دمشق (الحل) – ما يزال سعر صرف الدولار في السوق السوداء يفوق الـ600 ليرة سورية، ورغم تأكيد حاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول، أن هذا السعر «وهمي»، إلا أن الكثير من القطاعات التجارية والسلع الاستهلاكية تأثرت بالارتفاع، ليؤكد العديد من المواطنين أن السعر ليس وهمياً نهائياً، بالإضافة لتصريحات وزير المالية في حكومة النظام، الذي بدوره لم يبخل علينا باستنتاجاته «العظيمة» حول ارتفاع الدولار، حين اعتبر ذلك «الفقاعة».

مواد غذائية

ومن أكثر القطاعات التي تأثرت بارتفاع سعر الصرف، وتأثر بها المواطن هي المواد الغذائية الأكثر استهلاكاً، رغم ادعاء النظام بأنه يمول استيرادها بسعر القطع الرسمي عبر المصرف المركزي، إذ ارتفع سعر كيلو القهوة النوع الجيد من 4000 إلى 5000 ليرة سورية، وسعر كيلو السكر من 250 ليرة سورية إلى 300 ليرة، وعلبة الشاي 25 ظرف من 350 -400 إلى 450 – 500، وعلبة المرتديلاً من 900 إلى 1100 ليرة، وكيلو الرز من 550 إلى 650 ليرة، ورز الكبسة بسمتي من 850 إلى 950 ليرة سورية، والمحارم ارتفعت من 450 إلى 500 ليرة.

الإلكترونيات والهواتف النقالة

وكعادتها، القطع الإلكترونية، طالها ارتفاع الأسعار بالتزامن مع ارتفاع سعر الصرف. إذ ارتفعت أسعار المراوح والمكيفات والصوتيات، وقطع الكومبيوتر واللابتوبات، وأكد أحد تجار منطقة البحصة لـ«الحل»، أن محله يقوم يومياً بوضع سعر البضاعة وفقاً لسعر الصرف، وتذبذب السعر أدى إلى خسارة الكثير من الزبائن وبالتالي تراجع المبيعات.

وأضاف «انخفضت حركة البيع أكثر من 50% منذ ارتفاع سعر الصرف، والكثير من القطع اختفت من السوق، أو تم احتكارها نتيجة تذبذب السعر، بانتظار استقراره».

يعتمد أغلب قطاع الكهربائيات والإلكترونيات، على تسعير البضائع أكثر من مرة يومياً وفقاً لسعر الصرف وتقلباته، وقال أحد الباعة في سوق الكهرباء لـ«الحل»، إن الأسعار «تتغير كلما تغير سعر الصرف، وليس يومياً فقط، فمبيع البراد أو المكيف أو الشاشات، يتم عبر ضرب ثمنه بسعر الصرف لحظة البيع، وليس بحسب السعر الذي اطلعنا عليه صباحاً، فمن الممكن أن يشتري زبون قطعة بسعر صباحاً وتباع ذات القطعة بسعر مختلف مساءً».

ومن أكثر السلع التي ارتفع سعرها بسبب الدولار، الموبايلات، فوصل سعر جهاز سامسونغGalaxy A50  إلى 160 ألف ليرة سورية، وجهاز سامسونغ GalaxyS10  بسعر 400 ألف ليرة سورية، وجهاز سامسونغ Galaxy A70 200 ألف ليرة سورية ل.س، وقد ترتفع الأسعار أكثر أو تنخفض بين 2000 – 5000 آلاف مابين الوكالات والمحلات الموجودة في برج دمشق الذي يعتبر أهم مركز بيع للأجهزة.

الشقق والسيارات

قفزة الأسعار طالت العقارات وإيجارات المنازل، إذ قال صاحب مكتب عقاري في دمشق لـ«الحل» إن إيجارات المنازل ارتفعت نحو 15 – 20%، إضافة إلى أسعار الشقق التي قفزت فوراً، ما زاد من ركود السوق الذي يعاني من الركود أساساً.

وفي مراقبة لصفحات أسعار السيارات المستعملة والجديدة، فقد طالها هي الأخرى ارتفاعات غير مسبوقة، بدأت من نحو 12%، وارتفع سعر سيارة الفورتي من 8 مليون إلى 9 مليون ليرة، وكاملة المواصفات من 9.5 مليون إلى 10.5 مليون ليرة، وهناك من يعرضها ما بين 10 مليون للفئة الأدنى و12 مليون أو أكثر للفئة الكاملة علماً أن تاريخ إنتاجها يتراوح بين 2009 – 2012.

وتراوحت أسعار السيارات المعروضة في المعرض الدولي للسيارات «موتور شو» ضمن مدينة المعارض الدولية بدمشق، بين 4.3 – 34 مليون ليرة سورية، بحسب مواقع محلية، والذي لفت إلى وجود سيارات صينية في المعرض بلغ سعرها 16 مليون ليرة.

