عيون السوريون في اسطنبول على مواقع التواصل تجنباً للترحيل المفاجئ

عيون السوريون في اسطنبول على مواقع التواصل تجنباً للترحيل المفاجئ

(الحل) – بعد سلسلة من عمليات #الترحيل التي قامت بها #السلطات_التركية، أكدت مصادر صحفية، أمس، لجوء السوريين في اسطنبول إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمراصد تجنباً لأية عمليات ترحيل مفاجئ.

وقال الصحفي “غسان ياسين” إن السوريين في اسطنبول باتوا يستخدمون غرف التلغرام والواتس أب “كمراصد يتبادلون خلالها معلومات عن الحواجز والدوريات المباغتة، قبل وأثناء التنقل خوفاً من ترحيل مفاجئ”، بحسب تعبيره.

ونشر “ياسين” مدير موقع تلفزيون سوريا الإلكتروني على صفحته في موقع الفيس بوك، منشوراً تحت عنوان “مراصد في اسطنبول وقريباً مشافي ميدانية”، مؤكدا أنها “ليست مزحة”، في إشارة منه إلى المعاناة التي تواجه اللاجئين السوريين في المدينة، واضطرارهم إلى استخدام أساليب وحيل كانت متبعة سوريا لتحاشي حواجز النظام، وقصف طيرانه، وكيفية الحصول على العناية الطبية في حال تعرضهم للإصابة.

وقال الصحفي إن السوريين باتوا “يبتلعون عجزهم ودموعهم قبل النزول من البيت كل صباح”، لافتاً إلى “انتشار دعوات لإقامة مشافي ميدانية على سبيل الدعابة”، بعد أن صدر قرار المراكز الطبية بعدم استقبال من لا يحمل “كملك” اسطنبول.

وأبدى ياسين اعتقاده باحتمالية أن تتحول تلك “النكتة إلى واقعٍ خلال أيام، وأن يضطر السوريين إلى التخفي والذهاب إلى عيادات سورية داخل المنازل، للحالات الاسعافية والعاجلة”، بحسب ما ورد، معبراً عن أسفه لما آل إليه حال السوريين واضطرارهم إلى ملء صفحات الفيس بوك بصور لمختلف قطع الأثاث المعروضة للبيع على عجل، مضيفاً “هذه المرة ليس بداعي السفر.. بل بداعي التسفير”، وفق تعبيره.

وبحسب “خالد قطرميز” (موسيقي سوري مقيم في اسطنبول) فإن فكرة المشافي الميدانية موجودة قبل صدور قرار منع استقبال من لا يحمل “كملك” اسطنبول، وفقما علق على منشور ياسين.

وأشار “قطرميز” إلى أنه سبق أن زار طبيباً كان يستقبل مرضاه السوريين داخل مركز تجميل، مؤكداً وجود عدة مراكز مشابهة، بعضها يتواجد ضمن بنايات لا توجد عليها ما يشير إلى أنها مراكز طبية، كأن يكون المركز موجوداً ضمن مبنى لشركة عقارية.

كما أكد اللاجئ السوري ياسر طالب(مقيم في اسطنبول) ضمن التعليقات التي وردت على المنشور إنه كان من أحد الاشخاص الذين تعرضوا للطعن بالسكين من قبل مجموعة اتراك قبل مدة، وإنه ذهب إلى بيت يتم فيه متابعة المرضى، وقام بخياطة جرحه هناك، وذلك خوفاً من التعرض للمسائلات وما إذا كان يحمل كملك اسطنبول أم لا، مضيفاً “الحمد الله مرقت على خير”.

وانتشرت خلال السنوات الماضية في مناطق عدة من الشمال السوري ، مراصد اعتمدت على أجهزة اللاسلكي ووسائل التواصل الاجتماعي لتنبيه المدنيين من أي عمليات قصف محتملة ينفذها الطيران الحربي للنظام أو الروس. كما كانت المشافي الميدانية هي الوجهة الوحيدة للمصابين من جراء القصف الذي تتعرض له المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بحكم أن النقاط والمشافي الرسمية كانت مستهدفة بشكل دائم.

الهجرة بديل عن الترحيل
في سياق متصل أكد لاجئون سوريون مقيمون في أزمير لموقع الحل توافد أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين ممن باتوا يفضلون الهجرة إلى أوربا عبر طرق التهريب، بعد أن بدأت عمليات ترحيل السوريين من اسطنبول، وعدد من الولايات الأخرى في تركيا.

ولفت سيبان محمد في حديثه إلى أن الشارع المعروف بشارع السوريين، بات مكتظاً بالشبان الذين ينتظرون المهربين، وإنهم قدموا منذ وقت قريب من ولايات مختلفة.

