الرقة (الحل) – ترك تنظيم ا#داعش المتشدد، حتى بعد خروجه من محافظة #الرقة، التي قبعت تحت عليها لأربع سنوات متتالية، بعض الآثار الملحوظة في ملامح المحافظة، سواء لدى رجالها أو نساءها ممن عانوا ويلات العيش تحت نير التنظيم الإرهابي.

فقد فرض التنظيم أثناء وجوده في المدينة، الكثير من القوانين الصارمة وفق مناهجه المتطرفة، حيث كان للنساء النصيب الأكبر منها، بدءا بالنقاب والتقييد بالزي “الشرعي” كما كان التنظيم يصفه، وصولاً لتحركاتهن وطريقة حياتهن.

فقبل سيطرته الكاملة على المدينة بدأ تنظيم “داعش”، بإلزام النساء بغطاء الرأس (الحجاب) لمن لم تكن ترتديه من قبل، وبعدها فرض على كافة نساء المنطقة النقاب الكامل، وذلك مع سيطرته المطلقة على عموم المنطقة.

يقول عبدالكريم الحبوش 30 عاماً (من حي المشلب) لموقع “الحل”: “فيما مضى كنا نتبع العادات والتقاليد دون الرجوع أو التقيد بضوابط دينية متشددة فنحن أهل المنطقة محافظون أساساً، في جميع أمور حياتنا، رجال ونساء على حد سواء، لذا لم نعارض موضوع النقاب”.

وأضاف: “اليوم وحتى بعد مغادرة التنظيم للمدينة أُلزم زوجتي بالنقاب، هي لا تخالف رغبتي وتعلم أن هذا اتباعاً لأوامر الله، وبات من الصعب التراجع وخلع النقاب”.

لم يتوقف الأمر عند “الحبوش”، إذ أن عناصر التنظيم السابقين من أبناء المنطقة، مازالت نساؤهم وبناتهم يرتدين النقاب، حتى الفتيات الصغيرات ممن لم تتجاوز أعمارهن الـ 10 أعوام ألزمن بالنقاب، حيث كان التنظيم المتشدد يفرض النقاب على النساء في كافة مناطق سيطرته تحت شعارات عديدة (أنت درّة فحافي على نفسك، حرة أنا بنقابي) ومسميات أخرى كثيرة لاتعد ولا تحصى.

ووفقاً لقوانين التنظيم، “يجب أن يتوفر في لباس المرأة شروطا معينة، مثل أن يغطي كامل الجسم وأن يكون فضفاضاً واسعاً وذو قماش سميك لا يشبه لباس الكافرات”، وفق وصف “شرعييه”.

تتحدث فاطمة الحسن ذات 34عاماً (من حي الطيار) لـ “الحل” قائلة: “أنا أرتدي النقاب لأنّني تعودّت عليه وأصبحت لا أعرف الخروج دون وضعه، إذ بات عادة لديّ كذلك زوجي وأهله قد لمست ترحيبهم الواضح للنقاب، ما يجعل أمر خلعه أكثر صعوبة، علماً أنّ أخوات زوجي جميعهن لا يرتدين النقاب” .

وتتابع فاطمة: “عندما تخرج إلى الشارع في المدينة أو حتى القرى ترى اللون الأسود هو الغالب على النساء، وإن لم يكن نقاباً كاملاّ فهو عباءة وحجاب باللون الأسود، ومن المعروف أنّ الرقة تعتبر مدينة لها عاداتها وهذا كان متواجداً قبل التنظيم، إلا أنها لم تكن يوماً متشددة”.

يقول أحمد العياش 28 عاماً (من حارة البدو): “أصبح البعض يستغل موضوع النقاب وتغطية كامل الجسد لإخفاء شخصياتهم لأغراض غير مستحبة، فيما مضى كان النقاب الكامل يثير الاستغراب في المدينة وينمّ عن التشدّد في الدّين، أما الآن فأصبح منتشراً بين جميع فئات المجتمع”

هناك العديد من الفتيات ممن التزمن النقاب خارج منازلهن، حتى في الوظائف إن توفرت، ومنهن سلوى الجاسر 31 عاماً تتحدث للحل قائلة: “لقد التزمت بالنقاب رغم عدم فرضه علي سابقاً حتى من قبل عائلتي، وبعد أن تقدمت للحصول على وظيفة في إحدى المنظمات، اشترطوا علي أن أتخلى عن النقاب وأكتفي بالحجاب (غطاء الرأس) وهذا ماحصل فعلاً.

وتفرض جميع المنظمات والهيئات العاملة في المدينة عدم وضع النقاب الكامل، وتعدّه شرطاً أساسياً للفتيات والنساء لمزاولة أي عمل عام، وتجمع الكثيرات من نساء الرقة وفتياتها على مقولة “النساء دائماً عرضة للتمييز على أساس المظهر، منهم من يريد تغطيتنا ومنهم لايتناسب الغطاء مع منهجيته، ونحن علينا التكيف”.

علي ابراهيم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.