في الذكرى الثالثة لتفجير القامشلي…حقائق غير مكتملة وانتقادات للأطراف السياسية

في الذكرى الثالثة لتفجير القامشلي…حقائق غير مكتملة وانتقادات للأطراف السياسية

القامشلي (الحل) – أحيا المئات من أهالي القامشلي أمس، الذكرى الثالثة للتفجير الذي ضرب الحي الغربي في العام 2016، وأودى بحياة العشرات من المدنيين، وسط تضارب الاحصائيات عن أرقام الضحايا والجرحى و شكاوى من عدم صدور أي نتائج للتحقيقات، رغم مرور 3سنوات على الحادثة.

واجتمع المئات من أبناء القامشلي أمس السبت، في مكان التفجير بشارع عامودا داخل الحي الغربي، للمشاركة في المراسم التي دعت إليها ثلاث مؤسسات تتبع جهات سياسية مختلفة؛ هي حركة المجتمع الديمقراطي، المجلس الوطني الكردي وحزب يكيتي الكردستاني-سوريا.

واعتبر مشاركون في المراسم إحياء أطراف مختلفة بشكل منفردٍ للمناسبة، في مكان التفجير، “محاولةً للاستثمار السياسي من جانبها، وإساءة لعوائل الضحايا، خاصة وأن المنطقة لا تزال مدمرة في غالبيتها، ولم يتم إعادة بناءها بعد”، بحسب تعبيرها.

وجرى التفجير بواسطة شاحنة كبيرة يقودها انتحاري، عبرت عدة حواجز قبل الوصول إلى شارع عامودا، رغم وجود قرار سابق لقوات الآسايش قضى بمنع دخول الشاحنات إلى المدينة، وحصر تحركها عبر حزام المدينة.

و كانت الأسايش قد أصدرت بعد وقوع 3 تفجيرات في بلدة تل تمر جرت بواسطة ثلاث شاحنات في الـ10 من كانون أول 2015، قراراً آخر يقضي بعدم السماح للشاحنات التحرك ابتداءً من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء . أي إن الأجواء حينها كانت غير مستقرة وتنذر باحتمالات حوادث مشابهة فيما لو حدث أي تراخ أمني.

لاحقاً ظهرت حقائق وحيثيات التفجير تباعاً خلال العامين الماضيين، بشكل منفصل، حيث لم تصدر أية جهات رسمية تابعة للإدارة الذاتية توضيحات عن التفجير، وما إذا كانت قد أجرت أية تحقيقات عقبت الحادثة، لكي تضع عوائل الضحايا و الرأي العام حينها في صورة ما جرى. لتظل الأسئلة حول ما جرى محصورة بما قدمته المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا ( DAD) من تقرير توثيقي صدر بعد شهر من وقوع الجريمة، أعقبه صدور كتاب توثيقي للكاتب فارس عثمان، بعد مدة طويلة نسبيا. إضافة إلى ما نشرته مؤسسات إعلامية وعسكرية وفي أوقات منفصلة.

و من جملة ما جاء في التقرير التوثيقي الذي نشرته المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا ( DAD) أن الشاحنة المستخدمة في التفجير هي “شاحنة سيكس ويل من نوع فولفو؛ تستخدم عادة في نقل الماشية بحسب تصميمها، و كانت تحمل كمية كبيرة جداً من المتفجرات وفق حجم الدمار الذي خلفه التفجير في المنطقة المحيطة”، بحسب التقرير.

وينقل التقرير عن عدد من الجرحى الذين التقتهم المنظمة أن التفجير وقع في حوالي الساعة 9.20صباح الـ27 من تموز 2016، حيث سمع بعضهم صوت طائرة حربية كانت تحلق في المنطقة، لافتة إلى أن “الشكوك تراود الناس في المنطقة بأن الانفجار جرى على مرحلتين متتاليتين، وحدث خلال ثوان ولحظات”. في إشارة إلى شكوك تحتاج إلى أن يتم حسمها. كما أشارت المنظمة إلى أن جميع سكان المنطقة لا يزالون يترقبون ما سيصدر عن الإدارة الذاتية من نتائج التحقيقات.

