فوضى المواصلات وآثارها السلبية تؤرق المدنيين في ديرالزور ولا حلول في الأفق

فوضى المواصلات وآثارها السلبية تؤرق المدنيين في ديرالزور ولا حلول في الأفق

(الحل) – يعانى سكان الأحياء المأهولة في مدينة #دير_الزور الواقعة تحت سيطرة قوات النظام والمليشيات الموالية له، من فوضى وسائل المواصلات وسائقيها من جهة، ومن نقص هذه المواصلات في بعض المناطق والقرى من جهة أخرى.

وسادت حالة من الغضب بين المواطنين مؤخراً، بسبب انتشار الفوضى ووقوع بعض المشاكل والمناحرات بين المواطنين على مواقف سيارات الأجرة و«الميكروباص» في داخل تلك الأحياء، بسبب غياب الرقابة التامة من إدارة المرور، واستغلال السائقين الفرصة في تجزئة المسافات وفرض تسعيرة عشوائية جديدة على الخطوط في وقت الذروة والزحام الشديد وخاصة في ساعات الصباح الأولى خلال بدء دوام الموظفين والطلاب.

أجور المواصلات «تشفط» الراتب

وقال خالد شويخ (44) عاماً، لموقع «الحل» إنه «يسكن في حي الموظفين وعمله في إرشادية قرية #الجفرة خارج المدينة، ويضطر إلى ركوب ميكرو باص أولاً من داخل حيه  إلى حي (هرابش)، ثم يستقل بعدها  سيارة أخرى للوصول إلى مركز عمله في القرية المذكورة، إذ يكلفه ذلك  مبلغ وقدره 400 ليرة سورية، أي يخسر  ما يقارب 4800 ليرة خلال الشهر الواحد للوصول إلى عمله»، ويضيف ساخراً «بأنني أحمد الله أن دوامي ثلاثة أيام  في الأسبوع فقط، وإلا كنت سأصرف راتبي كله أجوراً  للمواصلات» لافتاً إلى أن «سائقي التكاسي الأجرة، يتفقون على تجزئة المسافة للحصول على ضعف الأجرة المحددة»، وفق قوله.

بينما أفادت «سنا سليمان»، طالبة في جامعة الفرات، لموقع «الحل»، بأنها «تستقل ثلاث مواصلات من حيث سكنها في حي (الطحطوح) للوصول إلى مقر الجامعة على طريق ديرالزور دمشق خارج المدينةۜ»، وتضيف: أن «السائقون يغتنمون الفرصة أثناء الزحام فترة بدء العمل صباحاً، وأوقات الامتحانات لكي يستغلوا المواطنين، فالمواصلات تكلف أكثر من  250 ليرة يومياً».

من «يسترجي» يحاسب سيارة الضابط؟

بدورها أضافت «سهير الفاضل» طالبة جامعية أخرى، تسكن عند دوار غسان عبود، بأن «استغلال  السائقين تجاوز الحد دون رقيب أو حسيب من أيّة جهة، فالدوام بالنسبة لي بات شبه دوّامة، لصعوبة المواصلات وتعقيدها، وحتى أصل منزلي أقوم بأخذ سيارة من  منطقة الجامعة إلى منطقة العمال ثم أخرى إلى آخر حي الحميدية، مع أن موقع الجامعة  ليس بداية الموقف، ومع ذلك ادفع  الأجرة كاملة ومنتصف المسافة فقط».

من جهته يقول زياد الموسى (45) عاماً، سائق: «ليس كل السائقين بنفس الدرجة من الطمع في استغلال المواطن، فيوجد سائق يلتزم بالأجرة المحددة والمسافة، وأن انتشار فوضى المواصلات واستغلال بعض السائقين للوضع الحالي، يرجع لعدم وجود رقابة، أو يكون السائق أحد عناصر المليشيات المنتشرة في الأحياء أو تعود السيارة أو سيارة الخدمة لديه لأحد الضباط أو المسؤولين، وهنا يختلف الوضع كثيراً»، وفق وصفه.

سيارات من دون نمرة

وعلى طول خط المطار العسكري (هرابش، الطحطوح، والصناعة) انتشرت ظاهرة الميكروباص وسيارات أجرة دون لوحات معدنية، وفي ذلك، تقول السيدة «لمى العباس لموقع «الحل»: «أصبحت معظم شوارع المدينة مرتعاً لغطرسة وتجاوزات سائقي المليشيات المنتشرة في المدينة، أكثر من الهم على القلب» وفق تعبيرها.

