خاص (الحل) – بعد انتشارهم العلني طيلة سنوات في دمشق ومُحيطها، ينحسر التواجد الإيراني في العاصمة السورية «بالشكل الظاهر على الأقل»، وبقيت حركتهم وتواجدهم في أماكن محدودة، أو داخل منازل ومكاتب مغلقة، على حساب تمدّد وعلنية انتشار الشرطة الروسية، في دمشق القديمة ومحيط ساحة الأمويين وعدد من المواقع الحساسة داخل المدينة.

تقول مصادر موقع (الحل) أن «مكاتب القادة والشيوخ الإيرانيين لا زالت موجودة في المزة وكفرسوسة وأبو رمانة، وبين المنازل السكنية، لكنه طلب منهم أن يخففوا من أي مظاهر علنية، مثل ارتداء العباءة والعمامة، أو رفع صور أو أعلام تتبع لإيران أو حزب الله».

وتراجع الدور الإيراني بشكل تدريجي منذ دخول القوات الروسية إلى سوريا في أيلول 2015، وانسحبت الكثير من القوات والميليشيات الإيرانية بعد أن «أتمت مهمتها» في حلب في العام 2016.

وأدت الضربات الإسرائيلية المتكررة على المواقع الإيرانية في جنوبي البلاد إلى تفكيك الكثير من القواعد الإيرانية ونقلها بعيداً عن الحدود الإسرائيلية بمسافة تزيد عن 150 كم، وجاء ذلك بناء على الطلب الروسي المباشر من الحكومة السورية.

ويرجح محللون أن «الإيرانيين غاضبون أيضاً من تصرّفات النظام السورية المستكينة بشكل لموسكو، والراضخة لأوامرهم فيما يتعلق بالتواجد الإيراني في سوريا».

ولمّحت وسائل إعلامية إيرانية أكثر من مرة أن «الخلاف الروسي الإيراني لم يعد سرّاً، وأن موسكو لا ترّحب بالمقاتلين الأجانب على الأراضي السورية».

 

أين أعلام «حزب الله»؟

خلال جولاتها في مدينة دمشق، لاحظت مراسلة موقع (الحل) إزالة الإعلام الإيرانية ورايات «حزب الله» التي كانت منتشرة في أماكن كثيرة بدمشق القديمة وعلى حواجز التفتيش، وبقيت محصورة في محيط الأماكن الشيعية المقدسة في محيط مقام السيدة رقية في منطقة العمارة أو في حي الأمين أو حي زين العابدين في المهاجرين.

ولا تزال اليد الطولى لحزب الله وإيران في مناطق أخرى مثل سيدي مقداد والسيدة زينب جنوبي دمشق، إلا أنها ليست كذلك داخل أحياء المدينة.

ورغم انحسارها بشكل كبير، إلا أنها لم تختف كليّاً، فلا زالت موجودة داخل غرف الاجتماعات بمكاتب حزب الله على أوتستراد المزة، وداخل مكاتب بعض الجهات الأمنية التي تكنّ الولاء لإيران، وتستفيد بشكل مباشر من دعمها المادي واللوجستي.

وطلب رئيس فرع فلسطين من وجهاء أهالي  الأحياء الشيعية في دمشق، أن يخففوا من «صخب احتفالاتهم الدينية، وأن يزيلوا بعض الصور الكبيرة والشعارات التي تدعم الزعيم الإيراني الشيعي الخميني، أو قيادات إيرانية مثل قاسم سليماني».

ونقل أحد أهالي حي الجورة في دمشق القديمة أن دوريات فرع فلسطين أجرت دوريات على الحي المعروف بأغلبيته الشيعية، وشدّدت على إزالة هذه الشعارات.

وانسحب الحال بشكل أوضح وأقوى على بلدات في ريف درعا مثل الحارة ودير حافر، والتي اشتهرت بتواجد الإيرانيين الأفغان.

 

الجنود الروس يتبضعون في دمشق!

بالمقابل، بات من السهل ملاحظة وجود دورية شرطة عسكرية روسية على مدخل سوق الحميدية في دمشق القديمة، أو قرب ساحة الأمويين في المزة، أو في ساحة باب توما.

كما يُلحظ تجوال الجنود الروس بسحنتهم الشقراء وشعرهم الفاتح داخل مطاعم ومقاهي القيمرية.

وخلال العام الماضي، انحسرت جولات الروس بمرافقة سورية من الأمن العسكري، وبشكل جماعي، يحظر فيه على الناس الاقتراب منهم أو محادثتهم.

أما حالياً، فلا يمانع الجنود الروس من الوقوف والحديث مع السوريين، والتقاط الصور معهم، والمشي بدون مرافقة في شوارع المدينة.

كما يقول أصحاب محلات الأنتيكا في باب شرقي أن الروس يشترون كثيراً هدايا تذكارية وبعض القطع التراثية والتقليدية الدمشقية.

وتعلّم معظم الجنود الروس كلمات عربية رئيسية، لكن أبرز ما تعلموه هو كلمة «شاورما»، إذ ينقل عدد من أصحاب محلات الوجبات السريعة في منطقة القصاع أن الجنود الروس «أحبوا طعم الشاورما كثيراً ويطلبونها كلّما ينزلون في جولاتهم إلى دمشق القديمة».

كما لوحظ تواجد الروس خلال قدّاسات عيد الفصح الأخير بعدد من كنائس باب توما، وإن كان عددهم محدوداً، والتقط الأهالي معهم بعض الصور التذكارية.

 

هل يتحول الروس إلى «تفصيل يومي»

ويخشى الكثير من سكان دمشق من التمدّد الروسي الاجتماعي والثقافي، أكثر من خشيتهم من التمدّد العسكري، إذ بات التواجد الروسي «تفصيلاً يومياً» بعد أن دخلت اللغة الروسية إلى المدارس والجامعات والمعاهد، وتغلغلت الأعلام الروسية في الأسواق الشعبية والمحلات، وبات العلم الروسي مألوفاً على الثياب وبعض المنتجات.

وتزدادُ الخشية بتحول كل ذلك إلى «استعمار مباشر» كما وصفه صحفيون معارضون، أو «انتداب» بأحسن الأحوال!

 

إعداد: سعاد العطار – تحرير: سامي صلاح

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.