نينوى ـ علي الحياني
أزقةٌ ضيقة، ومنازل صغيرة وعتيقة، هو الشكل الظاهري للمدينة القديمة في الموصل، التي تُعد روح #نينوى وذاكرتها، ومنها خرجت التوسعة السكانية والعمرانية إلى كل أجزاء المحافظة العراقية، والتأريخ يمتد لآلاف السنين، ومنها أيضاً عُرفت اللجهة “المصلاوية” أو (القُحيَّة) كما هي معروفة.
تقعُ المدينة القديمة، ضمن منطقة ما يُعرف بالساحل الأيمن للموصل، حيثُ يمر نهر دجلة بنينوى، ويشطرها إلى ساحلين أقدمهما الأيمن، والحديثُ هو الأيسر، وبالرغم من أن القلب دائماً في الضفة اليُسرى، إلا أن نينوى لها تصميمها الخاص.
وتضمُّ أبرز المعالم الحضارية والدينية القديمة، لا سيما تلك التي ظلّت لزمنٍ تمثل تاريخ المدينة بشكلٍ خاص، والعراق بشكلٍ عام، مثل “#جامع_النوري” ويضمُّ بدوره #منارة_الحدباء، وقد وجوامع وأديرة أخرى، تعرضت جميعها إلى دمارٍ كبيرٍ أثناء معركة تحرير من تنظيم “#داعش” الإرهابي.
طال الدمار، أكثر من /22/ ألف بناية، منها منازل المواطنين وأسواق تجارية ومقاهي وشوارع وميادين، وعمارات ومساجد وكنائس وغيرها، حتى غدت المدينة الأحب للعراقيين، أكواماً من الحجارة تاركة دماء ساكنيها ودموع وذكريات لا تُنسى، وتُصارع بقايا هذه الأبنية، قرارات سياسية جديدة، بتحويلها إلى مدينة حديثة، بعد مسح كل القديم بالجرافات.
وبالرغم من مرور عامين على تحرير مدينة الموصل بالكامل من سيطرة التنظيم المتوحش، إلا أن أكوام حجارة المباني ما تزال في مكانها بالمنطقة القديمة، حيث لم تطلها يد الإعمار، ولا حتى تعويض الأهالي ليتمكنوا من العودة إلى منازلهم ويعيدوا ذكرياتهم التي نغصتها الحرب الأخيرة، وراح ضحيتها مئات #القتلى والجرحى.
قصة المحافظ والصلاحيات
شهدت الأسابيع الماضية، جدالاً واسعاً في الموصل، تحديداً بعد إعلان “#منصور_المرعيد” محافظاً لنينوى، أعقبه إعلان المرعيد عن نيته بتحويل المدينة القديمة إلى شركات الاستثمار التجاري ومنها الميدان والقليعات، أعتق الأحياء الموصلية، وقد لاقى هذا التصريح ردود فعل غاضبة، بين #الأوساط #السياسية والثقافية والشعبية داخل المدينة، مُعتبرة أن المدن القديمة تُرمم بطرقٍ علمية وليس إهمال التاريخ وتحطيم ما تبقى من الذكريات.
في السياق، قال #حسام_العبار، وهو عضو المجلس المحلي في #نينوى، لـ”الحل العراق“، إن «تصريحات محافظ نينوى بخصوص الأملاك في منطقتي #الميدان والقليعات، هي مرفوضة بالنسبة لنا، لأن تغيير تصميم #المناطق يُعد من صلاحيات #المجلس».
لافتاً إلى أن «تصريحات المرعيد غير قانونية، ويجب أن تكون لدينا صورة واضحة عن أي مشروع استثماري، ولن نسمح بتغيير تصميم هذه #المنطقة #الأثرية».
من جانبه، اتفق مدير دائرة #آثار نينوى، مصعب محمد جاسم، مع العبار، قائلاً لـ”الحل العراق“، إن «تغيير تصميم #المنطقة القديمة لن يُمرر بسهولة، لأن هذا الملف يحتاج إلى موافقات من دائرة #الآثار والبلدية، مع العلم أن المدينة القدينة مُسجلة لدينا على أنها أثرية».
