(الحل) – بات تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة  من قبل #الميليشيات_الإيرانية في #دير_الزور، ظاهرة لا تخفى على أحد. وتتسابق تلك الميليشيات فيما بينها لجذب أكبر عدد ممكن من الأطفال وتجنيدهم، مستغلة أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية المتردية بفعل أكثر من ثمان سنوات حرب.
وتعمد الميليشيات الإيرانية الموجودة في ديرالزور، إلى زج الأطفال في مُخيمات تدريبية منتشرة في مناطق سيطرة النظام  بالمحافظة، تكاد تكون أشبه بالسجون الخاصة، يُمنع فيها الأطفال من التواصل مع ذويهم حتى انتهاء فترة التدريبات.

العقوبات أجبرت إيران على الانسحاب

بدأ النفوذ الإيراني في سوريا بالتراجع، لأسباب أهمها اقتصادية، فهي لم تعد تحتمل تكلفة وجود عناصرها في سوريا، وأخرى سياسية، فوجود طهران في سوريا ليس مرغوباً من قبل إسرائيل، أو حليفتها أمريكا، ومع زيادة الضغوط على طهران بشأن الاتفاق النووي، يبدو أنها بدأت بالاستجابة.

استجابة طهران ظهرت بانخفاض عدد قواتها في سوريا من 25 إلى 10 آلاف مقاتل، خلال الأشهر الأخيرة، بحسب ما أكده مصدر مقرب من السلطات في دمشق لموقع (الحل)، لكن إيران مازالت مترددة في إنهاء نفوذها، فرغم سحب قواتها الأساسية، تحاول أن تبقي لها موطئ قدم عبر زرع أفكارها في أذهان الأطفال، استراتيجية اتبعها (داعش) سابقاً في معسكرات أشباله.

 

الجنود الأطفال بديلاً

ووفقاً لعدة مصادر أهلية لموقع (الحل) فإن#الحرس_الثوري_الإيراني يعمد إلى زج بعض الأطفال المتخرجين حديثاً من تلك المعسكرات، كمُسلحين في شوارع مدينتي #الميادين و#البوكمال، ضمن دوريات خاصة، كنوع من التدريب على القوة وفرض الأوامر على عوام الناس، في مشهد مماثل لما كان يفعله تنظيم (داعش) المتشدد سابقاً بأطفال المنطقة“.
وأضافت المصادر أن ميليشيات #إيران على اختلاف مسمياتها، باتت في الأشهر الأخيرة تركز على استخدام الأطفال المُجندين ضمن صفوفها في مهام عسكرية على خطوط التماس خارج المحافظة وتشغيلهم في أعمال نقل العتاد والذخيرة للعناصر المقاتلة، إلى جانب المهام القتالية الموكلة لهم إضافة للقيام بعملياتتعفيشداخل المحافظة“.

وأوضحت المصادر، أنتلك المليشيات وعلى رأسها الحرس الثوري، يستغل الحاجة المادية للأهالي، لتجنيد أطفالهم، مقابل مساعدات مادية وإغاثية تقدّم لتلك العوائل، فضلاً عن اللعب على وتر الدين والطائفية“.


معسكرات خاصة

مصدر أهلي من مدينة البو كمال رفض كشف اسمه لأسباب أمنية، أكد لموقع (الحل) ، أنالحرس الثوري الإيراني يقوم بجمع الأطفال المنتسبين حديثاً دون سن الـ 15عاماً في أحد مقراتهم بداخل المدينة وعندما يبلغ عدد المجموعة 25 طفلاً، يرسلهم إلى المعسكرات لتلقي التدريبات العسكرية والدروس العقائدية“.

وأضاف المصدر قائلاً: “قام الحرس الثوري بفتح عدة معسكرات مؤخراً في عدة مدن وبلدات بالمنطقة بحجة أنها معاهد دينية منها معهد (لبيك ياحسين) ومعهد (أشبال عليومعظم تلك المعاهد أقيمت في منازل مدنيين نازحين وتم الاستيلاء عليها“.


عزل الأطفال

المصدر ذاته أكد أنالطفل المجند في صفوف الميليشيات يخضع لثلاثة مستويات من التدريب.
الأوّل: دينيّ، يتمّ تلقينه دروساً دينية تحريضية من قبل رجال دين شيعة من العراق ومن المنطقة ذاتها. والمستوى الثاني تدريب عمليّ، يتمّ فيه تعليمه على استخدام مختلف أنواع الأسلحة وتنفيذ عمليات الاغتيال والتفجيرات وإخضاعه لتدريبات جسديّة قاسية.
أما المستوى الثالث فهو تدريب نفسيّ، حيث يتمّ زجّ الطفل في نقاط الحراسة وعلى الحواجز، ومنحه الفرصة بعض الأحيان ليلقي خطبة بأحد مساجد المنطقة، لدعم قدرته على القيادة وتعميق غروره وتفوّقه على المجتمع“.
ولفت المصدر إلى أنه في بعض الحالات يتم نقل بعض الأطفال إلى معسكرات في العراق لاتباع دورات متقدمة والغاية من ذلك إبعادهم أكبر مسافة ممكنة عن محيطهم الاجتماعي وعزلهم“.


غايات وأهداف

أوضح سالم .م من مدينة الميادين، لموقع (الحل)، أن الغاية من إنشاء تلك المعسكرات هي استخدام الأطفال وتجنيدهم في المعارك التي تخوضها الميليشيات الإيرانية إلى جانب النظام في عموم سوريا، وأهداف وغايات أخرى بعيدة المدى، في إشارة إلى مسألةالتغيير الديموغرافي وتشييع المنطقة وتغيير هويتها الاجتماعية”، وفق تعبيره.