وبلغ سعر سيارة «كيا سيراتو» 16.5 مليون ليرة، و«كيا سبورتاج» 24.5 مليون ليرة، و«كيا سورينتو» 34.9 مليون ليرة، و«كيا بيكانتو» 10.6 مليون ليرة، و«كيا أوبتيما» 25.5 مليون ليرة، و«كيا ريو» الموديل الجديد قرابة 13 مليون ليرة.

أما سيارات «شركة أداء موتورز» فكان سعر سيارة الشام نوع شهبا 7 مليون ليرة، وشام شمرا أيضاً 7 مليون، وبيجو 9.3 ملايين ليرة، وجاك s3 سعرها 9.2 مليون ليرة، وجاك s3 محرك أضخم من السابقة 13 مليون ليرة.

مهن ومواد اكساء

ولم تتوقف ارتفاعات الأسعار عند ما ذكر، بل ارتفعت مواد الإكساء أيضاً، بنسب تتراوح بين 10 – 25% كالطلاء، والرخام، والسيراميك، والاسمنت، والجيبسم بورد، وغيرها من مواد، إضافة إلى ارتفاع أجرة المهنيين مابين 1000 إلى 2000 ليرة في اليوم الواحد، حيث كانت أجرتهم ما بين 10 – 13 ألف ليرة سورية لـ”المعلم”، وباتت اليوم بين 11 – 15 ألف ليرة.

حتى الأطباء رفعوا من كشفياتهم، نحو 25% أيضاً، بمختلف الاختصاصات، إضافة إلى ارتفاع أجرة التنقل بالتاكسي، وأسعار قطع السيارات وزيت السيارات، وغيرها من البضائع المستوردة.

سجال حكام!

وبعد صمت طويل، وصل خلاله سعر الصرف إلى نحو 620 ليرة سورية في السوق السوداء، وامتعاض الشارع من صمت مصرف سورية المركزي وعدم تدخله لخفض السعر، خرج حاكم المصرف حازم قرفول، ليؤكد أن المصرف لن يتدخل في السوق ولن يضخ أيّة مبالغ من الدولارات في السوق كما ينتظر السوريين.

وقال «قرفول» لقناة «الفضائية السورية»، التابعة للنظام، إن المركزي في الفترات الماضية كان «يسارع إلى تحريك النشرة الرسمية ورفع السعر، أو القيام بضخ عشرات ومئات الملايين من الدولارات، واليوم لدى المصرف المركزي سياسة مختلفة، وهي أن موارد الدولة من القطع الأجنبي ستكون في خدمة تأمين احتياجات المواطن، وتخفيض تكاليف الإنتاج»، على حد تعبيره.

لكن حديثه لم يكن واقعياً بحسب من استطلع «الحل السوري» آراءهم في الشارع السوري، مؤكدين أن السياسة التي يتحدث عنها المصرف لم تثمر- ولن تثمر- عن أيّة نتائج إيجابية في تخفيض السعر، طالما التجار يرفعون من أسعارهم وفقاً لنشرة السوق غير الرسمية وليست الرسمية، إ ذ يؤكد التجار أن المركزي لا يستطيع تغطية تمويل جميع المستوردات بالسعر الرسمي لضعف كميات القطع لديه، ما يدفعهم لشراء الدولارات من السوق السوداء، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع وفقاً لارتفاع سعر الصرف.

وكان «قرفول»، قد أوضح أن «ما يجري في السوق السوداء هو مضاربة وزيادة في الطلب، والمصرف ليس معني بلعبة الاستدراج التي يقودها البعض لاستنزاف قدرات الاقتصاد الوطني» على حد تعبيره.

وعن سياسة الصمت التي اتبعها سابقاً، يقول «قرفول»: إن «تصريحات المركزي كأي مصرف تكون متحفظة، وترتبط بسياسات، واليوم طبيعة تدخلنا مختلفة، وأحياناً قد يُستغل تصريح معين وسط الحرب الاقتصادية التي تتعرض لها سوريا، لتشويه الحقائق».

درغام: لن تستطيع تخفيض السعر

حاكم مصرف سوريا السابق، دريد درغام، أكد بشكل غير مباشر أن المصرف لن يكون قادراً على خفض سعر الصرف، نافياً قدرته نهائياً على إعادته إلى عتبة الـ200 ليرة كما ينتظر البعض أو يظن، قائلاً: «جربت سوريا خلال سنوات الحرب تخفيض سعر صرف الدولار قسرياً 200 ليرة، ولكن في كلتا الحالتين لم يستقر سعر الصرف إلا لأيام قليلة، لذا الأهم من تخفيض سعر الصرف هو استقراره في مستويات تناسب الأدوات والمعطيات المتاحة حسب الظروف».

وأثارت تصريحات «درغام» حملة من الانتقادات لحاكم سوريا المركزي الحالي، بمقارنة أجراها البعض لسعر الصرف فترة الحاكمين، حيث استطاع «درغام» الحفاظ على ثبات السعر فترة حكمه، بينما خرجت الأمور عن سيطرة «قرفول»، وفق نظرتهم ومراقبتهم لحالة سعر الصرف الآن وقبل.

 

إعداد: فتحي أبو سهيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.