بعد اكتشاف مقابر ضحايا داعش الجماعيّة.. صعوباتٌ تواجه المُحقّقين وحقائق مُخيفة

بعد اكتشاف مقابر ضحايا داعش الجماعيّة.. صعوباتٌ تواجه المُحقّقين وحقائق مُخيفة

ترجمة خاصة- الحل العراق

نشرت شبكة (راديو فرانس آنتير) الفرنسية تقريراً تطرق فيه إلى الصعوبات التي تواجه المحققين والسلطات المحلية على حدّ سواء بعد اكتشاف العديد من #المقابر_الجماعية التي خلفها تنظيم داعش وراءه في كلّ من #العراق وسوريا.

حيث تتركز هذه الصعوبات حول إحصاء عدد الضحايا والتعرّف عليهم، بالإضافة إلى صعوبة تحديد سبب الوفاة في بعض الأحيان.

ففي الأسبوع الماضي، أعلنت سلطات #الإدارة_الذاتية الكردية شمال وشمال شرقي سوريا عن اكتشافها مقبرة جماعية جديدة جنوبي مدينة #الرقة، العاصمة السابقة لدولة “الخلافة” التي كانت قد أعلنها تنظيم داعش عام 2014. حيث تم استخراج /200/ جثة حتى الآن، لكن عدد ضحايا هذه المقبرة قد يصل إلى /800/ قتيل.

واكتشاف هذه المقبرة الفظيعة التي تعود لبداية الشهر، قد سبقها اكتشاف مقبرة أخرى في ذات المنطقة في الرقة في شهر كانون الثاني 2019. وقد احتوت المقبرة المكتشفة في بداية العام على ما يقارب 3500 جثة، حيث يمكن اعتبارها أكبر مقبرة مكتشفة حتى الآن.

كما سبق وتم الكشف عن /8/ مقابر أخرى في محيط هذه المدينة السورية التي سيطر عليها تنظيم داعش لمدة ثلاث سنوات. حيث فرض فيها التنظيم التفسير الأكثر صرامة للشريعة الإسلامية كما فرض كذلك عدالته البربرية.

ويبين التقرير، بأنه من المستحيل في الوقت الحالي تحديد عدد ضحايا تنظيم #داعش المدفونين في هذه المقابر بدقة. وإن كان عدد ضحايا هذه المقابر سيصل إلى خمسة آلاف جثة في عشرات المقابر المكتشفة في شمال وشمال شرق سوريا.

أما بالنسبة لـ #كردستان_العراق، فقد تم اكتشاف حوالي عشرين مقبرة جماعية يمكن لها أن تحوي عشرة آلاف ضحية، بحسب محمد إحسان، المتخصص في أبحاث الطب الشرعي والإبادة الجماعية والوزير السابق في حكومة #إقليم_كردستان.

يقول إحسان: «لا يمكننا استخدام صور #الأقمار_الصناعية لأننا لا نملك بيانات على الأرض قبل تنظيم داعش وبعده. وبالتالي فإن الاكتشافات تعتمد بشكل رئيسي على الشهادات، حيث يخبرنا الناس بأن تنظيم داعش قد قام ببعض الأعمال هنا أو هناك وأنهم قد وجدوا ملابس وعظام في ذلك المكان. وبعد ذلك يمكن لفريق التحقيق أن يأتي ويباشر عمله».

وبما أن هناك العديد من هذه المقابر الجماعية التي كان قد تم تفخيخها من قبل تنظيم داعش، فإنه لا بد من القيام بأعمال إزالة #الألغام أولاً.

وذلك قبل أن يتم إغلاق المنطقة وتسويرها بواسطة الجدران أو الأسلاك الشائكة ووضعها تحت الحراسة لحمايتها قدر الإمكان من التغيير. وكل ذلك في انتظار بداية أعمال الحفر واستخراج الجثث.

ويضيف إحسان موضحاً: «من خلال معاينة الأرض ونوع التربة، يمكن للمرء الوصول إلى معرفة التاريخ الذي تم فيه حفر المقبرة الجماعية. وفيما بعد وعند النظر إلى ملابس الضحايا وتمييز الملابس العربية من الكردية أو الإيزيدية أو حتى الملابس العسكرية ذات اللون الخاكي، يمكن لنا معرفة أصول الضحايا بسهولة. وبالفحص السريع للجثث، يمكننا كذلك تحديد جنس الضحية، وكذلك كيف تم قتلها في أغلب الأحيان».

ومن بين ضحايا آخر مقبرة جماعية تم اكتشافها في الرقة السورية، على سبيل المثال، كان هناك خمسة منهم يرتدون ألبسة برتقالية اعتاد التنظيم على إجبار ضحاياه من الرهائن على ارتدائها قبل أن يقتلهم.