معسكرات إيران في دير الزور لا تختلف كثيراً عنمعسكرات الأشبالالتابعة لداعش، ففيها شقين من التدريب، الأول عسكري، والثاني، أكثر أهمية، وهوالعقائدي، يتم تلقين الأطفال خلاله أفكاراً طائفية وسياسية متطرفة، تشابه فكر النظام الحاكم في طهران.


أماكن انتشار وتوزيع المعسكرات

وبحسب المصدر ذاته فإنمعسكرات تجنيد الأطفال تتوزع بداخل مدينة الميادين والبوكمال والقورية ومحكان وقرى حطلة والحسينية غربي ديرالزور، وداخل الأحياء المأهولة في مدينة دير الزور كحيي الجورة والقصور، بالإضافة لوجود معسكر خاص في بلدة معدان في الريف الغربي، وتعدادها جميعاً يتجاوز 10 معسكرات، إذ تتكتم مليشيات إيران على هذه المعسكرات، حيث فرضت أشد العقوبات على من يقوم بتسريب أي صورة أو معلومة عنها“.

من جهته يقول يوسف سرايا (صحفي من ريف ديرالزور) لموقع (الحل)، إنعملية تجنيد الأطفال ارتبطت لدىَ ميليشيات إيران في عموم المنطقة ببعدين استراتيجيين، البعد الأول يرتبط بواقع أزمة النقص العددي التى بدأت تعصف بهم بعد الصعفات الأميركية الأخيرة التي تلقتها إيران والتي انعكست آثارها سلباً على ميليشياتها المنتشرة في عموم مناطق سوريا.
بينما يرتبط البعد الثاني بما تتميز به عملية تجنيد الأطفال ما يدفع بتلك المليشيات إلى الاعتماد عليها، وهي على النحو التالي: أولاً: ربط أجيال جديدة بإيران في المنطقة، فأطفال اليوم هم شباب الغد، حيث تراهن ميليشيا الحرس الثوري وبقية المليشيات الأخرى على رفع المستوى التدريبي للمقاتلين الصغار، ولاسيما مع حداثة أعمارهم، واعتبار ذلك فرصة لتنشئتهم على أفكارها ومعتقداتها الدينيَّة والقتاليَّة.

ثانياً: يتيح استخدام الأطفال لقادة تلك المليشيات فرصة لتمويه أعدائهم وخداعهم، إذ يسهل استخدام الصغار فى العمليات النوعيَّة دون أن يلفتوا الانتباه، في مشهد مماثل لما قام به مسحلي (داعش) بحق بعض الفتية سابقاً”.

 

الترغيب والترهيب 

عبد الله (14عاماً) من مدينة البو كمال، جُند خلال الأشهر الماضية في صفوف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في المدينة، قال لموقع (الحل)، “ما دفعني للانضمام لمعسكر الحرس الثوري هو صديقي أسامة (15) عاماً، الذي قدمت له الكثير من المزايا بعد تخرجه من المعسكر، سواء من حيث المال أو السلطة، وأثناء وجوده في المعسكر الذي استمر قرابة الشهرين ونصف كان يتقاضى أجراً قدره 200 دولار أمريكي، وقاموا بمساعدته أيضاً في الزواج وتقديم منزل له بالمجان“.

وتلقى عبد الله خلال تواجده في معسكرأشبال عليتدريبات عسكرية مكثفة على استخدام الأسلحة الخفيفة وخوض الاشتباكات المباشرة، إلى جانب دروس عقائدية وتحريضية للانتقام منقتلة الحسين”، وفق التعبير المستخدم.

حذيفة طفل آخر من مدينة الميادين، يبلغ عمره (15عاماً)، أصبح مسلحاً في صفوف المليشيات الإيرانية بعد تلقيه تدريبات في معسكرجنود المهديداخل المدينة، وأوضح حذيفة لموقع (الحل)، أنهانتسب إلى مليشيا #فاطميون، مؤكداً أنه يتلقى نحو 300 دولار شهرياً”.

ولا تعتمد الميليشيات الإيرانية على أسلوب الترغيب فقط لتجنيد الأطفال حيث تعمد أحياناً على انتزاع الأطفال من عائلاتهم، كما يتم الاستفادة من الأطفال الأيتام والمشردين.

ولفت الطفل المجند إلى أنهمتلقوا خلال التدريب دروساً من قبل مشرفين ومدربين عراقيين وسوريين، فحواها أن الإمام المهدي المنتظر يريدنا جنوده في العراق واليمن وسوريا وفي أي مكان يتطلب وجودنا ويجب أن نلبي نداءهوفق زعمهم.

 

نهاية الوجود الإيراني في سوريا ليست بعيدة

الانسحاب الإيراني من سوريا، جاء بالتزامن مع تزايد حدة التوتر بين عناصرها في دير الزور وقوات الجيش السوري، فقد شهدت الآونة الأخيرة اشتباكات متكررة بين الجانبين نتج عنها عدداً من القتلى، فإيران تسعى لكسب نفوذ في تلك المنطقة حتى ولو كان على حساب حليفها المفترض.

تناقص أعداد الميليشيات الإيرانية في سوريا دليل واضح على عجزها عن تغطية التكاليف المادية الذي يتطلبها وجود هذه المليشيات، لكن من المرجح أن تركز طهران اعتمادها على النقاط القريبة من الحدود العراقية، حيث ماتزال تحظى ببعض النفوذ هناك، كسبيل محتمل لمد حزب الله بالسلاح، وربما هذه تكون هذه المواقع آخر ماتتخلى عنه إيران في سوريا، ومع استمرار العقوبات والضغوطات عليها، يبدو أن ذلك لن يكون بعيداً.


إعداد: حمزة فراتي 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة