الحرس الثوري الإيراني يجنّد أطفالاً من ديرالزور في عمليات “التعفيش”

الحرس الثوري الإيراني يجنّد أطفالاً من ديرالزور في عمليات “التعفيش”

ديرالزور (الحل) – لم تقتصر انتهاكات المليشيات الإيرانية في #دير_الزور على تجنيد الأطفال للخدمة والقتال في صفوفها فحسب، بل تعدتها مؤخراً، لتزج بهم في معركة “التعفيش” التي تقوم بها منذ سيطرتها على أهم مدن المحافظة (#البوكمال و#الميادين) منذ ما يقارب العامين، حيث يقوم أولئك الأطفال بأعمال سرقة ونهب تطال منازل وممتلكات المدنيين، بتسيير وتسهيل من قبل نافذين بتلك المليشيات.

وفي الصدد، كشفت مصادر خاصة من مدينتي البوكمال والميادين، لموقع «الحل»، قيام مليشيات “الحرس الثوري الإيراني وحيدريون وفاطميون”، بتجنيد أطفال دون سن 17 من أبناء المنطقة للقيام بأعمال نهب وسرقة طالت العديد من المنازل والممتلكات في كلا المدينتين خلال الشهرين الماضيين.

وقال عبد الخالق. س، شاهد عيان من مدينة البوكمال إن «مركز التجنيد الرئيسي الذي يستقطب بعض الفتية الصغار للقيام بأعمال السرقة والنهب والتي تكررت بشكل مكثف في معظم أحياء المدينة مؤخراً، يقع في حي الكتف ويرأسه المدعو منتصر أبوالعباس، أحد متزعمي مجموعات الحرس الثوري الإيراني في المدينة، فقد بات المكان معروفاً لغالبية سكان المنطقة، والذين يقفون عاجزين عن مواجهة ما يحصل، فمن يفتح فمه معارضاً على ذلك سيتعرض للمحاسبة والمسائلة وربما يدفع حياته ثمناً لذلك أيضاً».، حيث يغض الأهالي البصر مجبرين، عن الجريمة ككل سواء من ناحية استغلال تلك المليشيات لتحويل فتيه صغار أداة لتنفيذها، مستغلين حاجاتهم وغياب أحد أولياء أمرهم (الأب أو الأم) هذا من جنب، ومن جنب آخر، سرقة ممتلكاتهم و أقربائهم على مرأى من أعينهم، دون القدرة على فعل شيء حيال ذلك.

وأضاف عبد الخالق في حديثه لموقع «الحل»، أن «مدنياً في حي الصناعة، عثر على أربعة أطفال أكبرهم لم يتجاوز 14 ، وهم يقومون بمحاولة فتح قفل محله (بقالية)، منتصف الشهر الفائت، حيث أمسك بأحدهم قبل أن يلوذ البقية بالفرار، إذ توسل اليافع لصاحب المحل بأن يخلي سبيله لأنه كان مجبراً على القيام بذلك، وعند سؤال صاحب المحل له، ما الذي يجبرك على القيام بالسرقة، أجاب، منتصر أبو العباس، هو الذي يأمرنا بذلك، مقابل مبالغ مادية زهيدة، وأي متقاعس عن تنفيذ المهام الموكلة إليه، لن يتم تنسيبه إلى الحرس الثوري الإيراني أو أحد الفصائل الأخرى الموالية لها»وفق قوله.

وسبق ذلك، سرقة منزل عند دوار المصرية في وضح النهار، إذ شاهد جيران المنزل فتية صغار أثناء قيامهم بكسر نافذه المنزل والدخول إليه، مستغلين غياب أصحاب المنزل، الذين كانوا في زيارة لأقربائهم في ريف المدينة، وفي الأثناء كان بانتظارهم بجانب المنزل ذاته، سيارة يقلها عنصرين من الحرس الثوري، لم تمض إلا ساعات قليلة حتى خرج الفتية من النافذة وهم يحملون صندوقاً صغيراً باتجاه السيارة، تبين فيما بعد أنه يحتوي مبلغا من المال ومصاغ ذهبي، وأوراق شخصية لأصحاب المنزل.

