(الحل) – حرب غير معلنة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (#قسد) بريف #دير_الزور أطلقتها الأخيرة و#التحالف_الدولي، الداعم لها منذ أسابيع على ميليشيات تقوم بسرقة النفط وتهريبه من شمال شرق الفرات إلى غربه حيث مناطق سيطرة النظام والميليشيات الموالية له.

وكان منع تهريب النفط ومحاسبة القائمين على تلك العملية من أهم بنود التظاهرات التي خرجت مؤخراً  في بعض قرى وبلدات ريف ديرالزور الشمالي، للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية وتخفيض أسعار المحروقات.

شبكات تهريب منظمة

وبحسب مصادر محلية من داخل مناطق سيطرة «قسد» شرقي النهر، فإن «عمليات سرقة النفط وتهريبه إلى مناطق النظام، تتم وفق شبكة تهريب منتشرة في عموم خط الجزيرة، كانت تنفذ عملياتها في جنح الظلام في بادئ الأمر بعيداً عن أعين «قسد»، إلى أن انكشفت عملياتهم من قبل الأخيرة، والتي بدأت بملاحقة أعضاء الشبكة،، واعتقال بعضهم قبل أن يلوذ البعض الآخر بالفرار».

وقالت المصادر مفضلة عدم الكشف عن هويتها، في حديث لمراسل «الحل» إن «عمليات التهريب كانت مستمرة منذ أكثر من أربعة شهور وتتم بحذر شديد عبر ناقلات نفط وعبارات نهرية مجهزة بخزانات كبيرة، تنقل النفط ومشتقاته من شرق الفرات إلى غربه، وتشرف عليها شبكة مهربين تابعة لشركة «حسام قاطرجي» المعروف بدعمه للنظام، إذ تقوم قوات من الفرقة الرابعة ودوريات مشتركة للمخابرات الجوية والأمن العسكري، بحماية الصهاريج المعدة لنقل النفط، في الضفة الغربية لنهر الفرات» على حد قولهم.

«القاطرجي» وسيطاً وشريكاً

وفرضت الإدارة الأمريكية، في سبتمبر 2018، عقوبات على عدد من الأشخاص اتهمتهم بالعمل، كوسطاء، بين تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) والنظام السوري، كان من بينهم «القاطرجي»، والذي تربطه علاقة وثيقة برئيس النظام السوري «بشار الأسد».

محمد الناصر 38 عاماً (تاجر محروقات من ريف ديرالزور الشرقي) تحدث لموقع «الحل»، قائلاً: إن «قوات سوريا الديمقراطية، تمنع بشكل رسمي تهريب النفط إلى مناطق سيطرة النظام، وأيّ مخالف سيعرض نفسه للمسائلة والاعتقال، إذ شنت حملة اعتقالات في مطلع أبريل الفائت، طالت قرابة 14 شخصاً من قرى وبلدات  #الشحيل و#ذيبان  و#الحوايج بتهمة تهريب النفط عبر نهر الفرات إلى مناطق النظام من خلال شركاء لهم غربي النهر، واستمرت الحملة قرابة 10 أيام، تم خلالها تكثيف عمل الدوريات بالقرب من ضفاف نهر الفرات على امتداد الشهر الفائت».

وأشار إلى أن «بعض التجار كانوا يشترون برميل النفط الخام بسعر يتراوح قرابة 27 دولاراً للبرميل الواحد، من الآبار التي يشرف عليها مستثمرون متعاقدون مع (قسد)، بحجة تكريره وبيعه ضمن مناطق سيطرة الأخيرة، إلا أنهم يقومون ببيعه لعملاء (القاطرجي) الذين يقومون بنقله بعد عملية الشراء إلى غرب النهر» وفق قوله.

بحماية الفرقة الرابعة والأمن العسكري

وأورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن مصادر له وصفها بـ«الموثوقة»، أن «هناك تهريباً للنفط ومشتقاته، من مناطق (قسد) في شرق الفرات، نحو مناطق سيطرة قوات النظام في غرب نهر الفرات، عبر منطقة ريف دير الزور الشرقي، عن طريق شبكة مهربين واحدة تتوزع بين طرفي النهر يديرها أحد التجار الموالين للنظام ويكنى بـ(القاطرجي)».

يقول حسن 35 عاماً (من سكان بلدة #بقرص) اكتفى بذكر اسمه الأول لأسباب أمنية، إن «عملية نقل النفط من العبارات والناقلات القادمة من مناطق (قسد)، إلى الصهاريج التي تكون بانتظارها في منطقة الكب (لايذ)، كانت تتم في ساعات متأخرة من الليل، وقد نشطت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفق تشديد أمني من عناصر الفرقة الرابعة والأمن العسكري، ثم تتحرك الصهاريج بعد الانتهاء من تحميلها باتجاه مركز مدينة ديرالزور، وبرفقتها دوريات من العناصر المذكورة». على حد قوله.

ونقلت وكالة «فرات بوست»، التي تغطي أخبار المحافظة، في 7 مايو الجاري، «قيام طيران التحالف الدولي، باستهداف المعابر المائية بما فيها العبارات وناقلات النفط، المعدّة لتهريب النفط إلى مناطق سيطرة النظام من جهة بلدة بقرص (غربي النهر) ما أدى لتدميرها بشكل كامل».

وفي الأثناء أقدمت قوات خاصة أمريكية بالاشتراك مع دوريات ل«قسد»، على تفجير العبارات وناقلات النفط على ضفة نهر الفرات في بلدة #الشحيل (شرق النهر) وفق للوكالة ذاتها.

ولم يعلق التحالف الدولي بشكل رسمي على المعلومات المتعلقة بقصفه لعبارات نقل النفط في المنطقة.

