انتهاكات نفسية وجسدية تحت مسمى عمالة الأطفال

انتهاكات نفسية وجسدية تحت مسمى عمالة الأطفال

ريف دمشق (الحل) – تُعتبر عمالة الأطفال في سوريا واحدةً من أكبر المشاكل الاجتماعية التي تواجهها الكثير من المجتمعات، مع جملة الأزمات التي تعترض حياتهم اليومية، حيث تُشكّل خطراً على الآلاف من الأطفال وتهدد مستقبلهم، وتعرضهم لأزمات صحية ونفسية وتهدد حياتهم في بعض الأحيان.
وتزايدت هذه الظاهرة بفعل الحرب الدائرة منذ أكثر من ثماني سنوات، حيث لم تبذل الجهات الحكومية التابعة للنظام أي جهود في مكافحتها والحد منها، كما لم تُحاسب منتهكي حقوق الأطفال الذين يتم استغلالهم وتعريض حياتهم للخطر، إضافةً لعدم تفعيل دور المجتمع في مكافحتها من خلال الندوات والحملات التوعوية.

تعنيف وتعذيب ومصير محفوف بالمخاطر
شهدت مدينة #التل في #ريف دمشق حادثةً تعذيب طفل بشكل “وحشي” أثناء عمله في ورشة حدادة، حيث قام صاحب الورشة بتعذيبه وضربه بأداة حادة إضافةً، ما تسبب له بضعف في الرؤية وكسر في الجمجمة وكدمات على كامل الجسم، فقط لأنه كان محل شك بسرقة مبلغ مالي.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بقصة هذا الطفل الذي تعرض للضرب لمدة ست ساعات متواصلة، قبل أن تقوم والدته بتقديم شكوى لقسم الشرطة في المدينة على الرغم من تهديدها من قبل المعتدي، ليتم اعتقال الرجل والتحقيق معه، حيث اعترف بأنّه ضرب الطفل بعد اتهامه بالسرقة.
ولم تكن هذه الحادثة هي الوحيدة فقد قُتل ثلاثة أطفال أثناء عملهم في إحدى ورشات البناء في حي #جوبر شرقي العاصمة دمشق، حيث انفجر فيهم لغم أثناء العمل، دون أن تتم متابعة قضيتهم من أي مسؤول في النظام، واقتصر نبأ مقتلهم بانفجار اللغم على نعي الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إهمال حكومي وفساد يزيد التعقيد
لم تعطِ حكومة النظام ظاهرة عمالة الأطفال حيزاً من اهتماماتها، كما أنّها لم تقم بواجبها المزعوم تجاه آلاف الأطفال الذين يتعرضون يومياً لانتهاكات مختلفة في مناطق سيطرتها، بل وساهمت مؤسساتها والأشخاص العاملين فيها بزيادة معاناة هؤلاء الأطفال مع انعدام المحاسبة والرقابة.
وكانت آخر الانتهاكات التي يمارسها الموظفين في حكومة النظام بحق الأطفال وذويهم، هي قيام الطبيب الشرعي بتقديم تقرير عن حالة الطفل الذي تعرض للتعذيب في مدينة التل دون ذكر تفاصيل الانتهاك الذي تعرض له، وكتب إنّه يحتاج للراحة لمدة خمسة أيام، وعند سؤاله عن سبب كتابة التقرير بهذا الشكل من قبل خالة الطفل قام بصفعها على وجهها طالباً عدم التدخل في عمله.

وبدلاً من أن تقدم الهيئة العامة للطب الشرعي التابعة للنظام اعتذارها لذوي الطفل تبرّأت من الطبيب وقالت إنّه ليس طبيباً شرعياً وكان مُكلفاً من مديرية الصحة في ريف دمشق لقلة الكوادر، ولم يشر رئيس هيئة الطب الشرعي في حكومة النظام إلى الانتهاكات التي قام بها الطبيب بحق ذوي الطفل.

آثار اجتماعية خطيرة وتحذيرات من تدمير جيل كامل
حذر أستاذ علم النفس “شاكر أحمد” من آثار عمالة الأطفال في ظل إهمالها وعدم السعي لمعالجتها، حكومياً أو اجتماعياً، حيث أشار إلى أنّ الحالة الصحية للأطفال في خطر مع استمرار تشغيلهم بما يفوق طاقتهم والعمل بمبدأ “المكسب للمصلحة” فيكون الراتب منخفض والإنتاج مضاعف، إضافةً لميول الأطفال نحو التدخين وإدمان الشعلة وغيرها من العادات الصحية السيئة.

وأضاف أستاذ علم النفس أنّ الآثار الاجتماعية والنفسية لا تقل خطورةً عن الآثار الصحية، حيث ابتعد معظم الأطفال العاملين عن التعليم، على الرغم من ارتفاع مستوى شريحة كبيرة منهم قبل ترك المدرسة والتفرغ للعمل، إضافةً لتعليمهم عادات سيئة تجعلهم يستسيغون السرقة والاعتداء على الناس تحت مسمى “الشطارة”، كما أشار الأستاذ إلى خطورة انعدام شعور الطفل بطفولته على المنظور البعيد، إذ من الممكن أن تصبح تصرفاته عدوانية تجاه الآخرين، وتنعكس مشاكله على أبنائه وأسرته.

ويبقى الأطفال في سوريا يواجهون مصيرهم المجهول في ظل الحرب التي تعصف بالبلاد، فلا اهتمام حكومي ينتشلهم من الغرق في آفات اجتماعية وصحية ونفسية، ولا أنشطة تطوعية أو اجتماعية تساعدهم على حماية طفولتهم أو ضمان مستقبل أقل سوء لهم.

سليمان مطر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.