وقد أكدت السلطات المحلية أن بقايا هؤلاء الضحايا تُظهر بأن أيديهم كانت مقيدة إلى الخلف وأنهم قد قتلوا بطلقات في الرأس من الخلف. كما تم كذلك التعرف على جثث ثلاثة نساء، حيث تشير جماجمهن التي تحمل علامات كسور متعددة بأنه قد تم رجمهن بالحجارة.

من جهة أخرى، يبين التقرير أن اكتشاف المقابر الجماعية شيء وتحديد هوية ضحايا هذه المقابر شيء مختلف تماما. فهذه المهمة الأخيرة تتطلب أخذ عينات للقيام بالتشخيص العلمي والدقيق لكل ضحية، وكذلك المحافظة على كل هذه العناصر.

يقول إحسان، الذي يترأس كذلك الجامعة الدولية في #أربيل: «نقوم بعملية تقييم وضع لكل جثة وجردها من حيث الملابس والجنس والعمر من خلال العظام وكذلك أخذ عينات من أجل فحص الحمض النووي في المستقبل. إضافة إلى كل ما نجده مع جثة الضحية من أوراق أو ثبوتيات. كل ذلك في سبيل إنشاء ملف دقيق لكل ضحية».

وأطلقت حكومة إقليم كردستان العراق هذا العمل حول الجرائم الجماعية لتنظيم داعش في شهر أيلول 2014، وذلك بعد مذبحة #الأقلية_الإيزيدية. وبذلك تم إنشاء لجنة للتحقيق وجمع الأدلة تابعة للجنة العليا للاعتراف بالإبادة الجماعية للإيزيديين وغيرها من الجرائم المرتكبة بحق #الطوائف_العرقية الدينية الأخرى.

وبرئاسة قاضي التحقيق أيمن مصطفى، فإن لجنة التحقيق المذكورة تضم حوالي خمسين شخصاً ما بين حقوقيين ورجال شرطة ومحققين وعلماء جغرافيا وأطباء نفسيين.

وقد قامت هذه اللجنة بتحديد جميع مقابر تنظيم داعش الجماعية تقريباً، بالإضافة إلى أماكن الاعتقال والتعذيب التي كان يستعملها التنظيم في كردستان العراق. كما أنها قامت بجمع مئات الشهادات من أقارب الأشخاص المفقودين.

ويؤكد القاضي مصطفى، والذي تلقى الدعم من اللجنة الدولية للأشخاص المفقودين التي تأسست عام 1996 بعد الحرب في #يوغسلافيا السابقة وتتخذ من #سراييفو مقراً لها، قائلاً: «نحن نقوم بجمع ما أمكن من المعلومات المتوفرة عن الأشخاص المفقودين وزمر دم عائلاتهم، بالإضافة إلى عينات من أجل تحليل #الحمض_النووي في المستقبل. كل هذا يسهل عملية التعرف على هوية الضحايا عن طريق التحقق من هذه البيانات ومقارنتها مع ما تم جمعه من عناصر خلال عمليات استخراج الجثث».

ويضيف مصطفى: «كل هذا العمل هو في سبيل جمع اكبر عدد ممكن من الأدلة لتسهيل ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم الجنائية. وقد تم تحديد هؤلاء المسؤولين بالفعل، لكننا نواجه عقبات كثيرة لملاحقتهم. نحن نطالب #الحكومة_العراقية بالانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة #الجنائية_الدولية، وبما أن قانون العقوبات العراقي لا يحتوي بعد على أحكام تتعلق بتجريم الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، فإننا نطالب الحكومة كذلك بإدراج هذه الجرائم الدولية ضمن النظام القانوني العراقي».

يُذكر أنه ومنذ شهر تشرين الأول عام 2016، قامت الحكومة العراقية الفيدرالية بوضع يدها على كل ما يتعلق بالأبحاث والتحقيقات والملاحقات القضائية المتعلقة بتنظيم داعش.

وفيما يتعلق بإقامة محكمة دولية لمحاكمة جرائم تنظيم داعش، على غرار تلك التي تم إنشاءها من أجل جرائم الإبادة الجماعية في رواندا أو في يوغسلافيا السابقة، تختم شبكة راديو فرانس آنتير تقريرها بالإشارة إلى أن هذا الاحتمال لا يزال بعيد المنال، على الأقل في المدى المنظور.

ففي عام 2017، شكّل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فريقاً من المحققين مهمته العمل على إحصاء جرائم تنظيم داعش تمهيداً لمحاسبته، لكن أعمال هذا الفريق لم تبدأ سوى في شهر آذار الماضي!

عن راديو (France Inter) الفرنسي- ترجمة الحل العراق

الصورة المرفقة تعبيرية- أرشيف

————————————————————————-

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.