(صور احتراق العبارة)

اشتداد الحصار على مناطق النظام

وقال مصدر عسكري في «قسد» لموقع «الحل»، إن «عناصر (قسد) بالاشتراك مع قوات أمريكية، احتجزوا خزّانات نفط عدّة، وأحرقوا خزّانات أخرى كانت معدّة للتهريب إلى مناطق سيطرة النظام عبر نهر الفرات قرب بلدة شحيل، دون ذكره لعدد الخزانات التي تمت مصادرتها أو التي أحرقت، وما الوجهات التي كانت ستُنقل إليها تلك الخزّانات» مشيراً هنا إلى أنهم «شددوا المراقبة أكثر على معظم طرق التهريب معتمدين على عناصرهم من أبناء المنطقة الذين على دراية أفضل بمداخل ومخارج هذه الطرقات، وذلك مع اشتداد الحصار على مناطق النظام، التي تعيش أزمة محروقات خانقة مؤخراً».

ولفت إلى أن «جهاز الاستخبارات التابع لهم، داهم أحد المنازل القريبة على أحد الخطوط الناقلة للنفط في المنطقة، إذ عثروا على أنبوب بلاستيكي استخدم كنقطة اتصال (وصل) بين الخط الناقل والمنزل الذي يستخدم للتهريب، إذ أسفرت العملية عن إلقاء القبض على ثلاثة متهمين وثلاثة صهاريج كانت تستخدم للتحميل والتهريب».

وسبق هذه العملية، إحباطهم لـ«محاولة سرقة أنبوب نقل للنفط بالقرب من حقل العمر النفطي بعد قيام مجموعة أشخاص بربطه بأنبوب بلاستيكي، عبر حفرهم تحت الأرض واختراق الأنبوب، إذ تمت مشاهدتهم من إحدى نقاط الحراسة التابعة لـ(قسد) وملاحقتهم على الفور»، مبيناً أنهم «لاذوا بالفرار، تاركين خلفهم عدتهم» وفق وصفه.

(فيديو مركز ديرالزور الإعلامي)

مجلس ديرالزور يتهم النظام بالبلبلة

ونقلت وكالة «نورث برس» تصريحاً عن قائد القوات الخاصة في #مجلس_ديرالزور_العسكري، (محمد أبو غزالة)، بأن «مجلس دير الزور العسكري، يقوم بمنع تهريب النفط من مناطق سيطرته إلى مناطق سيطرة النظام غربي النهر»، متهماً «النظام وميليشياته بالوقوف وراء البلبلة والتحريض الحاصلة في المنطقة مؤخراً» مؤكداً بأنه «لا يوجد أية قنوات تواصل بينهم وقوات النظام في المنطقة».

وأضاف أنهم «ضبطوا الكثير من عمليات تهريب للنفط صوب مناطق النظام، إلا أن الوضع الآن بات تحت السيطرة ويقومون بمحاسبة المهربين».

وفي سياق ذلك، أفادت مصادر محلية مطلعة من ريف ديرالزور الشرقي لموقع «الحل» ، أن «حملة التحالف الدولي و(قسد)  تأتي عقب ازدياد عمليات تهريب النفط مؤخراً من شرق الفرات إلى مناطق النظام  في غرب الفرات، والتي تعيش أزمة محروقات خانقة تجسدت في الوقوف لساعات طويلة في طوابير للحصول على (غالون)  مازوت أو بنزين».

وأوضحت المصادر، أن «أسعار معظم الاحتياجات الأساسية، بما فيها المحروقات، مؤمنة في مناطق (قسد) بأسعار أقل من مثيلتها في المناطق الخاضعة لنفوذ النظام، ما يدفع الأهالي إلى الانتقال من مكان نفوذ الأخير إلى الأولى، لشرائها وتوفير المال».

ونشرت وكالة «ديرالزور24» في 24 أبريل الماضي، تسجيلاً يظهر احتراق عبارة مائية لنقل النفط على الضفة الشرقية لنهر الفرات في بلدة بقرص.

وأوضحت الشبكة أن «العبارة كانت تحمل قرابة 40 برميلاً من النفط، قام عناصر (قسد) باستهدافها من الجهة الأخرى بواسطة الرشاشات الثقيلة، ما أدى لاحتراقها بشكل كامل، دون وقوع ضحايا بشرية».

(فيديو احتراق العبارة)

أهلها أدرى بشعابها

وتعيش عموم مناطق سيطرة النظام في سوريا، تفاقم حاد بأزمة الوقود، إذ لم تعد المؤسسات والوزارات التابعة لحكومة النظام قادرة على تأمين المحروقات لعناصرها ووسائل النقل التي تملكها، إذ انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوهات تظهر شوارع العاصمة دمشق، خاوية من السيارات نتيجة النقص الحاد بالمحروقات، ووقوف السائقين في طوابير كبيرة أمام محطات الوقود تصل ليوم كامل من أجل الحصول على حصة محددة من  المحروقات، بينما قام بعض الأهالي بالتنقل عبر الأحصنة كما وأظهرت صوراً أخرى تعطل الدراجات النارية للشرطة عن العمل نتيجة نفاذ الوقود.

كل ما تم عرضه آنفاً، سواءً اللقاءات والتصريحات؛ أو الاقتباسات من بعض المواقع، معظمها- إن لم يكن جميعها- من أبناء المنطقة مدنيين وعسكريين، لتكون المادة جزء من الصورة الحقيقية التي تجري في تلك المناطق، اعتماداً على وجهة نظرهم من ما يجري، عسى أن تكتمل المعلومات الموثقة لما يحدث لمصلحة أهلها وناسها.

 

إعداد: حمزة فراتي – تحرير: معتصم الطويل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.