دير الزور تعيش رمضان على الشموع و”شوربة” مقدمة من حكومة النظام

دير الزور تعيش رمضان على الشموع و”شوربة” مقدمة من حكومة النظام

الحل (دير الزور) – سحور وإفطار #رمضان على العتمة أو ضوء الشمعة في بعض الأحيانً..  مشهدٌ متكرر يومياً في رمضان لدى أهالي ريف دير الزور الشرقي، الخاضع لسيطرة قوات النظام والمليشيات الموالية لها.

التيار الكهربائي مقطوع عن تلك المناطق منذ ما يزيد عن ستة أعوام، محرومون من الفرحة بطقوس السحور والفطور واجتماعهم على مائدة واحدة.

ولا يقتصر الأمر على غياب التيار الكهربائي فحسب، فالمياه لا تزال مقطوعة أيضاً عن معظم البلدات والقرى، في حين تصل مياه #الشرب إلى بعض القرى معكرة ممزوجة بالأتربة ويتجنب الأهالي شربها أو استخدامها، ويصفها الأهالي ساخرين بأنه “شوربة جاهزة مقدمة من حكومة النظام بمناسبة شهر رمضان”.

شمعة كادت أن تتسبب بوفاة أسرة كاملة

عائشة الحميد (35 سنة من أهالي ريف دير الزور الشرقي)، قالت لموقع “الحل”، إنها وأطفالها الأربعة، تعاني الأمرّين في رمضان، لاسيما عند تحضير وجبة #السحور بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ما يدفعها لإشعال الشموع لتبديد العتمة ولو قليلاً، على حد تعبيرها.

“لا تستطيع العائلة، توفير #الشموع في كل وقت تحتاجه فنحن نحتاج في اليوم الواحد أحيانًا لشراء شمع بقرابة 500 ليرة وليس باستطاعتنا ذلك”، أضافت عائشة.

ولا تزال “اللحظات المرعبة” التي عاشتها عائشة، حين غلبها النوم قبل أن تطفئ شمعة أضاءتها في الغرفة التي تنام فيها الأسرة، في أول يوم برمضان، فتسببت بحريق أتى على أجزاء منها.

وأوضحت عائشة أنه “لولا مشيئة الله لقضيت أنا وزوجي وأطفالي حرقاً بسبب الشمعة، هبّ الجيران لنجدتنا وقاموا بإطفاء الحريق ونجونا بأعجوبة”.

ورمضان هذا العام هو الثاني في المنطقة بعد خروج تنظيم (داعش)، ولا يزال الأهالي هناك يعانون من ذات الأزمة بالرغم من وعود مسؤولي حكومة النظام، بعوده الكهرباء قريباً.

“كلنا يقيناً بأن وعود حكومة النظام زائفة، فكيف تعود الكهرباء قريباً ولا توجد أعمدة أو كابلات كهربائية في الحارات؟، بعد أن سرقتها قوات النظام والمليشيات التابعة لها أثناء سيطرتهم على المنطقة”، بحسب عائشة.

وتنهي عائشة حديثها بسخرية “أصبحنا نتحسر على قنينة ماء باردة في نهاية يوم حار، إذ باتت بمثابة حلم للصائمين في المنطقة”.

الطبخ كل يوم بيومه… والنساء عليهم العبء الأكبر جراء انقطاع الكهرباء

ميسون الضايع (39 سنة من سكان الأحياء المدمرة في مدينة دير الزور)، تتناول وعائلتها وجبة السحور على أضواء الشموع، بعد انتهاء شحن المصباح اليدوي، الذي لا يصمد طويلاً.

وقال الضايع لموقع “الحل” إن “تحضير الفطور والسحور الرمضاني مرهقٌ جداً مع غياب الكهرباء، علاوة عن الشعور بالارتباك والقلق خوفاً من انتهاء شاحن المصباح بأي لحظة وهو ما يضطرني لإشعال الشموع”.

وأضافت أن “بهجة رمضان لا تكتمل إلا بوجود الأضواء، لذا تبقى بهجته منقوصة بسبب فقدان الكهرباء”.

وأردفت أن “النساء يشعرن بأزمة الكهرباء أكثر من الرجال، لأن أعمالهن المنزلية تتطلب الكهرباء كالغسيل والتنظيف وتجهيز الطعام”.

وأوضحت ميسون أن أزمة الكهرباء الحادة في رمضان، تجبرها على الذهاب للسوق يومياً لشراء مستلزمات #الطعام، لأن عمل زوجها لا ينتهي حتى ساعات متأخرة من اليوم، ما يدفعها هي للقيام بالمهمة طيلة الشهر”.

“لا توجد كهرباء لاستخدام ثلاجة تحفظ بها الطعام، فمجرد تركه لساعات قليلة بدون حفظة في الثلاجة لا يمكن تناوله بعد ذلك للارتفاع الحاد بدرجات #الحرارة، وذلك حملهم أعباءً ماليةً مضاعفة”، بحسب ميسون.

 ارتفاع الأسعار يثقل كاهل الأهالي

ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية مع حلول شهر رمضان زاد الطين بلة، فكانت المائدة الرمضانية أولى ضحاياه، بحسب عبد الله السياد (39 سنة موظف حكومي في دير الزور).

وتابع عبد الله في تصريح لموقع “الحل” “كنت استمتع بشراء #الطعام والحلويات الخاصة برمضان فيما مضى، وبسبب ضيق الحال أصبحت المائدة اليوم عادية وتقتصر على الوجبة الأساسية فحسب”.

