..هذه المدينةُ الشمالية البالغ تعداد سكانها نحو مليوني نسمة والتي مزّقتها سنين الحرب والعنف والتوترات بين الطوائف المختلفة، باتت إعادة الروابط الاجتماعية واجباً وبأيّ ثمن، ومن دون ذلك، فإن شياطين الماضي مستعدة للظهور من جديد.

 ——————————————————

ترجمة خاصة- الحل العراق

نشرت وكالة فرانس برس تقريراً تناول كم الكراهية والحقد الذي خلّفه تنظيم #داعش بين أفراد الأسرة الواحدة في مدينة الموصل العراقية.

ففي عام 2014، عندما سيطر جهاديو التنظيم على #الموصل، تمكّن “هيثم سالم” من الفرار من المدينة، لكن ابن أخته التحق بالتنظيم. ومنذ ذلك الحين، و”هيثم” لا يتكلّم مع أخته، وفي هذه المدينة العراقية الكبيرة، لم تنجُ أية عائلة من هذه التصدعات والخلافات التي لا تزال حيّة حتى يومنا هذا.

فهناك من باتوا منبوذين لأن واحد أو أكثر من أقاربهم قد التحقوا بالتنظيم الجهادي، أما من كان قد نزح عن الموصل وعاد إليها فإنه يتم تجنّبه ومقاطعته كذلك لأنه هرب تاركاً وراءه أقاربه. والبعض الآخر من السكان لم يتمكنوا من التكلّم إلى بعضهم البعض لسنين عدّة، لأن الجهاديين كانوا قد قطعوا الاتصالات كما أن المعارك كانت قد أغلقت الطرقات.

ويحذّر الناشطون والخبراء بأنه في هذه المدينة الشمالية البالغ تعداد سكانها حوالي مليوني نسمة التي مزّقتها سنين الحرب والعنف والتوترات بين الطوائف المختلفة، فإن إعادة الروابط الاجتماعية بات واجباً وبأي ثمن، ومن دون ذلك، فإن شياطين الماضي مستعدة للظهور من جديد.

ومع ذلك، فإن الجرح بين “هيثم سالم” وأخته “أم محمود”، التي التحق أبنها بجهاديي التنظيم، لا يزال مفتوحاً. فهذا الموظف البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاماً اضطر إلى النزوح إلى #كردستان في أقصى الشمال، بينما بقيت أخته في الموصل، في الوقت الذي أعلن فيه تنظيم داعش الموصل عاصمة لخلافته في #العراق.

ويحاول “هيثم” الدفاع عن نفسه قبل أن يطرح مظلوميته بوضوح، فيقول: «إنها تلومني لأنني لم أتقصّ أخبارها، لكن #الجهاديين كانوا قد منعوا الهواتف المحمولة، حتى أنني لم أكن أعرف أين هي بالضبط».

ويضيف: «الحقيقة أننا لا نزال لا نعرف شيئاً عما حل بابنها وأن قوات الأمن لا تزال تمنعها من دخول بيتها». وهو تعامل خاص لذوي الجهاديين أو لأولئك المتهمين بأن لهم علاقة بتنظيم داعش، الأمر الذي يوصم العائلة بأكملها بالعار.

وفي ظل هذه الظروف، فإن أمثال “هيثم” كُثر ممن يدّعون بأنهم قد قاطعوا قريباً لهم لأنه مرتبط بتنظيم داعش الذي تم اجتثاثه من الموصل عام 2017.

أما بالنسبة لـ “راغد علي”، فقد قام بالإبلاغ عن ابن عمه الذي كان قد التحق بالتنظيم الإرهابي. ويروي هذا الشاب العاطل عن العمل والبالغ من العمر ثلاثون عاماً ما حصل معه، فيقول: «ما أن تم تحرير المدينة من جهاديي التنظيم، حتى قمت بإخبار قوات الأمن العراقية عن المكان الذي يختبئ فيه ابن عمي. ومنذ ذلك الحين، والعلاقات مع عمي تدهورت».

أما “أم علي”، وهي ربّة منزل وتبلغ من العمر اثنين وأربعين عاماً، فهي ترغب بإعادة الاتصال بأختها، لكنها لم تستطع أن تفعل ذلك حتى الآن فعندما تم إعدام ابن أختها على يد «جلاوذة» داعش، لم تستطع “أم علي” الذهاب مبكراً لعند أختها لمواساتها والقيام بواجب العزاء.

لكنها قامت بذلك ما أن تم تحرير الحي الذي تقطن فيه. لكن على ما يبدو، كانت قد وصلت متأخرة جداً! حيث تروي “أم علي” بعباءتها السوداء وحجابها معاناتها، فتقول: «أختي عنيدة وترفض أن تفهم أن حيّنا كان محاصراً من قبل الجهاديين. لقد طردتني من منزلها».

وتضيف هذه الأم لثلاثة أولاد بأسف: «لا أفهم لما كل هذا الكم من الكراهية بين سكان الموصل اليوم! يجب أن نكون أكثر تعاطفاً وتعاضداً مع بعضنا البعض بعد كل ما عشناه على يد داعش».

من جهته، يرى “محسن صابر”، البالغ من العمر ستة وعشرين عاماً والعامل في المجمع التاريخي، بأن على الحكومة أن تتخذ الإجراءات اللازمة للمساعدة في تحقيق المصالحة.

ويضيف: «يجب الاهتمام بعائلات الجهاديين من خلال محاكمة أولئك المتورطين بالجرائم وإعادة دمج المتبقين في المجتمع».

لكن الشيخ “علي التميمي” له رأيٌ آخر. فإلى جانب دور الدولة والمحاكم في #المجتمع_العراقي القبلي والمتعدد الأعراق والمذاهب، فإن العشائر وعدالتهم التقليدية لها رأيها كذلك.

ويضيف مؤكداً: «نحن مع إبعاد العائلات التي دعمت تنظيم داعش وعلى الدولة أن تحاكمهم. لكن ما ذنب أم أو أب أو زوجة أو طفل لجهادي إذا لم يساندوا التنظيم؟ إنه لا ذنب لهم». ومن ثم يردد الشيخ الآية القرآنية: «ولا تزروا وازرةً وزر أخرى».

ويبين التقرير أنه وفي الغرب السني من البلاد، فإن العشائر قد أعلنت قبولها عودة نساء وأطفال الجهاديين وأكدت ضمانها لأمنهم. وبذلك فإنها تخفف من اكتظاظ #مخيمات_النازحين التي باتت مراكز احتجاج مفتوحة.

حيث تمنع السلطات مئات العائلات المتهمة بأنها على صلة مع تنظيم داعش خوفاً من إنشاء خلايا جديدة لهذا التنظيم الإرهابي. لكن وفي حالاتٍ كثيرة، فإن هذه العائلات لا تغادر تلك المخيمات خشية أن تتعرض للثأر.

لكن الناشطين والخبراء يحذّرون من أن يصبح كل هؤلاء أهداف سهلة للتطرف بسبب الشعور الواسع بالظلم بين #الأقلية_السنية في العراق.

 

عن موقع ((Courrier international الفرنسي- ترجمة الحل العراق

الصورة المرفقة تعبيرية- أرشيف

————————————————————————————-

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.