ويذهب التقرير الذي صدر في 21 أب من العام 2016، إلى أن التفجير خلف 64 ضحية و95 جريحاً في اليوم الأول، بينما بقي مصير البعض منهم مجهولاً وأشلائهم تحت الأنقاض حينها, مضيفاً أن دماراً كبيراً لحق بالحي بعد تفتت البنى التحتية لمعظم الأبنية المجاورة، موضحاً أن الأضرار التي لحقت بكامل الحي تقع ضمن دائرة قطرها 500 متر .

وفي حين تتبنى وسائل الإعلام التابعة للإدارة الذاتية حصيلة مخالفة هي 62 قتيلاً و176 جريحاً. يقول تقرير منظمة (DAD) إن “التفجير أودى بحياة ما لا يقل عن 75 ضحية وأكثر من 200 جريح، قضى منهم من تأثر بجراحه فيما بعد، وأن جلهم كانوا مدنيين بينهم عدد من قوات الأسايش التي كانت موجودة في أحد الحواجز بمكان التفجير الإرهابي”.

لكن الكاتب فارس عثمان قال لموقع الحل إنه استطاع توثيق 53 قتيلاً و183 جريحاً مع وثائق أوردها في كتاب أصدره عن التفجير تحت عنوان “تفجير قامشلو الإرهابي وقائع وتوثيق”.

ويرى عثمان أنه لم يعثر خلال فترة توثيقه على أية تحقيقات صدرت من جانب مؤسسات الإدارة الذاتية، الأمر الذي كان متوقعاً صدوره لاحقاً بعد التفجير.

ضمن ذات السياق تنقل وسائل إعلام محلية احصائية منسوبة إلى هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية، تذكر أرقاماً مخالفة، وهي مقتل أربعة وخمسين شخصاً وإصابةِ أكثرَ من مئةٍ وثمانينَ آخرينْ.

ماذا عن التعويضات؟
بخصوص التعويضات التي قدمت للضحايا تؤكد عوائل بعض الضحايا أنهم تلقوا مبلغ 500 ألف ليرة من الإدارة الذاتية، ومبلغ 100 ألف من المجلس الوطني الكردي، فيما تلقوا من التحالف الوطني والحزب الديمقراطي التقدمي مبلغ 50 ألف ليرة.

ويوضح فارس عثمان أن التحالف الوطني الكردي في سوريا بالتعاون مع الحزب الديمقراطي التقدمي عوائل الضحايا والجرحى في المستشفيات خلال أسبوع من وقوع التفجير وقدم مبالغ تراوحت ما بين 50 الف للضحايا، و25 ألف إلى 40 ألف للجرحى.

لكن نائب الرئاسة المشتركة للهيئة المالية في مقاطعة الجزيرة، عبدالله عيسى حسو، قال في لقاء مع إذاعة آرتا إف إم المحلية بعد شهور من وقوع التفجير، إن قوات أسايش روجآفا قدمت مئتي مليون ليرة سورية للهيئة، إضافة إلى ألف طن من الاسمنت جاء من مقاطعة كوباني بقيمة (55.3) مليون ليرة سورية، كما قدمت الإدارة الذاتية من جانبها مبلغ (35) مليون ليرة سورية. وفي حين تقر العديد من العائلات أنها تلقت مبالغ مالية، لكنها تنفي حصولها على أية مساعدات أخرى تعينها على بناء منازلها أو محالها التي لا تزال على حالتها بعد الجريمة.

بينما قال متضررون أخرون من التفجير إن “المساعدات وزعت بشكل غير عادل، كما إنها كانت غير كافية لإعادة إعمار ما دمر ولو بشكل جزئي”.

وبينما تنقل إذاعة آرتا عن سكان المنطقة أن التفجير أسفر عن تدميرِ ثلاثينَ محلاً تجارياً وخمسةَ عشَرَ منزلاً مجاوراً للمكانْ تضرروا بشكلٍ كبير، كما تهدمتْ أربعةُ مبانٍ بشكلٍ كاملْ بحسبِ السكان. نشرت وكالة هاوار المقربة من الإدارة الذاتية إنفوغرافيك عن التفجير تذكر فيه أن 74 منزلا و56 منزلا و18 سيارة هي مجمل الخسائر المادية.

وكانت الإدارة الذاتية قد أعلنت عقب الحادثة عن إقالة مسؤول المرور ومسؤول أمن الحواجزْ في الأسايش، بالإضافة إلى المتحدث الرسمي باسمها على خلفية التفجير. وهو ما كان بمثابة إقرار بتحملها جزءاً من مسؤولية وقوعه، وعدم تمكن حواجزها من منع وصول الشاحنة إلى المدينة.

من المسؤول عن التفجير؟
بعد مرور أكثر من عام أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، أن تفجير القامشلي كان قد وقع بتخطيط وأوامر مباشرة من القيادي في تنظيم “داعش” الحسين أبو الوليد، الذي كان يدير الوحدات المخفية التي تنفذ العمليات الانتحارية في الجزيرة، وإن أبو الوليد قتل في عملية خاصة نفذتها وحدات مكافحة الإرهاب YAT في دير الزور السورية، في 10/تشرين الأول من عام 2017.

ضمن ذات السياق كشف موقع الحل السوري بالتزامن مع الذكرى الثانية لوقوع التفجير عن حقائق جديدة، كان قد نقلها عن مصادرة عاصرت بعض قيادات التنظيم في مدينة الطبقة.

إذ نقل الحل حينها عن موظف سابق في إدارة سد الفرات إبان سيطرة التنظيم على الطبقة(فضل عدم ذكر اسمه) إن أمير مؤسسة الكهرباء في التنظيم، المعروف بـ #أبي_الليث_المهاجر “كان يتحدث لموظفي السد عقب التفجير الانتحاري في مدينة القامشلي، وهو يسرد من باب المفاخرة إنجازاتهم وكيف يستطيعون أن يدخلوا إلى أي منطقة أو مكان يشاؤون”، بحسب قوله.

ويضيف المصدر أن المهاجر تحدث عن “شراء التنظيم لرأس جديدة للشاحنة بمبلغ 100 ألف دولار حينها (أي ما يعادل 55 مليون ليرة سورية حينها)، وذلك كي يتفادوا أي احتمال لتعطل الشاحنة، وكي تكون درجة الثقة بها عالية”.

وأوضح المصدر للحل أن التنظيم أوكل المهمة حينها إلى انتحاري مراهق، تدرب على قيادة الشاحنة في شارع تل أبيض وسط مدينة الرقة عدة مرات، وذلك لأن الشارع يزدحم عادة كما شارع عامودا في أوقات الذروة. مشيراً إلى أن “أبو الليث المهاجر، المسؤول عن التوليد والتنسيق ونقل الطاقة، ينحدر من مدينة تلبيسة التابعة لحمص، وكان موظفاً حكومياً سابقا فيها”.

يشار إلى أن التنظيم تبنى التفجير، عبر وكالة أعماق في بيان رسمي قال فيه “تمكن الأخ أبو عائشة الأنصاري من الوصول بشاحنته المفخخة إلى وسط كتلة مبان لمرتدي الأكراد في الحي الغربي من مدينة القامشلي، وأن يفجر شاحنته المفخخة وسط جموعهم، في عملية تأتي رداً على الجرائم التي ترتكبها طائرات التحالف الصليبي على مدينة منبج”، حيث كان التنظيم حينها محاصرا من قبل قوات سوريا الديمقراطية.

إعداد: جانو شاكر – تحرير: مالك الرفاعي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.