تقرير (الحل) – شهدت معظم المناطق السورية منذ بداية العام الحالي، ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار #إيجارات المنازل والمحال التجارية، على الرغم من توسع نطاق سيطرة النظام على الأرض، والترويج لعودة النازحين إلى منازلهم بشكل تدريجي.

ورصد موقع الحل أسعار الإيجارات (السكنية والتجارية) على حد سواء في عدد من المحافظات السورية، وتبين أنها ارتفعت بنسبة تراوحت بين 15 إلى 20% عن العام الماضي.

ولم يكن هذا الارتفاع هو الوحيد خلال سنوات #الحرب، بل كان امتداداً لسلسلة من الارتفاعات المتتالية، فبات من الطبيعي أن نرى #إعلانات لمنازل داخل العاصمة دمشق إيجارها الشهري يتجاوز المليون ليرة.

وحتى الأقبية والمنازل على الهيكل (غير المكسوة) باتت تُؤجَّر أيضاً بأسعار فلكية، في ظل تدني المستوى المعيشي، وانخفاض قيمة الليرة السورية، وعدم وجود ضوابط قانونية لهذه العملية التي تخضع لمزاح المُؤجِّر وشروطه.

دمشق الأغلى ومعظم منازل الغوطة غير قابلة للسكن

(أبو عادل)، صاحب مكتب عقاري وسط دمشق أكد لموقع (الحل) أن “سوق الإيجارات ما زال نشيطاً بشكل كبير مقارنة بعمليات البيع والشراء”.

ولفت إلى أن “الارتفاع الأخير في إيجار الشقق يعود لانخفاض قيمة الليرة السورية، فأقل سعر لمنزل بإمكانيات مقبولة كان يؤجر بـ 50 ألف ليرة، أصبح يؤجر بـ 60 ألف، وهناك منازل إيجارها الشهري يصل لنصف مليون ليرة، وبعضها يتجاوز المليون، إذ يتخلف السعر بحسب موقع المنزل ومساحته ومدة عقد الإيجار”.

وأضاف (أبو عادل) “لم يتوقف الطلب على #استئجار المنازل حتى بعد عودة ريف دمشق إلى سيطرة النظام، فنسبة كبيرة من تلك المنازل مهدمة كلياً أو جزئياً، ولايُسمح بإعادة ترميمها، وحتى لو سُمح فتغيب القدرة المادية لتجهيزها، لارتفاع تكاليف البناء بشكل مضاعف”، بحسب تعبيره.

بدوره، أكد (محمد ياسر) من أهالي #الغوطة_الشرقية، ويستقر في العاصمة دمشق أن “العودة إلى منزلي في الغوطة شبه مستحيل، فالحي الذي كنت أسكنه غابت ملامحه تماماً ولم يعد له وجود، وحتى لو انتقلت إلى السكن في الغوطة مرة أخرى، فالإيجارات هناك ليست بأفضل حال، والتي تتراوح بين 30 و50 ألف ليرة سورية”.

وتابع “أعمل حالياً أنا وزوجتي في شركة بدمشق، وأسكن مع عائلتي بمنزل في منطقة عشوائية، وأدفع 35 ألف ليرة شهرياً، ولا أفكر بالعودة إلى بلدتي في ظل الظروف الراهنة”.

 ماذا عن باقي المحافظات؟

لم تكن موجة ارتفاع إيجارات العقارات مرتبطة بالعاصمة دمشق وحدها، بل امتدت إلى باقي المحافظات السورية، وفي سؤالنا المتكرر: ماهو سبب هذا الارتفاع؟ كان الجواب نفسه: “عدم القدرة على شراء منازل والاستقرار فيها نتيجة ارتفاعها بشكل جنوبي ساهم بازدياد الإقبال على الاستئجار، إضافة إلى العامل #الاقتصادي وانخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار”.

ورصد موقع الحل قيمة الارتفاع في إيجارات المنازل في عدد من المحافظات السورية، كما هو مبّين في الجدول التالي، (بشكل وسطي)، علماً أن هناك مناطق يفوق قيمة استئجارها ما هو مدون أدناه:

المحافظة قيمة الإيجار الشهري 2018 قيمة الإيجار الشهري 2019
مفروش غير مفروش مفروش غير مفروش
درعا

 

40 ألف ل.س 20 ألف ل.س 60 ألف ل.س 35 ألف ل.س
 

حلب

 

 

50 ألف ل.س 35 ألف ل.س 70 ألف ل.س 50 ألف ل.س
حمص

 

 

40 ألف ل.س 25 ألف ل.س 55 ألف ل.س 70 ألف ل.س
اللاذقية

 

 

 

45 ألف ل.س 30 ألف ل.س 75 ألف ل.س 60 ألف ل.س
طرطوس

 

 

40 ألف ل.س 25 ألف ل.س 70 ألف ل.س 50 ألف ل.س
 

الحسكة

 

45 ألف ل.س 35 ألف ل.س 65 ألف ل.س 50 ألف ل.س

 

وفي السياق ذاته، كشف صاحب شركة عقارية في حلب (فضل عدم ذكر اسمه) لموقع (الحل) أنه “لا يوجد أرقام دقيقة عن النسبة في زيادة قيمة الإيجار السنوي، فهو يعود بالدرجة الأولى لنسبة العرض والطلب، وعقود الإيجار المسجلة هي عبارة عن أرقام وهمية في أغلب الأحيان للتهرب من دفع #الرسوم عند الدولة”.

