الزنازين البالغ مساحتها عشرين متر مربع، مهيأة لاستقبال عشرين معتقلاً فقط، إلا أنها تضم في الوقت الحالي نحو خمسين معتقلاً، في حين تشير مصادر أمنية إلى أن نسبة الإشغال تبلغ اليوم 150% في السجون العراقية، ولن تستطيع تلك السجون بأي حال من الأحوال استقبال آلاف المعتقلين الجدد الذين يحتمل إرسالهم بعد محاكمتهم أمام المحاكم العراقية.

————————————————

ترجمة خاصة- الحل العراق

نشرت وكالة فرانس برس تقريراُ تناولت فيه مخاطر من أن تصبح #السجون_العراقية بؤرة جديدة للجهاد والجهاديين، فالعراق يقدم نفسه اليوم كمنقذ للدول الغربية ويقترح محاكمة #الجهاديين الأجانب الذين لا ترغب بهم بلادهم مقابل مبالغ مالية طائلة إلى جانب محاكمته لجهادييه المحليين.

 لكن السجون العراقية التي تعاني أصلاً من الازدحام بإداراتها الفاسدة كباقي مؤسسات الدولة قد تصبح “جامعة للجهاد” هذا بالإضافة إلى ما هي عليه الآن بالفعل يحذّر العديد من الخبراء والمراقبين.

ويحذّر التقرير من أن الاعتقال كان لحظة مهمة ومرحلة حاسمة للكثير من الشخصيات الجهادية بدءاً بـ #أبو_بكر_البغدادي زعيم تنظيم (#داعش) الذي فقد آخر معاقله نهاية شهر آذار الماضي في #سوريا والذي لا يزال مصيره مجهولاً.

فبعد الدخول الأميركي للعراق عام 2003 تم الزج بالبغدادي في معتقل “بوكا” وهو سجن كبير أقامته #واشنطن جنوبي العراق، وقد تم إغلاق هذا السجن عام 2009. وكان قد أطلق على مركز الاعتقال هذا حيث تجمّع جنباً إلى جنب كبار الشخصيات والضباط السابقين في نظام #صدام_حسين المخلوع مع سديم من الجهاديين اسم “جامعة الجهاد”.

ويبين “فاضل أبو رغيف” خبير في القضايا الاستراتيجية بأنه «انطلاقاً من الزنزانات التي هي أصلاً نشطة داخل السجون فإن من شأن الاعتقال أن يسهل تجنيد جهاديين جدد».

 حيث يؤكد “أبو رغيف” أن «هناك العديد من المعتقلين من ذوي الإيديولوجية السلفية ولديهم قوة إقناع كبيرة، ما يمكنهم من غسل أدمغة زملائهم المساجين وتجنيدهم».

من جهته، يوضح “هشام الهاشمي” مختص في الحركات الجهادية، بأن الحل «يكمن في عزلهم، لكن الأمر يتطلب الكثير من أعمال الصيانة المكلفة».

من جهة أخرى، تضيف “بلقيس ويل” من منظمة (هيومن رايتس ووتش) غير الحكومية، بأن «الزنازين مكتظة لدرجة أننا علمنا بموت بعض المعتقلين ليس بسبب التعذيب فقط وإنما بسبب الاكتظاظ».

وبحسب مصادر قضائية، فإن الزنازين البالغ مساحتها عشرين متر مربع مهيأة لاستقبال عشرين معتقلاً، إلا أنها تضم في الوقت الحالي نحو خمسين معتقلاً، في حين تشير مصادر أمنية إلى أن نسبة الإشغال تبلغ اليوم 150% في السجون العراقية.

وبالنسبة لـ “ويل” فإن السجون في العراق لن تستطيع بأي حال من الأحوال «استقبال آلاف المعتقلين الجدد الذين يحتمل إرسالهم بعد محاكمتهم أمام المحاكم العراقية».

وفي الانتظار، فإن هؤلاء المعتقلين موجودين اليوم في أقبية الأجهزة الأمنية ويتعرضون لكافة أشكال التعذيب، بحسب المدافعين عن #حقوق_الإنسان.

ويبين التقرير بأن جميع أو معظم هؤلاء المعتقلين، قادمون من المناطق السنية التي كان يسيطر عليها تنظيم (داعش) ثم دمرتها المعارك المتتالية لطرد هذا التنظيم، حيث لا يزال السكان المحليون بانتظار عملية إعادة الإعمار التي وعدت بها السلطات العراقية الخاضعة للهيمنة الشيعية.

ويحذر “أبو رغيف” من «أن تنظيم داعش “السني” المتطرف سوف يستغل هذا الإحباط ويلعب على الشعور بالظلم الذي يشعرون به».

ويضيف “أبو رغيف”: «مع عشرين ألف معتقل متهمين بأنهم على صلة بتنظيم داعش بحسب بعض الدراسات، وبالتأكيد فإن العدد أكبر من ذلك بكثير وفق المدافعين عن حقوق الإنسان، فإن ثقافة السجن هذه سوف تؤدي إلى ولادة معتقل بوكا من جديد».

في الوقت الذي يؤكد فيه “الهاشمي” بأن تنظيم داعش قد قام بالفعل بإنشاء شبكة من المعتقلين الجهاديين داخل #السجون مع وسائل تواصل متاحة.

من جهته، أكد مصدر من داخل أحد السجون العراقية بأن «المعلومات تدخل وتخرج من السجن وحتى أنها تنتقل من سجن إلى آخر بفضل الزوجات والأمهات والأخوات الوحيدات المسموح لهن بالدخول إلى صالات الزيارة».

وبالنسبة لمركز (صوفان) المختص بالقضايا الأمنية، فإنه لا بغداد ولا حتى حلفائها قد وجدوا حتى الآن حلاً لمواجهة هذا التهديد، «فالنظام القضائي العراقي قد عفا عليه الزمان تماماً، وفي الوقت ذاته، فإن الدول الغربية التي ينتمي إليها الكثير من الجهاديين لا تتحمل مسئولياتها باتجاه رعاياها» يضيف المركز متهماً.

ويشير التقرير، إلى أن العراق سبق وأن عرض محاكمة الآلاف من الجهاديين الأجانب والمعتقلين اليوم في سجون أكراد سوريا مقابل مبلغ 2 مليار دولار على أقل تقدير.

لكن العديد من المصادر الغربية قد أبدت قلقها من هذا العرض، ولعل من المفيد التذكير بالهجمات التي تعرضت لها السجون العراقية في الماضي وهروب الكثير من الجهاديين الخطرين.

ففي سنوات التمرد والعنف الطائفي الذي أعقب الدخول الأمريكي للعراق عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين، تمكن مئات الجهاديين من تنظيم القاعدة في ذلك الوقت، بمن فيهم الكثير من الأجانب، من الفرار من السجون العراقية.

ويرى “الهاشمي” بأنه «في البلد الثاني عشر الأكثر فساداً في العالم، فإن الفساد قد وصل في السجون إلى مستوى عالٍ للغاية لدرجة يمكن معها للمعتقلين وحتى للجهاديين شراء حريتهم حتى بدون عنف».

وتختم “ويل” حديثها لفرانس برس قائلةً: «في الوقت الحالي، الشيء الوحيد المؤكد في بغداد هو أن السلطات لا تريد مطلقاً معتقل بوكا جديد».

لهذا السبب، ولو بشكل جزئي، فإن “ويل” تعتقد «اأن العديد من المتهمين قد حكم عليهم بالإعدام أو بالسجن المؤبد مدى الحياة، فالفكرة هي ألا يخرجوا أبداً من السجن لمنع أي تهديد قد يشكلوه إذا ما صاروا خارجه».


عن موقع FranceSoir- ترجمة الحل العراق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.