وعند قيام أصحاب المنزل بتقديم بلاغ بما حصل، لمكتب “حج سلمان” المسؤول العام عن المليشيا المذكورة في المدينة، بناء على شهادة الجيران، قوبل طلبهم بالرفض وتكذيب الشهادة، إذ لم يكتفوا بذلك حيث أمروا باعتقال من أدلى لهم بتلك المعلومات، بحجة التشهير بعناصر الحرس، وفق زعمهم واتهامهم بالضلوع في عملية السرقة الحاصلة، وفقاً لعبدالخالق.

وأوضح منير. أ، عاماً من بلدة السكرية في مدخل المدينة، أن «عناصر من لواء حيدريون العراقي والذين يتخذون من من بناء البلدية سابقاً، مقراً لهم، يعملون على تجنيد الأطفال أيضاً، وتركيزهم على الفتية الصغار بأعمار 15 – 14 عاماً، لسرقة منازل المدينين». مشيراً إلى أن «أهالي البلدة ألقوا القبض على ستة أطفال، مطلع الشهر الجاري، أثناء قيامهم بسرقة المنازل، واعترفوا أن عناصر حاجز أبو فاطمة العراقي عند مدخل البلدة، هو من جندهم للقيام بتلك الأفعال مقابل مبالغ مادية، وتدريبهم على استخدام الأسلحة أيضاً، الأمر الذي يخولهم بأن يكونوا مقاتلين في صفوفهم، ومن يفشل في تنفيذ المهام الموكلة إليه، سيتم طرده على الفور، وفقاً للفتية».

وعند السؤال عن مدى سطوة تلك المليشيات على مدينة البوكمال وتأثيرها على الشبان والفتية في المنطقة، أجاب الريس، بأن «مليشيا الحرس الثوري الإيراني هي ممثل إيران في المنطقة، حيث يسعى غالبية الشبان واليافعين الصغار للانضمام إليها، طمعا بالنفوذ والمرود المادي الذي توفره تلك المليشيات على خلاف غيرها من المليشيات الأخرى، فلا يتم أي أمر في المدينة والبلدات المحيطة بها بدون علمها وموافقتها أيضاً». وأما بالنسبة لمليشيا «حيدريون»، فتعد إحدى أهم مليشيات الحشد الشعبي العراقي المدعومة إيرانياً، وغالبية عناصرها من الجنسية العراقية من أبناء الجنوب والوسط العراقي، وسبق لهم أن شاركوا في معركة البوكمال إلى جانب قوات النظام سابقاً، حيث نشطت بشكل ملحوظ في المدينة أيضاً خلال الأشهر القليلة الماضية، وتراوح تعدادهم قرابة 1400 عنصراً يرأسهم المدعو أبو فاطمة العراقي، والذي يسعى إلى تجنيد أكبر قدر ممكن من شبان المدنية وتركيزه على اليافعين الصغار ما دون ال 15 عاماً.

وما يجذب المراهقين لهذه المليشيا، من وجهة نظر الريس، بأنها« تعتبر الأقوى من حيث النفوذ في المنطقة بعد مليشيا الحرس الثوري الإيراني، حيث توكل الأخيرة مهمة حماية حدود المدينة لها، لكثرة الآليات الخاصة التي تمتلكها (الخفيفة والثقيلة) والمنتشرة على مداخل المدينة ومخارجها، إلى جانب كثرة الاحتفالات والمناسبات الدينية المستمرة التي تقوم بها أيضاً بين الحين والآخر متضمنة توزيع مساعدات غذائية ومادية للعناصر المحليين المنتمين لها».