وأضافت، أن «سيارات الأجرة التي يستقلها المواطنون من نواحي المطار العسكري (مساكن الضباط قديماً، وبلدة الجفرة) إلى داخل الأحياء المأهولة، تكون غالبيتها دون أرقام أو تراخيص».

وعن ذلك الموضوع، أوضح «عبد السليمان» من ساكني حي هرابش،  لموقع «الحل»، أن «ظاهرة السيارات دون أرقام أصبحت منتشرة، وخاصةً فى السيارات السوزوكى، التي تعود ملكيتها لمليشيات الدفاع الوطني، قاموا بتعفيشها مسبقاً من مناطق متفرقة من المحافظة».

بينما في موقف طب الجورة، اشتكى سائقو الأجرة من سيطرة مليشيا العشائر ودرع الأمن العسكري عليه وفرض الأتاوات على السائقين إلى جانب تأجير الموقف للباعة الجائلين، وفق قوله.

وقال مصطفى الخليل، محامٍ في الأحياء المأهولة، لموقع «الحل»، إنه «تقدم بشكوى لإدارة المرور في المدينة، بعد أن لجأ إليه بعض السائقين لنجدتهم من التجاوزات وفرض الإتاوات من جانب بعض المليشيات المسيطرة على المواقف، ووصل الأمر إلى طردهم منها وتأجيرها للباعة الجائلين، ولكن دون جدوى، فلا عين ترى ولا أذن تسمع» هكذا ينهي الحقوقي كلامه، دون أن يستطيع تقديم أيّة حلول أو مساعدة لهم، متحسراً على ذلك.

في رحلة العذاب اليومية

من مركز مدينة دير الزور إلى ريفها الشرقي والذي يعانى سكانه من قلة وجود مواصلات  بين القرى والبلدات أيضاً. الأمر هنا لا يختلف لا عن غربه ولا شماله فالأزمة واحدة أينما اتجهت، يشرح «عبيد الجاسم»، أحد أهالى قرية #الزباري، لموقع «الحل»، معاناته اليومية مع المواصلات قائلاً: «أعانى يوميًا أنا وزوجتي من رحلة العذاب التي نعيشها ذهابًا وإيابًا للعمل في مدينة الميادين، فتبدأ المأساة من الصباح الباكر عندما لا نجد مواصلات على الطريق العام، للقرية لنأخذ بعدها قرار استخدام أيّة وسيلة متوفرة مهما كانت، حيث نضطر أحياناً لقطع مسافة 5 كيلو متر مشياً على الأقدام للوصول إلى أقرب نقطة في بلدة بقرص التي تحوي وسيلة نقل ما لتقلنا إلى مكان عملنا في الميادين».

بينما قال «أنس الحميدي»، من سكان قرية بقرص: «نضطر إلى اللجوء للدراجات النارية لقضاء حاجتنا لفشلنا الحصول على وسيلة مواصلات آمنة في القرية»، لافتًا إلى أن «معظم سائقي الدرجات النارية هم من الأطفال دون سن 18 عاماً ، وهو ما أدى إلى وقوع العديد من الحوادث، خلال التنقل»، وفق قوله.

المسؤولون أصابهم العمى

أما علي الصالح (من موحسن، وموظف في  نفوس مدينة الميادين)، فيقول: «استقل يومياً مواصلات عدّة حتى أصل لمقر عملي بوسط مدينة الميادين، وخلال هذه الرحلة استخدم العديد من الوسائل التي يجب أن ينظر إليها المسؤولين الذين أصابهم العمى عما يحدث ويمارس بحق المواطن» ويشير إلى أن «هناك سيارات يمكن وصفها بأنها مخلفات حرب، فهي لا تتجاوز قطعة حديد أكلها الصدأ تسير على أربع عجلات تعرض حياة من يستقلها للخطر»  وفق تعبيره.

ويؤكد الصالح، أن «منظومة النقل في المحافظة تحتاج لإعادة هيكلة والنظر إلى وسائل المواصلات إلى يستخدمها المواطنين يومياً والآثار السلبية التي تنتج عن قلة توفرها، فقد حرمت أربع طالبات ثانوي قبل أيام قليلة من تقديم الامتحان، والسبب تعطل السيارة التي كانت تقلهم إلى مركز المدينة، إلى جانب تأخر العمال والموظفين عن عملهم في معظم الأوقات نتيجة قلة وعدم توفر أي وسيلة نقل، والأهم من كل ذلك هو طمع وجشع بعض سائقي سيارات الأجرة، ما يدفع الأهالي للهرب منهم والبحث عن أيّة وسيلة نقل أرخص مهما كان هيكلها» وفق وصفه.