وأضاف أن «مديرية آثار #نينوى شخصت جميع #الأماكن الأثرية داخل المنطقة #القديمة، ولن نعطي رخصة واحدة لتغيير التصاميم الخاصة بها، ولكن المشكلة هي وجود عدد من المواطنين الذين باتوا يبيعون أملاكهم، وهي أثرية، بسبب حاجتهم للمال».
مُعارضةٌ ثقافية
مثقفون وشخصيات فنية وأدبية، يستذكرون بحزنٍ شديد ما حدث للمدينة القديمة، التي كانت مرتعاً لصباهم وبوابة واسعة لخيالهم في الكتابة والتلحين والرسم.
#الكاتب #عامر_البك، أشار إلى إن «قديمة الموصل تحوَّلت إلى #خراب ودمار وعشوائيات، ولكن في نفس الوقت، ما تزال محافظة على دلالاتها التأريخية والرمزية، ونحن نفتخر بحجارتها القديمة».
مبيناً لـ”الحل العراق“، أن «من واجب كل مواطن أصيل رفض محاولات #الترويج لفكرة بيع #المنازل للغرباء، لا سيما الذين ينتمون إلى جهات مشبوهة هدفها التغيير #الديموغرافي للسكان، ومحو تاريخ وحضارة مدينة الموصل».
أما #المخرج والفنان الموصلي #عبير_البيك قال لـ”الحل العراق“، إن «#الاستثمار، لا يمكن أن يتم على حساب أملاك الأهالي، وتاريخ المدينة، ونستغرب أن يخرج هذا التصريح من أعلى مسؤول في المحافظة، فبدل أن يعمل على إعادة #الروح لهذه المنطقة، وتعويض المواطنين يعمل على تحويل المنطقة للاستثمار، وهنا نضع ألف علامة استفهام».
غرباء في المدينة!
يدورُ جدلٌ واسع بشأن عمليات شراء مهولة لعقارات #المواطنين في قديمة الموصل، لشخصيات غريبة عن مجتمع المدينة، وكشف عن ذلك، هاشم عبد الكريم، وهو صاحب #مكتب #عقارات في الجانب الأيمن من المحافظة.
مشيراً إلى إن «الأشهر الماضية شهدت إقبالاً كبيراً على شراء منازل المواطنين في المدينة القديمة، وخاصة في أحياء الميدان والقليعات وشارع #الفاروق، وأغلبها مناطق مطلة على #نهر_دجلة».
وأكد لـ”الحل العراق“، أن «مكتبهُ يسجل شهرياً بيع ما لا يقل عن 10 #منازل، ومن يشتريها هم أشخاص لا نعرفهم، حتى أن لهجاتهم تبدو غريبة عن المجتمع الموصلي، وكل شخص فيهم يشتري أكثر من 5 إلى 6 عقارات دفعة واحدة!».
هذا الأمر يؤكد الأنباء والتسريبات التي أفادت بها وكالات وصحف عربية، في وقتٍ سابق، بشأن سعي جهات سياسية، إلى الاستملاك في الموصل، من أجل اجراء تغييرات ديموغرافية في المدينة، وهذه الجهات مدعومة من #إيران.
الهرب من الذكريات
وعن أسباب بيع المنازل والأملاك، أوضح #ثامر_الأغا، وهو من أهالي المدينة القديمة، لـ”الحل العراق“، أن «منزله تعرض للقصف أثناء الحرب على “داعش، وفقد /2/ من أبنائه وزوجته.. ولم تعد له أية ذكريات ولا يريد العودة إلى تلك المنطقة، وأنه بحاجة للمال».
الحال نفسه ينطبق على #محمد_جمال (33 سنة)، الذي لفت في حديثهِ مع “الحل العراق“، إلى أنه «يسكن منزلاً بالإيجار في الجانب الأيسر من الموصل، بعد أن تعرض منزله الأصلي للدمار في المنطقة القديمة أثناء الحرب الأخيرة، ويعيش وضعاً مأساوياً، وإنه اضطر لبيع عقاره الأصلي، بعد أن يأس من الحكومة ووعودها بتعويضه».
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
الصور المرفقة (المدينة القديمة في الموصل) خاصة ـ أرشيف الحل
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.