عمليات السرقة تطال ممتلكات مدنيين في الميادين
تقول سناء. و، (من مدينة الميادين) لموقع «الحل»، إن «عمليات السرقة المتكررة في المدينة باتت مكشوفة للملأ ومن يتصدرها هم فتية صغار، قامت مليشيا “فاطميون” الإيرانية بتجنيدهم للقيام بها، مستغلة الوضع الاجتماعي والعائلي لهؤلاء الفتية، فمنهم من فقد أحد أبويه أو كلاهما في الحرب، إذ يعد مركز البريد القديم في منطقة الكورنيش بوسط المدينة والذي تسيطر عليه المليشيا المذكورة مركز انطلاقة لأولئك الفتية للقيام بعملياتهم، والتي يتم معظمها في وضح النهار، مستهدفة منازل المدنيين سواء النازحين خارج المنطقة أو ممن تتم مراقبته لمعرفة أوقات خروجه، وخلو منزله من أي أحد بداخله، كون هؤلاء الفتية من أبناء المدينة وعلى دراية تامة بغالبية الأهالي المتواجدين حالياً بها، إلى جانب عمليات السرقة التي تطال بعض المحال التجارية في بعض أحياء المدينة الأخرى أيضاً».

تتم إدارة عمليات السرقة في المدينة من خلال المدعو «وهيب الحسين» وهو عراقي الجنسية وله علاقات جيدة مع مسؤول الحرس الثوري في المدينة «حج مرتضى»، وقد جرت خلال الشهر الفائت أكثر من 12 عملية سرقة في مختلف الأحياء، منفذيها فتية صغار وفق شهود عيان من المدينة، كان آخرها منتصف رمضان الفائت، إذ حاول أربعة يافعين سرقة محل بيع أدوات كهربائية في شارع الجيش، إلا أن الحظ لم يحالفهم حيث أمسك بهم صاحب المحل وشقيقه، وهم يحاولون إخراج بعض الأدوات من داخل المحل، مستغلين خلو المكان وانشغال الأهالي بالإفطار، وعند استجوابهم من قبل صاحب المحل، اعترف الأربعة، بأن المدعو وهيب هو من أمرهم بذلك، وإذا علم بأنهم أخبروا أحداً عنه سوف يتلقون عقاباً شديداً جراء ذلك.

وأشارت إلى أن «مليشيا “فاطميون” تعد من أبرز المليشيات الإيرانية في مدينة الميادين، حيث تعمل بالتنسيق مع الميليشيات الإيرانية الأخرى المتواجدة في المدينة والتي تتخذ من مركز البريد وأحياء المدينة الجنوبية مقرات لها، وتعمل في المدينة دون أي تعرض من القوى الأمنية والعسكرية التابعة للنظام نظراً للدعم الذي تتلقاه هذه المليشيات من إيران من الناحية التنظيمية، الأمر الذي يدفع ببعض الشبان واليافعين الصغار من المدينة للتقرب منها» وفق قولها.

ويرى مراقبون أن استغلال الأطفال من قبل مليشيات إيرانية للقيام بأعمال سرقات ونهب تصب في مصلحتها يتزامن مع ارتفاع عدد الأيتام في المنطقة نتيجة لظروف الحرب السابقة، إلى جانب الظروف الإنسانية القاسية التي تواجههم وعدم التحاقهم بالمدارس، وفقدان دور المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، واقتصارها على منظمات إيرانية تابعة لتلك المليشيات فقط، ما يعزز هذه الظاهرة ويزيد من انتشارها. وهذه الظاهرة الخطيرة ستجر خلفها ظواهر أشد خطراً، منها تجارة الحشيش والمخدرات، واستغلال الأطفال حتى في أعمال العنف، وهذه الظاهرة تهدد النسيج الاجتماعي على المدى القريب والبعيد، ولا بد من وضع حلول جذرية لمعالجتها اجتماعياً وأمنياً.

إعداد: حمزة فراتي – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.