وكما هي العادة في السنوات الأخيرة، لم يتمكن «الحل السوري» من الوصول إلى الجهات المعنية، للوقوف على أسباب المشكلة، وإيجاد وتقديم الحلول لها، وذلك للضرورات الأمنية أولاً، ولعدم معرفة من المسؤول عن ذلك ثانياً، بسبب كثرة الرؤوس الكبيرة التي تحكم المحافظة وخاصة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام والميلشيات التابعة لها، والتي تتحكم بكل المداخل والمخارج، ومفاصل الحياة التي أصبحت جحيماً بسبب انتهاكاتهم اليومية بحق المواطنين.

التخطيط اليومي للوصول إلى مكان العمل

من جانبه أشار «عمار الحسين» (مهندس اتصالات) إلى أنه «من سكان مدينة الميادين ويعمل في مركز البريد  بمدينة ديرالزور، ويعاني من مأساة المواصلات في رحلة من المنزل للعمل والعكس، موضحاً أن ارتفاع أسعار المحروقات ألقى بظلاله، وأدى إلى زيادة أجرة المواصلات، إذ أنه كان يتكلف ما يقارب 500 ل.س  للوصول لعمله ولكن بعد ارتفاع الأسعار وصلت مصروفاته إلى ما يزيد عن 700 ل.س، وهو ما جعله يعاني كثيراً في الوصول لعمله وتدبير أحوال المعيشة لأن الأعباء في زيادة مستمرة وطالب هيئة النقل بتوفير مواصلات بأسعار تناسب الأهالي، في ظل الظروف المعيشية السيئة التي يعيشها غالبيتهم».

بينما تقول «نعيمة» وهي (معلمة من مدينة العشارة) اكتفت بذكر اسمها الأول، لموقع «الحل»، أنّ «أزمة النقل باتت همّاً كبيراً لدى سكان الريف الشرقي ، فالحصول على وسيلة نقل ما في ساعات الصباح الأولى، بات مهمّة صعبة تحتاج للخبرة والتخطيط والصبر». وفق تعبيرها.

وأضافت، أنّ «المواصلات القليلة المتوفرة تستنزف جيوب المواطنين وتُعيق حركتهم، فتكاليف النقل تستحوذ على أكثر من 50% من دخل الأُسرة وخاصةً القاطنة في الأرياف، والتي تحتاج إلى تنقّل بشكل يومي إلى مراكز عملها في المدن، بالإضافة إلى الأُسر التي لديها أكثر من فرد في الجامعات والمعاهد أيضاً».

وتوفيراً للوقت والمال واستثماره في أغراض أخرى ضرورية يخرج غالبية الأهالي من منازلهم باكراً ويصلون إلى وجهاتهم سيراً على الأقدام.

تتابع حديثها، لافتة إلى أن «أجرة خدمة (التاكسي) داخل المنطقة الواحدة ارتفعت بشكل جنوني مؤخراً، فتكلفة الوصول من العشارة إلى الميادين تصل إلى 800 ل.س، وذلك بحسب قوة شخصية الراكب ومدى درايته بالأسعار الحقيقية الصادرة عن دوائر المواصلات التابعة للنظام»، وفق قولها.

الجهات المعنية في سبات

وختاماً؛ من المؤكد أن أزمة المواصلات في محافظة دير الزور ليست بالجديدة، هي أزمة قديمة ومُتجددة لا يُمكن غض البصر عنها، وباتت مشكلة حقيقية تتفاقم يوماً بعد الآخر دون إيجاد أدوات ردع من الجهات المسؤولة التي تعيش في حالة سبات تجاه هذه المعضلة، ضاربة عرض الحائط بهموم ومآسي السكان، الذين ينفقون أكثر من نصف رواتبهم الشهرية رسوماً لها، ليبقى المواطن ضحية الابتزاز والجشع تارةً، وملزماً بالقرارات والقوانين تارةً أخرى.

 

إعداد وتحقيق: حمزة فراتي

الصور من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.