الحملة العسكريّة على إدلب..السياسة الممنهجة في قتل الحياة شمال سوريا

الحملة العسكريّة على إدلب..السياسة الممنهجة في قتل الحياة شمال سوريا

ريف إدلب (الحل) – عمدت قوّات النظام خلال حملتها العسكريّة الأخيرة إلى شل الحياة المدنيّة في مدن وبلدات الشمال السوري، وذلك عبر استهداف المرافق الحيويّة بشكل مركّز والمؤسسات الخدميّة بواسطة المقاتلات الحربيّة التي لم تغب عن سماء الشمال بشكل يومي منذ ما يزيد عن أربعة أشهر.

فالاستهداف المتعمّد والمركّز للمشافي ومحطّات المياه وسائر المرافق الحيويّة جعل الحياة في بعض المناطق في إدلب أشبه بالمستحيلة، فلجأت مئات العائلات إلى النزوح من منطقة إلى أخرى بحثاً عن أبسط مقوّمات وسبل الحياة.

وبحسب إحصائية فريق “منسقو الاستجابة” فإن ٢٢٣٣ من المنشآت الحيويّة تعرضت للاستهداف المباشر في ريف حلب الغربي ومحافظة إدلب، حيث تدمر بعضها بشكل كامل وخرج عن الخدمة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.

المشافي والمراكز الطبيّة من أكثر المنشآت تعرضاً للقصف في محافظة إدلب، حيث تعرض ما لا يقل عن ٢٣ مركزاً طبيّاً في الشمال للاستهداف المباشر وخرج العديد منها عن الخدمة بشكل كامل، ذلك في ظل الحاجة الكبيرة للمشافي والمراكز الطبيّة بسبب كثرة الضحايا جراء القصف اليومي الذي تتعرض له المناطق السكنيّة في إدلب وريفها.

ويقول الطبيب أحمد صبّاغ أن مشكلة المراكز الطبيّة في إدلب لم تعد بنقص المعدّات وسيارات الإسعاف والأدويّة، إنما انعدام البيئة المناسبة لعمل الأطباء في ظل الاستهداف المركّز للمراكز الطبيّة.

ويضيف صباغ خلال حديثه لموقع الحل “المشافي أصبحت هدفاً مباشراً للطائرات الحربيّة، الجرحى يأتون لهنا لتلقي العلاج وإيجاد الأمان، فتقوم الطائرات باستهداف المشافي بالصواريخ، الطبيب والممرض وجميع العاملين في المجال الطبّي يعملون في بيئة مع وجود احتمال موتهم أو جرحهم خلال العمل، بسبب سياسة ممنهجة ومتعمدة لقصف المشافي”.

وعن الحلول الإسعافية لقصف المشافي أفادت مصادر طبيّة لموقع الحل بأن بعض المنظمّات أنشأت بعض المراكز الطبيّة الصغيرة في جبل التركمان بريف اللاذقيّة الشمالي، حيث تمت عمليّات البناء داخل الجبل مما يصعب على الطيران الحربي قصفه.

وتؤكد المصادر بأن تلك المراكز قد تكون آمنة إلى درجة كبيرة لكن يصعب الوصول إليها، ويصعب عليها أيضاً تخديم كافة مناطق الشمال السوري بسبب موقعها البعيد عن أرياف ومدينة إدلب.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت قبل أيام أن الهجمات التي تستهدف المدنيين والمرافق الصحيّة في محافظة إدلب يمكن لها أن ترقى لجرائم حرب.

وأشارت مستشارة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “نجاة رشدي” أن الهجمات ضد النقاط الطبيّة في إدلب مستمرة، بالرغم من تسليم الأمم المتحدة إحداثيات المرافق الطبيّة لكافة الأطراف المتصارعة في الشمال السوري.

فرق الدفاع المدني أيضاً لم تكون خارج أهداف المقاتلات الحربيّة في جولاتها اليوميّة على محافظة إدلب، فقد نعت مديرية الدفاع المدني مقتل أربعة عناصر من كوادرها، خلال عمليّات الإنقاذ في المنطقة.

واتهمت مديرية الدفاع المدني مؤخراً القوّات الروسيّة بتعمّد استهداف فرق الإنقاذ في محافظة إدلب، كونها شاهدة على “قصف واستهداف المدنيين” في المناطق التي عملت فيها.

وبعيداً عن المراكز الطبيّة فإن طائرات النظام ذهب لأبعد من ذلك في قصف المرافق الحيويّة في إدلب، فعمدت على قصف المحطّات المائية المسؤولة عن تزويد المياه للمناطق السكنيّة، وأعلنت منظمة اليونيسيف حرمان ما لا يقل عن 250 ألف شخص تم حرمانهم من المياه في وقت ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف؛ ما اضطر العائلات للاعتماد على المياه المنقولة بواسطة الشاحنات لسد احتياجاتهم، بعد قصف مضخة المياه الرئيسية بمدينة معرة النعمان بريف إدلب.

إذاً فاستمرار الحملة العسكريّة بوتيرتها الحالية وتعمّد استهداف المرافق الحيويّة في المنطقة، سيزيد من معاناة الأهالي في إدلب، ويحذّر ناشطون من ارتفاع نسبة النازحين باتجاه الشمال (ريف حلب الشمالي)، بسبب قرب انعدام الحياة في المنطقة.

فتحي سليمان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.