بغداد ـ وسام البازي

لم يستفق العراقيون حتى الآن من خبرِ إعلان رئيس الحكومة العراقي السابق #حيدر_العبادي، تنازله وانسحابه من جميع المواقع القيادية في حزب #الدعوة_الإسلامية، أعتق أحزاب الشيعة في المنطقة العربية، الذي تأسس عام 1957 في #كربلاء العراقية، خصوصاً وأنه من قدامى “الدُعاة” وأكثرهم هدوءاً وحكمةً.

فهو الهادئ بطبعهِ، ابن #الكرادة، الحي الراقي في #بغداد، والعاصف على التجاوزات التي ارتكبتها فصائل مسلحة من #الحشد_الشعبي، وشيوع قوته تجاه فصل غرمائه من السياسيين وإبعادهم.

ولا يعني تنازل العبادي عن مواقعه “الدعوية”، خروجٌ عن “الدعوة”، الحزب الذي حكم البلاد لأكثر من 15 عاماً، ابتداءً من #إبراهيم_الجعفري ومن ثم المالكي لدورتين متتاليتين أخيراً بالعبادي.

إنما هو احتجاجٌ على تجربة الحزب، التي يستشكلها على زعيم “النصر”، حتى أنه في بيان التنازل، قال: «ليست هناك تجارب سياسية مجتمعية معصومة، والمهم المراجعة والتصحيح، والأهم الإصرار على المواصلة بوعي وتخطيط والتزام وفق قواعد المسؤولية والجهوزية، وأدعو إلى مراجعة نقدية، وتجديد بالخطاب والهيكلة، وأدعو إلى المواصلة بإرادة جماعية متناغمة، وإلى ضخ دماء جديدة في جميع مفاصل (الدعوة) وبالذات القيادية منها، واستنادًا لذلك، فإني أعلن تنازلي وانسحابي من جميع المواقع القيادية بالحزب وأن أبقى جنديًا لخدمة المسيرة».

“الدماء الجديدة”، المذكورة في بيان، تؤكد عمق الخلافات والتشنج بينه مع قادة الصف الأول في الحزب العتيق، وتحديداً #نوري_المالكي، أمين عام ورئيس “الدعوة” منذ عام 2013، المهيمن على قرارات غالبية أحزاب الشيعة بالبلاد، ورجل الظل المُتعب في حكومة العبادي الأخيرة.

وقد ألمح الأخير، لعشرات المرات، أن المالكي، أراد النيل منه، عبر ما يُعرف بـ”الدولة العميقة”، وهي ما ترتبط بالعصابات الإدارية والميليشيات المسلحة التي تهدد العمل المدني للحكومة في بغداد، والمحليات بالمحافظات.

مع العلم أن “حزب الدعوة” على أعتاب عقد مؤتمره الجديد، الذي من المفترض أن يُناقش فيه الحزب تطوراته، وانتخاب الأمين الجديد، الذي تأكد من خلال مصادر “الحل العراق”، أنه “نوري المالكي”، نفس الرجل، وهو أكبر الأسباب وأبرزها، التي دفعت حيدر العبادي، للرحيل بكرامة دون هزيمة.

فالعبادي الذي لم ينجح بنيل ولاية ثانية، بسبب ارتباطه بالحزب غير المقبول من قبل الشعب، أدرك أخيراً أنه أفلس من نيل منصب رئيس الحزب، وهو إدمان السلطة.

قبل الانتخابات وتشكيل حكومة #عادل_عبد_المهدي، تغزّل زعيم #التيار_الصدري #مقتدى_الصدر، كثيراً بالعبادي، لا سيما بعد نجاح العمليات العسكرية وتحرير المناطق العراقية من سيطرة “#داعش”، التي سقطت في عهد المالكي، واشترط الصدر على العبادي الخروج من “حزب الدعوة”، ولقاء ذلك، دعمه لنيل ولاية ثانية بحكم البلاد.

إلا أن العبادي وقتها لم يكن قادراً على الخروج، كون الاتزام بالأحزاب الدينية في العراق، أكبر من وثيقة وهوية انتماء إنما التاريخ والسمعة والمعرفة، لا سيما وأن العبادي عُرف عنه منذ شبابه بين صفوف الحزب، وقد فقد أخته وأخيه جرّاء ملاحقة #حزب_البعث لأسرته الموالية للحزب، ولم يكن بالأمر الهيّن عليه، وبالفعل لم ينل الولاية الثانية.

في السياق، تحدَّث قيادي في التيار الصدري، لـ”الحل العراق”، بأن «العبادي أكبر الخاسرين في حزب الدعوة، فقد حرمه الانتماء لهذا الحزب، نيله الولاية الثانية أولاً، وضياع جماهيريته التي اكتسبها بعد إعلان تحرير العراق على يده ثانياً، حتى أن قادته ونظرائه بحزبه، لم يربح منهم شيئاً، بالعكس، تخلو عنه قُبيل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أجريت في مايو/ايار 2018».

من جهته، أشار عضو تحالف الفتح “عبد العظيم الدراجي”، في اتصالٍ مع “الحل العراق”، إلى أن «خروج العبادي بهذه المرحلة، مع اقتراب نهاية الفترة التي أعطتها الأحزاب لعبد المهدي، وتقييم برنامجه، تعتبر خطوة ثعلبية، فالعبادي يعرف بأنه المرشح لرئاسة الوزراء إذا اجتمعت الأحزاب العراقية على إبعاد الرئيس الحالي عادل عبد المهدي، وإن العملية السياسية باتت تطلب أشخاص غير متحزبين في المناصب العليا، وإذا أخرجت الأحزاب عبد المهدي، فيقول العبادي: ها أنا موجود ولا أرتبط بأي حزب».

واقعياً، لا يخفِ العبادي رغبته وطموحه بالعودة إلى السلطة، وفي مقابلة صحفية أجريت معه، قال: «كانت هناك رؤية للاستمرار بالولاية الثانية، لإيماني بقدراتي وإخوتي وفريقي على مواصلة الحكم وإدارة البلاد، وسأستمر بالعمل لوصول ائتلاف “النصر” إلى السلطة، فقد نجحنا في إدارة البلاد وتحريرها في أصعب الأزمنة، ونحن قادرون على قيادتها وبنائها وإعادة مركزها الاستراتيجي مع القوى الخيّرة وشعبنا الكبير».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.