(إليسو) التركي ليس النهاية.. ما الأضرار التي سيجلبه على العراق جراء ملئهِ من جديد؟

(إليسو) التركي ليس النهاية.. ما الأضرار التي سيجلبه على العراق جراء ملئهِ من جديد؟

«في حال ما لم تتمكّن الحكومة العراقية من الوصول إلى أي اتفاق مع تركيا، فمعنى ذلك أن العراق سيفقد نسبة كبيرة من حصّته في المياه، إذ أن أنقرة ستعطي للعراق نسبة ٦٠ ٪ فقط من حقه الطبيعي في المياه، أي أن ذلك سيتسبّب بنقص وقطع ما يقارب الـ ٤٠ ٪ من حصة العراق في مياه دجلة».

 ————————————————-

علي الكرملي

ها هُوَ ملف سد (إليسو) يعود ليطفو إلى السطح من جديد، بعد أن قرّرت تركيا ملئ خزان السد بالمياه لأجل مشروع جنوب شرق الأناضول (المنطقة الأفقر في تركيا)، والسد الذي بدأت فكرته منذ عقود يهدف إلى توليد #الطاقة_الكهربائية في المنطقة الآنفة الذكر، إذ بدأت فكرة تشييده لأول مرة عام 1997.

قضية (إليسو) لها ما لها لأنقرة، وعليها ما عليها على #بغداد، فهي تتسبَّب (وسبّبَت فعلاً صيف العام المنصرم) شحة وجفاف في مياه نهر دجلة داخل #الأراضي_العراقية وتصحّرها، ما أودى بمشاكل (رهيبة) في #العراق، هذا غير السخط الشعبي الكبير، الذي دفع ببغداد إلى التحاور مع #أنقرة والاتفاق معها من أجل تأجيل فكرة ملئ (إليسو)، وبالفعل وافقت حكومة أردوغان حينها.

لكن ما كان على #الحكومة_العراقية، هو أن تأخذ احتياطاتها، وتنفّذ المشاريع التي تمكّنها من عدم التأثر بأضرار (إليسو) في حال عودة #تركيا إلى قرار إغماره من جديد، لكنها لم تفعل شيئاً، ومما ساعدها وفادها في ذلك، هو الوفرة المائية التي تحقّقت هذا العام نتيجة الأمطار الكثيرة التي حلّت على #العراق الشتاء الماضي، ما جعل دجلة لن يتأثر بالشحّة الصيف الحالي.

اليوم، وبعد مرور عام على التأجيل عادت تركيا لذات الموضوع، ملئ (إليسو)، فما هي الأضرار وما النتائج والعواقب التي ستضرب #العراق وما الحلول في ظل حكومة عاجزة عن القيام بأبسط الخدمات المعيشية لأبناء جلدتها، هل سيفقد العراق أحد رافِدَيه، ولم يعد بالإمكان أن يُكَنّى بـ ”بلاد الرافدين“؟ كل شيء جائز ووارد طالما في العراق رجالات لا تُقدّرُ ما معنى أنها تحكم موطن الحضارات.

سد إليسو التركي- إنترنت

 ٤٠ ٪ من النقص في حال عدم الاتفاق

يقول عضو جمعية حُماة دجلة (التي تأسست بعد جفاف المياه نتيجة إنشاء سد (إليسو) صيف 2018 الماضي في بغداد) ”سلمان خير الله“، «إن من أبرز الشروط الدولية التي يستطيع العراق الاستفادة منها في قضية سد (إليسو)، الاعتماد على اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية لعام ١٩٩٧، وهي تعتبر سارية المفعول منذ عام ٢٠١٤، بعد أن وقع عليها مجمل الدول سوى تركيا وايران».

