(الحل) – انسحبت حركة #حماس من سوريا بعد أشهر على اندلاع الحراك في عام 2011، مغلقة كافة مكاتبها في دمشق، وتحديداً في حيي المزة ومشروع دمر حيث كان يقيم معظم قادتها، بعد أن ظنت أن حكم بشار الأسد شارف على نهايته، متبنية موقفاً داعماً للثورة، بخط مواز للموقف القطري حينها.

 

حماس من كنف الأسد إلى عباءة حمد

واستقر زعيم الحركة في ذلك الوقت (خالد مشعل) في الدوحة، وبدأ يعمل ضمن «الكنف» القطري، ورفع علم “الثورة السورية” على كتفيه، في مشهد أثار حفيظة النظام في دمشق.

واعتمدت حماس في 2011 وما قبل على دعمها من جهتين رئيسيتين، الأولى إيران، التي تدعم أيضاً حزب الله المقاتل إلى جانب بشار الأسد لإخماد “الثورة”، وقطر، الدولة الخليجية غير الوحيدة التي تمول المعارضة ضد نظام دمشق.

وازدادت وتيرة الخلاف بين حماس وإيران في 2014، بسبب اليمن، فقد وقفت طهران خلف الحوثيين، بينما قررت الحركة الفلسطينية دعم شرعية عبد ربه منصور هادي، ولكن رغم ذلك، فقد حافظ الطرفان على خطاب متروٍ.

 

حماس وحزب الله “دعائم إيران الراسخة”

تعود العلاقة القوية بين حماس وإيران إلى تسعينات القرن الماضي، حيث طلبت حماس من إيران وجود تمثيل سياسي لها في طهران، ليتم فتح ممثلية لها رسمياً في إيران عام 1991، ليزيد التقارب خلال العام التالي بعد إرسال المئات من حماس إلى الجنوب، وبناء رابط قوي مع حزب الله ذراع طهران في المنطقة.

وأعادت حماس توثيق علاقتها بإيران 2017 مع قدوم قيادة جديدة للحركة ممثلة بـ (إسماعيل هنية)، خليفة خالد مشغل. ووصف قاسم سليماني قائد فيلق القدس الحركة عقب ذلك بأنها “من أصدقاء إيران في المنطقة”، وتحدث عن “الدعائم الراسخة لحزب الله وحركة حماس مع إيران”.

وشهدت الفترة التالية لقاءات متكررة من قيادات الحركة إلى طهران، أبرزها حين التقى أعضاء كبار من الجماعة برئيس مجلس الشورى الإيراني (علي لاريجاني) في تشرين الثاني من عام 2018.

ونقلت الجزيرة عن مصادر صحفية سابقاً، أن الدعم الذي كانت تتلقاه حماس من إيران في عام 2011، كان يصل إلى ربع مليون دولار، ثم توقف في مرحلة ما بسبب الخلاف حول سوريا واليمن، لكن مسؤول كبير في الحركة أكد هذا العام في تصريح لـ (المونيتور) أن “الدعم الإيرانيّ الماليّ والعسكريّ لحركته لم يتوقّف رغم حالة التباين في وجهات النظر من الصراع في سوريا، مشيراً إلى أنّ ذلك الدعم شهد حالة من التذبذب خلال السنوات الماضية”، بحسب وصفه.

ورفض المسؤول في الحركة خلال تصريحه لـ (المونيتور) تحديد المبالغ التي تتقلها حماس من طهران، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن إيران هي “كانت ومازالت أبرز الداعمين لحماس بالمال والسلاح”.

عودة التقارب بين طهران وحماس لم تغير الكثير بما يخص سوريا، فقد استمرت القطيعة على الأقل من الناحية العلنية، إلى أن صرح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في حزيران 2018 أن “الحركة لم تقطع العلاقة مع النظام في سوريا”، واصفاً مايجري في سوريا بأنه تجاوز”الفتنة” إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية، في تصريح صادم.

 

حماس العائدة إلى “حضن الوطن”؟

وأطلق هنية منذ أيام تصريحاً صادماً أعلن فيه “تبني الحركة لموقف النظام وحلفائه، من المعارضة السورية والمجموعات المسلحة، واختيار الطريق الأقرب إلى محور المقاومة؛ سوريا–طهران–حزب الله”.

التصريح الأخير ورد خلال لقاء مع سبوتنيك، ونقلته وسائل إعلام محلية موالية، على رأسها صحيفة (الوطن)، التي تتحدث بشكل غير رسمي باسم دمشق.

والتصريحات التي أطلقها زعيم الحركة أثارت تحليلات محلية وإقليمية، تفيد بأن العلاقات بين دمشق وحماس ستشهد عودة قريبة جداً، ونقلت بعض المصادر الإعلامية عن مصادر وصفتها أحياناً بالرسمية وفي أوقات أخرى بـ “المطلعة”، أن الطرفين بالفعل وصلا لاتفاق.

 

لا ليست عائدة

ودفعت التكهنات الأخيرة حركة حماس إلى إصدار تصريح رسمي هذا الأسبوع قالت فيه إن “العلاقات مع النظام السوري لن تعود، وما يُنشر بالإعلام مجرد كلام لا أساس له من الصحة”. وتابعت على لسان نايف الرجول القائد البارز في صفوفها في تصريح لـ “الخليج أونلاين” بالقول إن “النظام السوري الحالي لم يعد له أي وزن أو قيمة، ومن الخطأ التعويل عليه أو التقرب منه… الملف السوري (النظام) استُهلك تماماً، وأصبح رهاناً خاسراً”.

ورد النظام رداً سريعاً على كلام المسؤول الفلسطيني، لينفي أيضاً نيته إعادة العلاقات مع حماس، لكنه تابع عبر مصدر إعلامي صرح لوكالة (سانا) الحكومية بإهانة الحركة، والقول إن “الدم الإخواني هو الغالب لدى هذه الحركة عندما دعمت الإرهابيين في سوريا وسارت في المخطط ذاته الذي أرادته إسرائيل”، وفق تعبيره.

 

اتفاق السوريين على كره حماس

تبدو نوايا حماس الحقيقية للمرحلة القادمة غير واضحة، فهي تريد الحفاظ على سمعة “المقاومة”، بالتقرب من حزب الله، والحصول في الوقت ذاته على المال الإيراني، والرضا القطري، لكنها لا تريد أن تخسر من تبقى من حاضنتها الشعبية الصغيرة بالعودة إلى دمشق، أو ربما تنتظر أن تحصل على مقابل قبل أن تتخذ خطوة كهذه.

تذبذبات حماس، ورهاناتها التي تبدو حتى غير ناجحة (بدلالة شعبيتها المتدنية عربياً)، سببت للحركة أن تخسر محبة الشارع السوري موالياً كان أم معارضاً، فالأول يتهمها بـ “الأخونة ودعم الإرهاب”، والثاني بـ “التبعية للنظام الإيراني قاتل السوريين”، أو ربما أيضاً بـ “الأخونة”، فهي تهمة رائجة في سوريا.

 

إعداد وتحرير: سامي صلاح

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة