يبدو أن القرار جاء بضماناتٍ واتفاقاتٍ كخطوةٍ لسياسةٍ إيرانية جديدة؛ لتدعيم فك الخناق عنها وكسب الوقت وجعل الحرب خياراً محالاً، فلا إيران تعلن عن سلميتها بهذه السهولة ولا القوة التي بنتها لأعوام تتلاشى بهذا الشكل، وليس من مصلحتها أيضاً أن يكون للعراق قوة عسكرية وطنية.

——————————————————

علي مراد

سؤال اختفى جوابه ورؤية يوماً بعد يوم فقدت وضوحها، فقبل أن يعلن #العراق انتصاره على تنظيم #داعش، انطلقت تساؤلات كثيرة من قوى عراقية ودولية عن مستقبل وجود ميليشيات #الحشد_الشعبي في العراق، والتي أخذت الشرعية التامّة في مشاركتها في القتال بموازاة #القوّات_الحكومية الرسمية، هذا الحصان الهائج الذي تشكلت أجزاءه من عدّة ميليشيات معظمها تأتمر بأوامر إيرانية يحتاج الى سائس يخفف من جموحه ويحوله الى كائن أليف.

اليوم يخرج الجواب واضحاً بلا مقدمات واضحة.. بورقة قرارات يحملها رئيس الوزراء العراقي #عادل_عبد_المهدي بحل الحشد الشعبي واغلاق المكاتب والمعسكرات التابعة له وضمّه الى وزارة الدفاع.

خطوة تعد الأبرز لحكومة عبد المهدي التي أيدتها مرجعية #علي_السيستاني و #مقتدى_الصدر وانصياع كتل برلمانية لها أجنحتها الكبيرة في الحشد الشعبي مثل #منظمة_بدر وميليشيا العصائب وترحيب كتل برلمانية سنية وكردية.

بعد هذا القرار المفصلي في تقنين ميليشيا الحشد الشعبي وجعلها ضمن القوات النظامية؛ تظهر مجموعة استفهامات حول موقف إيران من كسر حربتها الحادّة في العراق، لاشك إن هناك ممراً خفياً خرج منه هذا القرار المفاجئ الذي قد يظهر مرّة إنقاذاً لإيران وتخفيفاً لمحنتها مع الحصار الذي يضيق الخناق عليها، وإبعاد فرصة الحرب التي تلاحقها، ويظهر مرة أخرى إنقاذا للعراق من سيطرة الميلشيات على مفاصل الحياة فيه.

ويظهر استفهام آخر حول توقيت “ترامب” في تراجعه عن موقفه من الحرب على إيران، فما مدى ارتباط  قرار التراجع عن الحرب بقرار حل ميلشيا الحشد الشعبي ودمجها بالقوات الرسمية؟.

قد تظهر بصمات هنا وهناك لأصابع “ترامب” في الممر الخفي لهذه القرارات المهمة، وقد يفسر الضغط الذي مارسته إدارة الرئيس الأميركي على إيران وأجنحتها في المنطقة الذي ظهرت نتائجه بالفعل؛ كرسالة اطمئنان لدول المنطقة التي تعلن دائماً عن مخاوفها من وجود ميلشيات إيرانية تتحرك بصفة رسمية عراقية.

وبالرغم من وجود معالم لاتفاقات سرية بين ايران وأمريكا، أهمها عدم اعتراض إيران على قرار دمج ميليشيا الحشد، إلا إن من الواضح إن #إيران لا توافق بسهولة عن تلاشي الجسم الذي انتظرت طويلاً حتى تجعله قوياً وكبيراً بهذا الحجم، وقد يواجه هذا القرار مطبات كثيرة من قبل أذرع ايران السياسية في عتبة البرلمان والحكومة العراقية حتى يصبح ملائماً للوضع الجديد للميليشيات الايرانية.

فلو كان هذا القرار قادماً من حكومة وطنية قوية لما ظهرت كل هذه الشكوك حوله، وكان تنفيذه أصدق وأقرب للحقيقة، إلا إن حكومة عبد المهدي تعاني الضعف والرضوخ وليس بمقدورها أن تأتي بقرار أقل خسائره هو سحب الثقة منها من قبل الكتل البرلمانية التي على علاقة وطيدة مع أيران.

لكن يبدو أن القرار جاء بضمانات واتفاقات كخطوة لسياسة إيرانية جديدة لتدعيم فك الخناق عنها وكسب الوقت وجعل الحرب خياراً محالاً، فلا أيران تعلن عن سلميتها بهذه السهولة ولا القوة التي بنتها لأعوام تتلاشى بهذا الشكل، وليس من مصلحتها أيضاً أن يكون للعراق قوة عسكرية وطنية.

فقد تبقى ورقة القرارات التي قدمها عبد المهدي مبهمة حول من سيقود مؤسسة الحشد؟ وهل ستبقى تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة أم أن لتنصيب رئيسها قرار برلماني؟ هل ستتفكك بالفعل وتندمج في ألوية وفيالق وزارة الدفاع أم أنها ستأخذ صفة القوات الفيدرالية ولها حدود جغرافية تحكمها بصفة تشبه صفة البيشمركة الكردية؟

هل ستبقى بهذه الصبغة الطائفية أم ستأخذ صفة وطنية؟ هل سيقودها ضابط عسكري متخرج من الكلية العسكرية العراقية أم ستعود قيادتها لقادة الحشد الذين سيحملون رتباً عسكرية بصفة (دمج)؟ هل سيلوح قيادات الحشد مستقبلاً في خطاباتهم الى عودة هذه القوة لهم أم للدولة العراقية ؟ أمام هذا القرار لن تنقطع الاسئلة ولن تتوقف الاستفهامات مادام هناك أيرانٌ لعوب وعراق ضعيف.

————————————————————————–

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.