“الكمائن الليلية” و “الذئاب المنفردة”.. هل يعود “داعش” إلى سوريا من بوابة البادية؟

“الكمائن الليلية” و “الذئاب المنفردة”.. هل يعود “داعش” إلى سوريا من بوابة البادية؟

(الحل) – منذ أن أعلن التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في شباط الماضي، القضاء على تنظيم “داعش” في آخر معاقله في دير الزور، وتأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القضاء على التنظيم بنسبة 100% وطرده من كل المناطق التي كانت تخضع لسيطرته في سوريا، لم تختف أخبار التنظيم المتشدد عن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعد أشهر من إعلان “النصر” عليه.

فكانت العبوات الناسفة، والهجمات الليلية المفاجأة، و”ابتلاع” الصحراء لعشرات العناصر من قوات النظام، هي خطة فلول التنظيم الذي وجد في البادية السورية مرتعاً له، مستفيداً من قربها من الحدود العراقية ووعورة التضاريس في بعض المناطق، لتشكل منطلقاً لهجماته شبه اليومية، دون معلومات دقيقة عن أعداد عناصره ومدى تسليحهم، ليبقى السؤال: أين يتمركز داعش حالياً ولماذا لم يتم القضاء على فلوله بشكل نهائي؟ رغم محاصرته بشكل شبه كامل من قبل قوات النظام و”قسد” والتحالف الدولي في المنطقة.

أين يتمركز عناصر داعش؟
تقول مصادر عشائرية في دير الزور لموقع الحل إن “نشاط داعش يتركز حالياً على شكل كمائن في عمق البادية التي تمتد على مساحة 4500 كم في سوريا، إضافة لشن هجمات على الأرتال العسكرية التي تمر من هذه المناطق، وكانت أكبر هذه العمليات في نيسان الماضي، عندما تمكن عناصره من نصب كمين محكم لرتل عسكري سوري إيراني مؤلف من 22 سيارة وباصين، حيث كان متوجهاً من دمشق إلى حمص ثم تدمر، وصولاً إلى بادية البوكمال، لإنشاء قاعدة جديدة للقوات الإيرانية في ريف البوكمال”.
المصادر أكدت أن “التنظيم كان يؤسس للمرحلة المقبلة في عمق البادية الشامية، ويتخذ أوكاراً له، أبرزها الصحراء الممتدة بين مدينتي تدمر والسخنة ومنطقة الـ(55) جنوباً و (محطة تي 2) شرقاً، حيث تتميز هذه المناطق بتضاريس جبلية ومغاور وعرة تسمح له بالتخفي، مستفيداً من العواصف الغبارية شبه اليومية التي تحجب الرؤية الجوية وتزيل ملامح تحركات أرتال التنظيم في الصحراء”.

داعش و “الذئاب المنفردة”
وعن طريقة عمل التنظيم في البادية، أوضح قيادي سابق في “قوات أحمد العبدو” والذي شارك في قتال التنظيم في المنطقة لسنوات أن “معظم عناصر التنظيم المتواجدين في البادية هم من سكان المناطق الصحراوية على امتداد الحدود السورية العراقية، إضافة إلى العناصر الهاربة من مناطق أخرى، بعد هزيمة التنظيم في شرق الفرات، وفلوله من العراق ويقدر عددهم بين 1000 و1500 عنصر”.
وأشار القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه لموقع الحل إلى أن “تحركات التنظيم غالباً ماتكون ليلية، تقوم بنقل الذخائر والمؤن بعربات حديثه كان قد استولى عليها بين عامي 2014 و2017، حيث يتمتعون بالخبرة والتكيف مع ظروف الصحراء، وأحياناً يقومون بنصب كمائن بانتحال صفحة عناصر للنظام، أو البدو الرحل وهم السكان الأصليين للمنطقة.
وأكد المصدر أن أعداد التنظيم الحالية لاتسمح له بالدخول في معارك مفتوحة أو طويلة سواء مع قوات النظام أو قوات سوريا الديموقراطية، وبالتالي لجأ إلى اتباع نظام الخلايا الأمنية أو مايسمى (الذئاب المنفردة) بالاعتماد على خبرة العناصر المتمرسين فيما كان يسميها “ولاية البادية” وشن هجمات مباغته وسريعة لإلحاق الخسائر بالأرتال التي تمر أو القريبة من المنطقة واستنزافها.

هل يعود التنظيم من جديد؟
في تقرير أعده معهد دراسات الحرب (ISW) في واشنطن قبل أيام واطلع عليه موقع الحل بعنوان “عودة داعش الثانية: تقييم تمرد داعش المقبل” أكد ان “التنظيم اليوم أقوى من سلفه القاعدة في العراق عام 2011، حين بدأ يضعف”
وأوضح التقرير المكون من 76 صفحة أن “التقليص بطيء الحركة للأراضي التي يسيطر عليها داعش، واستخدام القوة التي استهلكها الرئيس السابق باراك أوباما، واستأنفها خلفه دونالد ترمب، أعطى الوقت الكافي لداعش للتخطيط وإعداده للمرحلة التالية من الحرب”، متوقعاً استعادة التنظيم قوته بشكل أسرع وإلى مستوى أكثر خطورة من القوة التي لاتزال لديه حتى اليوم، وهو ماعمل عليه قبل سقوط مايسمى “الخلافة”، حيث كان يقوم بتنفيذها أثناء الحملة العسكرية الاخيرة عليه من قبل قوات قسد والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وتطرق تقرير معهد دراسات الحرب إلى القوة الاقتصادية للتنظيم، حيث نوّه إلى أن “التنظيم مازال يحتفظ بشبكة تمويل عالمية تضمن عودته مجدداً إلى التمرد، ليتمكن من إعادة بناء قدراته الإعلامية، والحفاظ على الأسلحة والإمدادات في شبكات الأنفاق ومناطق الدعم الأخرى للتجهيز لعودته مجدداً”.

ورغم حداثة الدراسة السابقة، إلا أن التحذيرات من قوة التنظيم كانت حاضرة بعد شهر من القضاء عليه، حيث أصدرت لجنة مراقبة داخلية في وزارة الدفاع الأميركية تقريراً في آذار الماضي، أوضحت فيه أن “داعش لا يزال جماعة مسلحة نشطة وتستعيد قدراتها ووظائفها على نحو أسرع في سوريا”، مشيرة إلى أن “داعش سيعاود على الأرجح النهوض في سوريا خلال 6 إلى 12 شهراً ويستعيد أراضي محدودة”،وهو ما أكده المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة داعش الكولونيل “جيمس رولنسون” خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة “الحدث” حينما قال: “التنظيم كان مدركاً للخطر الذي يلاحقه، ما دفعه خلال الأشهر الماضية لنقل موارده وأفراده لمناطق أخرى، فالحرب على داعش لم تنته رغم زوال سيطرة التنظيم على المنطقة”.

وتختلف الآراء عن سبب بقاء التنظيم على هذه الرقعة الجغرافية الشاسعة، حيث يتهم النظام التحالف الدولي بالإبقاء عليهم، لعرقلة مايسمى “الهلال الشيعي” في المنطقة، حيث تسعى إيران لفتح ممر بري يربط طهران بدمشق ومن ثم إلى لبنان عبر الحدود العراقية، في حين تشير وسائل إعلام أمريكية إلى أن هناك تيار داخل الإدارة الأمريكية يؤكد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تسّرع في إعلان النصر على التنظيم، ومازال هناك معطيات منقوصة عن قوة التنظيم وإمكانية عودته مرة أخرى بصور مختلفة.

أسامة مكية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.