خاص ـ الحل العراق

كانت دعوة زعيم تنظيم “داعش” #أبو_بكر_البغدادي، واضحة في ظهوره الأخير، إذ قال بالحرف الواحد «علينا بحرب الاستنزاف ضد الكفار»، وهو ما يعني أن موسم الحروب العشوائية عبر الأساليب الغوغائية غير الممنهجة أو المتفق عليها داخل التنظيم قد بدأت، وهي نفس الحرب التي عرفها العراقيون طيلة العقد ونصف العقد الماضيين، مع الجماعات الإرهابية سواءً مع (#داعش) أو (#القاعدة) أو (#جماعة_التوحيد والجهاد)، وهو الأسلوب المعهود بالضرب والهرب أو أسلوب (#الذئاب_المنفردة).

ومع أن التوقعات بُعيد الحرب على تنظيم “داعش” وطرده من المحافظات العراقية التي استولى عليها عام 2014، إلى أن تمدّد نحو أطراف العاصمة #بغداد، كانت تشير إلى خلاص #العراق من أساليب الكر والفر مع الإرهابيين، إلا أن الحدث الأخير الذي تمثّل بحرق مزارع القمح في أغنى أرياف البلاد المتخصصة بالزراعة الموسمية أعاد للأذهان، التفجيرات الإرهابية والأعمال التخريبية التي ظلَّت تؤرق العراقيين وترهبهم، لغاية الآن.

ست محافظات احترقت في وقت واحد، وكأن الجهة التي أشعلت النار في قش المزارع، كانت قد اتفقت بطريقة ما للبدء بالتنفيذ، ومع أنها تسببت بخسارة البلاد لموسم كامل مع الحنطة، ومئات الملايين من الدنانير العراقية، إلا أن الحرائق لم تتوقف حتى هذه الساعة، وهو ما يؤكد أن ملايين أخرى ستحترق بنيران مجهولة، أو ربما صديقة، فالمتهم الثاني بعد “داعش” بالحرائق، هي ميليشيات مسلحة، يُعتقد أنها مقربة من إيران، بهدف دفع عجلة الاستيراد من طهران أكثر وأكثر، مع العلم أن إيران لا تملك الحنطة الكافية لنفسها أصلاً، لكنها تُصدّر للعراقيين دقيقها، وهو ما يُعرف محلياً بـ”الطحين الصفر”، مستخدمة حنطة روسية المنشأ.

أسبوع كامل مرَّ على الحرائق، ولا يزال، مع ذلك، فإن #وزارة_الزراعة_العراقية علّقت قبل ثلاثة أيام، أي بعد أربعة أيام من اشتعال النار، وهو ما استنكره مسؤولون في الحكومة العراقية وناشطون أيضاً.

تعليقٌ خجولٌ مضربٌ وغير دقيق، كان رد الوزارة على الواقعة، إذ أشارت إلى أن «النيران التي اشتعلت في مناطق زراعية بمحافظات عراقية، ناتجة عن حرق مخلفات حقول القمح، وليس لها أي ارتباط بأعمال تخريبية، وأن هذه المخلفات تعتبر مغذيات للتربة، لذا يتم حرق متبقيات الحصاد داخل الحقول لتكون مفيدة لنمو المحصول، وتحسين صفاته النوعية».

مؤكدة أن «هذه الممارسات الزراعية لا تدخل في إطار التخريب أو الإضرار بالاقتصاد الوطني الزراعي أو الأمن الغذائي، وإنما ممارسة تستند إلى جوانب علمية»، فيما دعت إلى «التعاون معها وعدم إيجاد أرضية للشائعات التي تهدف لزعزعة ثقة المواطن بالمؤسسة المسؤولة عن أمنه الغذائي».

بالعودة إلى الوراء، كانت #الحكومة_العراقية قد أعلنت في وقتٍ سابق من العام الجاري، قرب إعلان الاكتفاء الذاتي من القمح، ويبدو أن الذين أحرقوه، كانوا على علمٍ بالأمر، وهو نفس السيناريو الذي حدث مع أسماك #نهر_الفرات، الذي اكتفى العراق منه، وبعد أيّام وقعت أكبر مجرزة لنفوق الأسماك في #بابل، والأمر نفسه من الاكتفاء من الطماطم، ثم تعرّضت إلى مرضٍ غريب بـ#البصرة.

تم تعويض ما خسره العراق آنذاك من الطماطم المحلية، بالطماطم الإيرانية والتركية، أما الأسماك، فقد غزّت “عُلب التونة” المستوردة والرديئة، أسواق البلاد، لكن العراق صَدّر عشرات التعليقات الرسمية من برلمانيين ومسؤولين اتهموا أطرافاً خارجية، بالنيل من العراق وضرب اقتصاده وبضاعته الوطنية.

وعلى خلفية حرائق المزارع العراقية الأخيرة، اتهم مسؤولون من محافظتي #صلاح_الدين و#نينوى ميليشيات مسلحة موالية لإيران، على اعتبارها تمسك الأراضي من الناحية الأمنية في بعض تلك المناطق، فيما طالب أعضاء بـ #مجلس_النواب، الحكومة العراقية بالتدخل الفوري، وإجراء تحقيق عاجل لمعرفة ملابسات الحرائق الغامضة.

المسؤول المحلي في محافظة #نينوى “علي العبار”، قال لـ”الحل العراق”، إن «عملية الحرائق كانت مدروسة من قبل الجماعة المُنفذة لها، وإلا ما الذي جعلها متزامنة بهذه الدقة، حتى أن المحافظات التي وقعت فيها الحرائق، بعضها غير متجاورة، فما الذي جاء بحريق مزارع صلاح الدين الغربية و#الموصل الشمالية، لمحافظة بابل وهي وسط البلاد».

وأضاف أن «داعش هو المستفيد من حرب الاستنزاف التي توعد بها العراق، وباقي الدول التي حاربت التنظيم وكبدته خسائر فادحة، في حين هناك اتهامات للفصائل المسلحة الماسكة للأراضي النائية من المحافظات الغربية والشمالية، وإن لم تكن هي المُنفذة، فهي مسؤولة عن حماية تلك المزارع وفشلت في ذلك».

إلى ذلك، كشف رئيس لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب “سلام الشمري”، عن تفاصيل الحرائق التي استهدفت الحنطة في المحافظات العراقية، قائلاً في اتصالٍ مع “الحل العراق”، إن «هناك أضرار كبيرة حصلت في مزارع الحنطة بأكثر من ستة محافظات»، مبيناً أن «مجهولين حرقوا أكثر من 4000 دونم، في أكثر من 36 موقع وتم حرقها في وقت واحد».

وأكمل، أن «حصيلة الحرائق في محافظة نينوى، أكثر من 135 مزرعة تم حرقها، لكن لم تشتعل هذه المزارع بشكل كامل، مع العلم أن المحاصيل لم تصل إلى مرحلة النضج».

 مشيراً إلى أن «محافظة كركوك قد تضررت بواقع 1000 دونم، أما في ديالى فقد حُرق أكثر من 750 دونم، وفي النجف فقد تمَّ حرق 150 دونم وفي محافظة بابل فقد احترقت مزرعة الفيحاء ومساحتها 30 دونم».

وتابع: «ما حصل في المحافظات الغربية، يشير إلى وجود فاعل، فقد تم العثور على أجهزة موبايل وصواعق في المزارع، أما في بابل والنجف فلم تعطِ الأدلة الجنائية أي موقف لغاية الآن، وبما يتعلق بالخسائر المالية فهي لا تزال غير واضحة، وهناك لجان متخصصة تعمل على ذلك حالياً».


إعداد- ودق ماضي ومحمد الجبوري

تحرير- وسام البازي

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.