وأكد محمد أن العديد من السوريين باتوا يفكرون جدياً ببديل أخر للإقامة خارج الأراضي التركي، كإقليم كردستان أو مناطق الشمال السوري، أو حتى مناطق الإدارة الذاتية. بعد أن تزايدت الضغوط عليهم وارتفع خطاب الكراهية ضدهم مؤخراً.

الائتلاف: وسائل الإعلام ومواقع التواصل لا تعكس الحقيقة
وفي بيان صحفي أصدرته دائرة الإعلام والاتصال التابعة للائتلاف السوري المعارض أمس، فإن “الادعاءات التي تناقلتها وسائل الإعلام الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي لا تعكس الحقيقة. وإن المسؤولين الأتراك أكدوا للائتلاف أن ليس هناك حملة تستهدف السوريين في تركيا بغرض ترحيلهم “، بحسب الائتلاف.

ونقل البيان وفقاً للمعطيات الرسمية من الجانب التركي، أن “عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا بلغ 3634378 شخصاً لغاية تاريخ 18 تموز/يوليو 2019، حيث تتم استضافتهم في أجواء آمنة”.

وارجع البيان ما يجري للسوريين إلى أن “الإجراءات التي تم المباشرة باتخاذها كانت في إطار استراتيجية الهجرة التي تتبعها الحكومة التركية بغية الحفاظ على النظام العام، بما فيها عملية متابعة وملاحقة المهاجرين غير الشرعيين وغير المسجلين والسوريين المسجلين في ولايات أخرى ولكنهم يقطنون حالياً في إسطنبول”.

ونقل الائتلاف عن المسؤولين الأتراك الذين التقى بهم تأكيدهم أن “الحكومة لا تعتزم إطلاقاً ترحيل السوريين الذين هربوا من الحرب، وفق ما تقتضيه السياسة الإنسانية والمتوازنة التي تتبعها، و أن تركيا طرف في اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين، وأنها تلتزم بدقة بمبدأ عدم الترحيل الذي تنص عليه”، وفق البيان.

ورأى الائتلاف أن “لا تغيير منهجي في السياسة التي تتبعها تركيا إزاء السوريين، وأنها احتضنت المظلومين في كافة مراحل التاريخ”، محذراً من أنهم “سيقفون ضد كل من يحاول زرع بذور الفتنة والشقاق بين السوريين وإخوتهم الأتراك الذين يعيشون سوياً تحت سقف الدولة التركية بمودة وأخوة”.

وكان رئيس الائتلاف “أنس العبدة”، قد التقى في 24 تموز الماضي بوزير الداخلية التركي “سليمان صويلو”، في العاصمة التركية أنقرة، واتفق معه على تشكيل لجنة مشتركة يكون الهدف منها “تنسيق العمل والوصول إلى وضع الحلول المناسبة لقضايا اللاجئين والمقيمين السوريين في تركيا”. كما اجتمع العبدة، في 31 تموز الماضي مع رئيس الاتحاد العام لنقابات موظفي القطاع العام في تركيا “علي يالتشن”، في أنقرة، بهدف “العمل على تحسين شروط عمل السوريين في عموم المدن التركية، وتصحيح وضعهم القانوني في أماكن عملهم”، وفق ما نقل الموقع الرسمي للائتلاف.

“هيومن رايست وتش”: تركيا تجبر اللاجئين السوريين على الـ “العودة الطوعية”
وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس وتش حمل عنوان “تركيا تُعيد السوريين قسراً إلى الخطر”، صدر في الـ30 من تموز الماضي، إن السلطات التركية تحتجز السوريين وتُجبرهم على توقيع استمارات “عودة طوعية”، لافتة إلى أن السلطات رحلت سوريين من اسطنبول ومن غيرها من الولايات إلى مناطق اعزاز وعفرين وإدلب.

ونقل التقرير عن “جيري سيمبسون”، المدير المساعد لقسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش قوله: “تزعم تركيا إنها تساعد السوريين على العودة طواعية إلى بلادهم، لكن ليس طوعيا ولا قانونياً التهديد بحبسهم حتى يوافقوا على العودة، وإجبارهم على توقيع الاستمارات، والزج بهم في منطقة حرب “.

وأشار التقرير إلى أن تركيا تأوي ما يزيد قليلا عن 3.6 مليون لاجئ سوري في أرجاء البلاد ممن حصلوا على وضع الحماية المؤقتة، نصف مليون منهم في إسطنبول، مؤكدة أن “السلطات رحّلتهم بالعشرات، وفي بعض الحالات وصل عددهم إلى مئة، إلى إدلب ومحافظة حلب الشمالية عبر معبر #باب_الهوى الحدودي”.

وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى مسؤولية تركيا في حماية الحقوق الأساسية لجميع السوريين، بغض النظر عن حالة تسجيلهم، وتسجيل من رُفض تسجيلهم منذ أواخر 2017، بما يتماشى مع بيان حاكم إسطنبول بتاريخ 22 يوليو/تموز.

وقالت المنظمة إن المفوضية الأوروبية أعلنت في 19 يوليو/تموز تقديم مساعدة إضافية بقيمة 1.41 مليار يورو لدعم اللاجئين والمجتمعات المحلية في تركيا، لافتة إلى أنه يتعين على المفوضية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لها سفارات في تركيا، و “مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين” دعم تركيا بأي طريقة ضرورية لتسجيل السوريين وحمايتهم، كما ودعوتها علناً إلى إنهاء عمليات الترحيل الجماعي للسوريين على الحدود ومن المدن الداخلية.

ونشر مركز “غوطة” الإعلامي، منتصف حزيران ، تقريراً تحت عنوان “أبناء ريف دمشق في تركيا: من حافلات التهجير إلى حافلات الترحيل!!”، كشف فيه أن السلطات التركية أقدمت على ترحيل 26 سورياً غالبيتهم من مهجري دمشق وريفها، إلى عفرين مستخدمة القوة مع بعض من رفض التوقيع على أوراق “العودة الطوعية”.

وكانت وكالة “فرانس برس” قد نشرت مؤخراً تقريراً مصوراً يظهر فيه العشرات من اللاجئين السوريين ممن تم ترحيلهم إلى مناطق في الشمال السوري.

ويظهر في التقرير أحد المرحلين من الشبان السوريين وهو يقول إن الشرطة التركية “كذبت” عليهم وطلبت منهم أن يوقعوا على أوراق من أجل حصولهم على هوية، وهم صدقوا، ولكن ما حدث في صباح اليوم التالي من التوقيع، هو ترحيله مع 35 شاباً إلى الأراضي السورية.

لا علاقة لـ “إمام أوغلو” بقرار الترحيل
و كانت الانتخابات التركية قد شهدت تنافساً بين مرشح المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو، ومرشح حزب العدالة الحاكم بن علي يلدرم، اللذان حولا وجود السوريين في اسطنبول وترحيل المخالفين منهم إلى قضية مساومة سياسية لكسب أصوات الناخبين في المدينة.

وكان لافتاً التصريحات اللافتة لـ “بن علي يلدرم” أثناء لقاءه مع أحد الإذاعات المحلية في اسطنبول، قبل الانتخابات الأخيرة حول مسألة ترحيل السوريين من المدينة، مؤكدا فيها إنهم “تحت الحماية المؤقتة، ولن يبقوا بشكل دائم.. في النهاية سيرحلون”.

وأشار يلدرم إلى أنهم سيبدؤون بمن وصفهم بـ”أصحاب المشاكل”، كاشفاً عن ترحيل بعضهم الى #عفرين و#جرابلس و#الباب، مضيفا أن هنالك مناطق تقع شرق الفرات تبلغ ٧١١ كم طولاً و٣٠ كم عرضاً “سيتم تطهيرها من الإرهاب” وبعدها سيرحل السوريين إلى تلك المناطق “في النهاية الجميع يشعر بالراحة أكثر داخل وطنه”، بحسب تعبيره.

ولا يختلف موقف مرشح المعارضة “أكرم إمام أوغلو” الذي فاز برئاسة بلدية #اسطنبول عن موقف يلدرم بخصوص ترحيل السوريين من المدينة، وإن لم يكن قد صرح بإمكانية إعادتهم إلى عفرين أو مناطق شرق الفرات. لكن التحذيرات بترحيل السوريين كانت تصدر من المديرية العامة لإدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية، وهو ما يعني أن الترحيل كان قرار لحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ولا علاقة لبلدية اسطنبول والمعارضة التركية به.

ومع خروج عشرات النشطاء والمنظمات الحقوقية والعمالية التركية، أمس، “للتضامن مع اللاجئين السوريين في مواجهة انتهاك الدولة التركية لحقوقهم”، وإلى أن يتم إيجاد معالجة لمخاوفهم من التهجير، ربما سيبقى الكثيرون منهم مضطرين إلى الاعتماد على المراصد والمشافي الميدانية وغيرها من الوسائل التي تعينهم على قضاء حياتهم اليومية، في مواجهة الضغوط المتزايدة عليهم و”محاولة كل من أحزاب السلطة والمعارضة إلقاء مسؤولية المشكلات البنيوية، والأزمة الاقتصادية في تركيا، على أكتاف المهاجرين واللاجئين”، وفق ما جاء في بيان النشطاء.

إعداد: جانو شاكر – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.