وأضاف عبد الله وهو أب لخمسة أطفال “كنت أضع ميزانية إنفاق مُضاعفة لشهر رمضان قياساً بباقي شهور السنة لأنني قديماً كنت أعمل على سيارة أجرة بعد الدوام فكان الحال ميسور وقتها، أما اليوم فراتبي لا يتجاوز 27 ألف #ليرة، لا يبقى شيء منها بعد أربعة أيام فقط من قبضها، وأستدين من أشقائي حتى نهاية الشهر”.

“لا مكان لرمضان الحقيقي في منزلنا لأنني وزوجتي نفكر فقط في تأمين #الطعام الأساسي لأبنائنا”. يختم حديثه.

أما نوران العكلة (28 سنة معلمة صف) فتقول إن “عودة الطقوس والأجواء الرمضانية هذا العام عكرها جنون الأسعار وغياب القدرة الشرائية لأغلبية الأهالي، لأن رواتب الموظفين لا تكفي سوى لأسبوع واحد من الشهر”.

ولفتت إلى أن “معظم المقيمين في المدينة من الموظفين مضطرون أن يقسموا مرتباتهم بين إيجارات المنازل المرتفعة وبين تكاليف المعيشة الأخرى، الأمر الذي يجعلهم يحجمون عن شراء غالبية المواد بسبب غلاء الأسعار”.

وعن توفر المواد في أسواق المدينة وأسعارها، أشارت العكلة إلى أنه “لا يوجد نقص في المواد الغذائية بالأسواق، ولكن بأسعار مرتفعة”.

كيلو البندورة يباع بـ 700 ليرة سورية، فيما يباع سعر كيلو الخيار بـ 650 ليرة كسعر وسطي وفي بعض الأحيان يباع بـ 700 ليرة، أما الكوسا فتراوحت أسعارها ما بين 450 – 500 ليرة، واستقر سعر كيلو #البطاطا 750 ليرة.

أما أسعار الفواكه فوصل سعر كيلو التفاح إلى 800 ليرة، والبرتقال 550 ليرة في أول يوم برمضان، بينما وصل كيلو #الليمون إلى 650 ليرة، وفيما يخص سعر لحوم العجل والضأن فوصل إلى 4500 – 5000 ليرة، وسعر كيلو الفروج الحي 1400، بحسب نوران.

الأسعار تختلف باختلاف الجهات المسيطرة

في منطقة تبعد عشرات الكيلومترات عن مركز مدينة دير الزور، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، قال جاسم الصياح (أحد الباعة من سكان بلدة الشحيل)، لموقع «الحل»، إن أسعار المواد #الغذائية في مناطقهم أخفض من مثيلاتها في مناطق سيطرة النظام غربي النهر.

وأضاف أن “انخفاض الأسعار دفع العديد من قاطني مناطق سيطرة النظام، إلى قطع نهر الفرات لشراء احتياجاتهم الضرورية قبيل رمضان بأيام قليلة، الأمر الذي حسن من حركة السوق في المنطقة بشكل مضاعف”، على حد قوله.

 

وأوضح أن “هناك ارتفاع في أسعار #المحروقات، قد يكون له ارتباط بارتفاع #الدولار، إذ طالب الأهالي مؤخراً بتخفيضها”.

“لكن وعلى الرغم من ارتفاعها فهي لا تقارن بمناطق سيطرة النظام ومليشياته، إذ وصل سعر أسطوانة #الغاز هناك إلى 19 ألف ليرة سورية إن وجدت، بينما تباع وبوفرة في أسواق المنطقة هنا وبسعر 3000 ليرة سورية”، بحسب جاسم الصياح.

في البوكمال… رمضان تحت سيطرة المجموعات الإيرانية

عباس القلح (51 سنة من سكان مدينة البوكمال) الخاضعة لسيطرة مجموعات مقاتلة إيرانية، قال لموقع «الحل» إن “الأوضاع لا تزال سيئة رغم التحسن النسبي وعودة جزئية للماء دون الكهرباء”.

وأضاف أن “بعض الأهالي يتلقون مساعدات عن طريق منظمات إيرانية تستغل ذلك لكسب ثقتهم وولائهم، إذ تعمد منذ بدأ شهر رمضان على توزيع معونات غذائية بين الحين والآخر، كما قامت بتوزيع وجبات غذائية إلا أنها لم تغير كثيراً من وجهة نظر الأهالي الذين باتوا يعرفون النوايا الخفية من وراء ذلك”، على حد تعبيره.

وأكد ابراهيم الملقب بـ “أبو صالح” من أهالي البوكمال أن “حاجات الأهالي أكبر بكثير من الإصلاحات البطيئة التي تقدم لهم أو المعونات التي تحاول أن تغري بها مليشيات إيران الأهالي لتكسبهم إلى صفها”.

ولفت إلى أن كل الوعود التي قدمت للأهالي بتحسين واقعهم المعيشي والسماح بعودة #النازحين إلى المدينة كانت كلاماً فارغاً دون أفعال حقيقية”.

وتتقاسم السيطرة على محافظة دير الزور، قوات النظام ومجموعات إيرانية تقاتل إلى جانبها، من جهة، و”قوات سوريا الديمقراطية” من جهة أخرى.

إعداد: حمزة فراتي – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.