ويُضيفُ خير الله لـ ”الحل العراق“، «كذلك من الممكن الضغط على حكومة أنقرة بقوانين حسن الجوار، وكذا في الأعراف الدولية بالإمكان الضغط على تركيا للتوقيع على هذه الاتفاقية، لأنه بمجرد توقيعها، ستتمكّن حكومة بغداد من ضمان حصص مائية كافية للأغراض غير المائية».

مُبيّناً، «لأنه في حال ما لم تتمكّن الحكومة العراقية من الوصول إلى أي اتفاق مع تركيا، فمعنى ذلك أن العراق سيفقد نسبة كبيرة من حصّته في المياه، إذ أن أنقرة ستعطي للعراق نسبة ٦٠ ٪ فقط من حقه الطبيعي في المياه، أي أن ذلك سيتسبّب بنقص وقطع ما يقارب الـ ٤٠ ٪ من حصة العراق في مياه دجلة، وذلك وفق ما قالته تركيا لوزير الموارد المائية السابق “حسن الجنابي” بشأن الأزمة قبل عامين، في صيف ٢٠١٧».

ضغوطات سياسية

«إن الأسباب التي تقف وراء قيام تركيا بتلك الإجراءات، وتهديد الحكومة العراقية بورقة سد (إليسو)، هي سياسية بحتة، فهي تقوم بضغوطات سياسية شديدة على السلطات العراقية، ومن أبرزها، أن تركيا لديها /10/ مشاريع اقتصادية استراتيجية في داخل العراق، لكن تلك المشاريع معطّلة ومتوقفة في مجلس النواب العراقي منذ عام ٢٠١٠، وهي بحاجة إلى تشريعها وإعطائها الشرعية حتى تستثمرها أنقرة بصفة رسمية، لكن البرلمان العراقي يمتنع عن ذلك، ما يدفع بتركيا إلى استخدام ورقتها الضاربة للضغط عليهم»، يقول الخبير الاستراتيجي يحيى الكبيسي.

الخبير الاستراتيجي يحيى الكبيسي- إنترنت

ويِضيف لـ ”الحل العراق“، «هذا بالإضافة إلى محاولات أنقرة المستمرة والدائمة للحصول على حقول الغاز في كركوك التابعة لنفط الشمال كاستثمار يجلب الربح الوفير لها، فضلاً عن استخدامها ورقة (إليسو) كأداة ضغط مهمة باتجاه حزب العمال الكردستاني الموجود في شمال العراق، إذ أن من أهم النقاط التي جعلت تركيا تقوم ببناء سدها هو حزب العمال الكردستاني، وذلك لا يُخفى على أحد إطلاقاً».

مُوضحاً، «كان حزب العمال الكردستاني يستخدم الكهوف الموجودة في مدينة “حسن كيف” التي سيتم غمرها بالمياه، وهي المدينة التي يتاخم عمرها الـ 12 ألف سنة، ذلك لأن حزب العمال كانت لديه المقاومة، وواحدة من نقاطه كان يذهب لتلك الكهوف ليختبئ فيها من الحكومة التركية، فخطّطت تركيا إلى كل تلك الورقات منذ وقت طويل للضغط على العراق لاستحصال كل ما تبتغيه من بغداد، إذاً القضية هي قضية سياسية بشكل رئيسي، وإذا لم يتم وضع الحلول لها، فلا أحد سيضمن العواقب المستقبلية جراء تهديدات حكومة أردوغان».

أضرارٌ بالجُملة

«سينتج عن قرار قطع المياه الكثير من الأضرار التي ستضر بالعراق بصورة رئيسة، إذ من أهم تلك الأضرار الناتجة من موضوعة سد (إليسو)، هي قطع الاتصال بين أعالي النهر والأجزاء السفلى من النهر، وذلك القطع سيُشكل عائقا أمام هجرة الأسماك المعتادة على التكاثر في أعالي النهر، ومن بعدها الهجرة لأسفل النهر، وكذلك سيتسبّب بحجز للرواسب والمغذيات في بحيرة السد، وسيُقلّل من انتشار الحياة الخضراء أمام السد، لأنه في منطقة ما بعد السد، سوف لن تكون هناك مياه فيها مغذيات كافية لكي تنمو أحياء كافية»، يقول الخبير والمختص في مجال السياسات المائية والسدود “رمضان حمزة”.

