أرهبها «داعش» واستهان بها المجتمع… «الحفّافة» تعيل عائلات بأكملها

أرهبها «داعش» واستهان بها المجتمع… «الحفّافة» تعيل عائلات بأكملها

ديرالزور (الحل) – «الحفافة» صفة تطلق في ديرالزور، على المرأة التي تعمل في مجال التجميل، وعلى وجه الخصوص من تزيل شعر الوجه وتنسق الحواجب، وكان البعض يستهين بهذه المهنة ويقلل من قيمة اللواتي يزاولنها، باعتبارها لا تحتاج لمهارات عالية، أو مستوى تعليمي معين، حتى اثبتت تجربة الحرب عكس ذلك، فمثل هذه المهن كانت المنقذ في إعالة أسراً كاملة وجنبت مزاوليها العوز والسؤال والضياع.

تنتشر هذه المهنة في الأحياء الفقيرة وفي القرى، حيث تغيب صالونات التجميل؛ أو تكون تكلفتها عالية إن وجدت، كما أن بعض النساء يفضلن زيارة «الحفافة» على صالونات التجميل وتعقيداتها، فـ«الحفافة» غالباً ما تكون ماهرة في تصفيف الشعر وملمة بطرق العناية بالبشرة، حتى أنها تساعد النساء في اختيار الملابس وتنسيقها للمناسبات.

بيت الأسرار
ولا تقتصر مهمة «حفافة» القرية؛ أو الحي على عملها فقط، فهي مستودع أسرار نساء المنطقة ومستشارتهنّ في مشاكلهنّ العائلية وهي مستمعة جيدة لشكاويهنّ وغالباً ما يتم استشارتها في اختيار العرائس واصطحابها عند التجهيز للأعراس، ويستفاد أيضا من خبرتها في أمور الطبخ والمنزل فتتم دعوتها للمساعدة في الولائم الكبيرة.

بدأت «أم حسن» العمل بعد أن أهملها زوجها نتيجة تواجده الدائم في لبنان للعمل وانقطاعه عن إرسال المصروف لها، هذا ما دفعها للعمل لتنفق على نفسها وعلى أولادها الخمسة. تقول «أم حسن» إنها اضطرت لإخفاء أمر عملها عن أهلها لكي لا يقوموا بتطليقها من زوجها وإبعاد أطفالها عنها.
أما عن مهنتها «الحفافة» فهي تقضي وقتها باستقبال النساء في بيتها أو زيارتهنّ في بيوتهنّ، وتحظى بثقتهنّ لدرجة أن الكثيرات لجأن إليها في موضوع تزويج اولادهنّ وتجهيز بناتهن للزواج. وتحكي «أم حسن» ممازحة، كيف أتمت زيجات ناجحة على الرغم من زواجها ومشاكله التي لا تنتهي.
وتضيف أن المقابل المادي التي تتلقاه فهو قليل جداً، ولكن بعض النساء اللواتي يعلمن بصعوبة حالها «يكرمنها» بالأجرة كما أنها تحصل على هدايا ومبالغ جيدة عند نجاحها في زيجة.

«الحفافة» في زمن سيطرة «داعش»
تغلب القوة التي تسيطر على المنطقة دوراً في عمل «الحفافات»، ففي زمن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) تم تحذير العاملات في هذا المجال من «التنمص» وهو إزالة الحاجب، والتزين بأشكاله كافة تحت طائلة عقوبات مثل «الجلد».
«ليلة» هي «حفافة» تعرضت للتهديد بالجلد إن عادت لـ«التنميص» وذلك بعد أن تم الامساك بإحدى زبوناتها واعترافها بأنها قامت بتغيير شكل حواجبها عند «ليلة» إذ قام شقيقها بمنعها، بعد هذا التهديد، من العمل على الرغم من أنه عاطل عن العمل والعائلة بأكملها تعتمد على ما تجنيه «ليلة» من عملها.

و«الحفافة» هنا هي مجرد مثال على أعمال صغيرة تقوم بها النساء في مناطق شحت فيها مصادر الرزق، وتعطلت سبل الحياة بحرية، إما بسبب سيطرة مجموعات متطرفة؛ أو ميلشيات حرب أو حتى تسلط مجتمع ذكوري، يطالب المرأة بالإنتاج ويحرمها حرية الاختيار، ومع ذلك تثبت النساء عبر ممارسة أي نوع من الأعمال أنهنّ مصدر قوة واستقرار لمجتمعاتهنّ حتى في أسوأ الظروف.

 

إعداد: عدي العبدالله – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.