور عبد الصمد اسماعيل الأستاذ الجامعي في جامعة قرطبة الخاصة في جزئية إعادة الإعمار: «إعادة الإنتاج والتصدير أفضل بكثير من إعادة الاعمار، لذلك يجب العمل على إعادة البنية التحتية للعمل أولا ثم عمرة المؤسسات الإنتاجية، ودعم التصدير بالتوازي مع دعم المزارعين وتشجيعهم للعودة لقراهم ومزارعهم».

ويشدد الدكتور «محمد» في حديثه: «أما سوى ذلك فهي بداعي تقديم الفائدة للشركات والدول الفاعلة عسكريا على الأرض السورية، وليس للشعب السوري،  وحين تشغل اليد العاملة بمداخيل مناسبة سيقومون بإعمار منازلهم أيضاً؛ أما إذا جعلت الآخرين يعمرون لهم، فأنت تثقل كاهلهم بأعباء جديدة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في حال حملت الدولة تلك الديون. لأنه بالنهاية الدولة تستمد مواردها من ثروات الوطن التي هي ملك للشعب؛ أو تثقل كاهلهم بالضرائب لزيادة مواردها».

ويضيف الدكتور شوقي «ليست هناك مؤسسات خيرية في عالم المال والأعمال لتضخ للسوريين 300 مليار كهبة، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: هل بإمكان الحكومة السورية أن تقطع علاقاتها مع الدول الفاعلة على الأرض عسكريا، والتي تريد أن تقوم بمشاريع الاعمار؟».

ويتابع الدكتور عبد الصمد اسماعيل تشخيصه للحالة، مؤكداً «قولاً واحداً الأولوية لإعادة الإنتاج والتصدير، ونحن لا يحكمنا القانون كما ألمانيا؛ وإنما يحكمنا الفاسدون وبالتالي أيّة عملية سيكون هناك كمبرادور مستفيد، علما ونتيجة مشروع مارشال كانت التبعية الاقتصادية والعسكرية لأمريكا حتى اليوم، وسيادة الدولار كعملة عالمية ورحيل ثلثي الذهب العالمي لأقبية الاحتياطي الفدرالي الأمريكي».

سوريا البقرة الحلوب

إن الحديث عن إعادة الاعمار بالنسبة لمن اكتوى بنار الحرب وفقد عزيزاً وتهدم منزله ليس كمن كان يطيل عمر الحرب كي يحصل على مكاسب جديدة، ومن غير المنطق والمعقول أن تكون نفس القوى التي تحاربت أن تعيد البناء، وهي لن تعيد البناء بل إعادة الاعمار الذي سيكون بمثابة باب آخر للسرقة، تتحين له هذه القوى سواء داخل النظام أو خارجه، فالأموال في أي حال من الأحوال لن تصب في القطاعات الإنتاجية وخاصة الصناعة والزراعة، والنهوض بهما كي تكون قاعدة الانطلاق، لأن إنقاذ هذين القطاعين والنهوض كما ينبغي سينعكس على مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة، لكن الواقع يثبت عكس ذلك وهذا ما يبدو واضحاً من الدول الداعمة للنظام، لذلك من ينتظر هذه البقرة الحلوب «إعادة الاعمار» عليه أن ينتظر كي يحلبها كما حلب البقرات سابقاً.

 

إعداد: إبراهيم نمر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.