الخبير والمختص في مجال السياسات المائية والسدود “رمضان حمزة”- إنترنت

 مُشيراً لـ ”الحل العراق“، «من الأضرار التي سيُسبّبُها السد أيضاً، تحلّل للغطاء النباتي المغمور بمياه السد، كون أنه خلف السد ستكون هناك مشاكل بيئية تخص نوعية المياه، وكذلك اختفاء أنواع عديدة من الكائنات الحية، وظهور أنواع أخرى مختلفة، منها السرخسيات التي ستمنع الضوء من الوصول إلى داخل البحيرة، هذا غير تأثيره على إشكالية عجز الأوكسجين المذاب، فضلاً عن تأثيره الكبير على الأراضي الزراعية في شمال العراق ومناطق الفرات الأوسط التي تعتمد على مياه نهر دجلة بصورة أساسية».

«كذلك سيؤدي إلى انتشار للحشرات والرخويات الناقلة للأمراض، نتيجة نقص المياه الداخلة للأراضي العراقية، وسيُؤثر في درجات الحرارة واختلافها وفي التغير المناخي، بالإضافة إلى الاختلاف الجغرافي الذي سيُسبّبه، حيثُ سيتسبَّب في اختلاف التوزيع السكاني، لأن هناك العديد من السكان الذين يعيشون قرب النهر، ويعتمدون سنوياً على أكثر من ٦ آلاف متر مكعب من المياه من أجل الزراعة، فما الفائدة من وجود هذا السكان حينما تنقطع المياه، مما سيؤدي بهجرتهم من الريف إلى المدينة».، يلفت “حمزة”.

ما وراء (إليسو)

«يجب على الحكومة الوعي ومعرفة حجم الكارثة الكُبرى التي ستحل على العراق ما بعد سد (إليسو)، إذ من غير الممكن أن يكون هذا السد فقط كهرو مائي لتوفير الطاقة الكهربائية لجنوب شرق الأناضول كما تزعم تركيا، فما يمتلكه السد من خزانة /11/ مليار متر مكعب من المياه هي نسبة ضخمة جداً وأكثر من أن تكون فقط لتوليد الكهرباء»، يقول الباحث الاستراتيجي باسل حسين لـ ”الحل العراق“.

الباحث الاستراتيجي باسل حسين- إنترنت

ويِبيّن، «هُناك ما هو أكبر من مشكلة (إليسو) بعد الانتهاء من توليد الطاقة الكهربائية في جنوب شرق الأناضول، أَلا وهي سد (الجزرة)، وهو سد خانق تعمل عليه تركيا ليكون بعد سد (إليسو)، اذ سيكون عمله تقسيم المياه في منطقة جنوب شرق الاناضول، وتلك هي الكارثة الكبرى التي يجب على الحكومة المركزية في بغداد أن تنتبه إليها، فقضية سد (إليسو) ان تكون هي الأخيرة ولا حتى سد الجزرة فيما بعد».

أما فيما يخص الحلول التي يجب اتباعها فيقول حسين، أنه «من الممكن أن تستمر المياه في وجودها في نهر دجلة في داخل العراق مثلما كانت تتواجد فيه منذ آلاف السنين، بإمكانه البقاء، بل وستكون لدى العراق قنوات مائية إضافية، ومجاري مائية إضافية، كون أن المياه إذا ما ارتفع منسوبها، بمجرد أن يتم كَري النهر سيكون هنالك خزّان من المياه على طول العراق، وهذه هي أبرز نقطة للحل في الوقت الراهن، لو أرادت بغداد العمل فيها».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.