وأشار إلى أن “قيمة إيجارات المنازل هو سلعة كباقي السلع، تتأثر بكل موجة ارتفاع للأسعار وهبوط للعملة، وتسعير الإيجار الشهري يعود لمزاج صاحب العقار، لذلك نجد أحياناً منزلين في نفس الحي بنفس المواصفات، وكل شخص يطلب سعراً مختلفاً، نظراً لعدم وجود رقابة قانونية على قطاع العقارات لتنظّم عمله”.

وزارة الإسكان: لا علاقة لنا بالأسعار!

لا شك أن عملية تأجير العقارات بمجملها سواء كانت سكنية أو تجارية تخضع لمجموعة من المعايير والضوابط التي تنظم هذه العملية، ويتم على أساسها تحديد بدل الإيجار المدفوع ونسب الزيادة من كل عام وغيرها من الأمور، لكن ظروف الحرب التي مرت بها سوريا جعلت تنظيم هذه المسألة “صعبة” بحكم عمليات النزوح الكبيرة من الأرياف إلى المدن، إلا أن هذا لم يمنع من قدرة النظام على ضبط هذه العملية “أمنياً”، وهو الأهم بالنسبة إليه،  حيث يشترط على الشخص الذي يريد استئجار منزل حصوله على “موافقة أمنية”، إضافة إلى مجموعة من الأوراق والمعاملات التي ركزت على الجانب الامني للمواطن وأهملت الجانب الاقتصادي “قيمة الإيجار وشروطه”.

وفي تحقيق لصحيفة (تشرين) التابعة لحكومة النظام، نشرته الشهر الماضي، وتحدث عن ارتفاع الإيجارات والفوضى فيها، تم سؤال وزارة الإسكان والأشغال العامة، فكان جوابها “لاعلاقة لنا بتحديد أسعار الإيجارات، وأن الأمر يتم حسب اتفاق كل من صاحب العقار والراغب بالإيجار”.

عقود وهمية وحيل تقفز فوق القانون

هناك “مرسوم تشريعي” ينظم عمليات الإيجار (القانون رقم 20 لعام 2015)، الذي ينص على “تحديد أجور العقارات 5% من قيمة العقارات المؤجرة للسكن مضافاً إليها 20% من قيمة الأثاث الداخل في عقد الإيجار، و6%من قيمة العقارات المؤجرة لمزاولة مهنة حرة أو عملية منظمة قانوناً”.

كما أن المرسوم يحدد مدة دفع الإيجار المترتب وفقاً للمادة الثانية التي نصت على أنه “خلافا لأي اتفاق لا يجوز تقاضي بدل الإيجار مسبقاً لمدة تزيد على ثلاثة أشهر للعقارات”.

وعلى الرغم من ذلك المرسوم، إلا أنه لا يتم الالتزام بها، فهل من المعقول مثلاً تأجير شقة بمبلغ 100 ألف ليرة شهرياً ودفع 6 أشهر مقدماً لشقة لاتتجاوز 60 متراً وثمنها لايتعدى 9 ملايين ليرة”، بحسب ما أوضحه الخبير في الشؤون العقارية (عمر الشهري) لموقع (الحل).

وأكد الشهري أن “كثير من العقارات يتم طرحها للإيجار تكون غير صالحة للسكن، كالمنازل على الهيكل والأقبية وبعض المحال التجارية، بل ويتقاضى أصحابها أسعاراً غير مقبولة، في حين تُؤجر بعض المنازل على أنها مفروشة، وتحتوي على أثاث رديء ومهترئ لرفع قيمة الإيجار”.

وختم الخبير العقاري حديثه بأن “معظم العقود التي تسجل في الإدارة المحلية وهمية، من حيث قيمة الإيجار والمدة للتهرب من دفع الرسوم، وجميع المُؤجرين يطلبون دفع 6 أشهر مقدماً، وهو مخالف لقانون الإيجار رقم 20 الذي يمنع دفع أكثر من 3 أشهر، إضافة إلى وجود التأمين على المنزل حتى وإن كان غير مؤثث (مفروش)، وهو مبلغ يدفعه المستأجر ولا يتم استرجاعه بعد انتهاء العقد، نظراً لعدم وجود نص قانوني فيه”.

إعداد: أسامة مكية – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.