لزعزعة أمن العراق.. إيران تستعين بقواتٍ سريّة بدلاً عن وجوه الحشد «المحروقة»

لزعزعة أمن العراق.. إيران تستعين بقواتٍ سريّة بدلاً عن وجوه الحشد «المحروقة»

إيران أقدمت على تشكيل وتدريب قوّات سرّية في أراضيها، لتتلافى في ذلك استبدال الوجوه التي احترقت ورقتها بالعمل العلني ضمن قواطع عمليات الحشد الشعبي، وستأخذ هذه القوّات السرّية على عاتقها تنفيذ هجمات كبيرة لزعزعة أمن العراق والمنطقة.

——————————————————–

علي مراد

يبدو أن من أولويات شروط #الولايات_المتحدة والمجتمع الدولي ودول الجوار والشركاء في بناء #الدولة_العراقية على الحكومة؛ هو إظهار النية الحسنة والتعامل بشفافية ووضوح تام حول الالتزام بإنهاء وجود الميليشيات والفصائل غير المنضوية تحت جناح الدولة، ورزم هذه الفصائل تحت يافطة وزارة الدفاع كقوّات حكومية مُنظّمة تأخذ أوامرها بشكلٍ مباشر من قائد القوات المسلحة عادل عبد المهدي ووزارة الدفاع العراقية، وقطع صلتها مع #إيران.

لكن السؤال هنا حول قدرة حكومة #عادل_عبد_المهدي على تنفيذ القرار؟ خصوصاً وإن رفع الشرعية عن عبد المهدي يأتي من برلمانٍ جزءٌ كبير من أعضاءه تابعين لـ فصائل مسلحة لها جذورها الإيرانية في التأسيس والدعم والتسليح، وجزء كبير آخر له صلة إيرانية من بعيد أو من قريب.

ولو زعمنا إن عادل عبد المهدي استطاع أن ينفذ قراره بشكل انسيابي اعتماداً على دعم #مرجعية_السيستاني وبعض الجهات لقرار حل #الحشد_الشعبي وضمّه لوزارة الدفاع، فماهي خطة إيران التي وضعتها لميليشياتها وفصائلها لمواجهة ومجابهة هذا القرار؟

قد يكون لكل فصيل وميليشيا سياسة تعامل مع قرار الحل؛ فمثلاً قد تتبع (#حركة_العصائب و #منظمة_بدر) دور المناورة مع القرار وإنهاء التمظهر الميليشياوي، وتستفيدان من توظيف اتباعهما في وزارة الدفاع خصوصاً بعد حصولهما على مقاعد برلمانية في الانتخابات الأخيرة، ليتحوّل دورهما ووجودهما من خدمات عسكرية إلى خدمات سياسية، خصوصاً بعد الإحراج الذي أوقعهما فيه المنافس السياسي الأكبر لهما مقتدى الصدر في المناورة التي اتخذها في قرار حل سرايا السلام.

لكن وبتلويحٍ وتصريحٍ مباشر أو غير مباشر من ميليشيا (#حزب_الله في العراق) و(#حركة_النجباء) بأنه ليس من أولويات #الحكومة_العراقية الآن إنهاء وجود الميليشيات الشيعية، وأنهما لن ينضويا تحت مظلة وزارة الدفاع، وسيعملان بشكلٍ سري داخل العراق ولم يسلّما السلاح ولا يحتاجان إلى الارتباط المالي والعسكري الحكومي، وتوعدهما بالقيام بهجمات عسكرية، يوقع الحكومة العراقية ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإحراج كبير، وبين مواجهتهما وبين غض النظر عنهما وفي الأمرين خسارة.

أما موقف بقية الفصائل الصغيرة، فهو موقف الربح والخسارة رغم إن الخسارة شملت جميع الفصائل بعدما تحوّلت الرواتب والمخصصات المالية حسب بطاقة (كي كارد)، واكتشفت حكومة عبد المهدي أنها تُصرَف الرواتب في السابق لآلاف من الأسماء الوهمية غير الموجودة أساساً حيث تذهب رواتبهم وتخصيصاتهم المالية إلى رؤوساء الفصائل وحواشيهم المقرّبين.

وما ينبغي معرفته من هذا التخوّف والفوبيا التي تُظهرها الفصائل من دمجها ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية يتحدد بكثير من النقاط، لكن أهمها هو أن الأمر ليس هيّناً على أي ميليشيا أن تُنتزع منها السلطة، خصوصاً وإن في هذه السلطة والسطوة فوائد مالية كبيرة تذهب لخزائن تجار الحروب، وفي زوال هذه السطوة ستزول معها المكاتب الاقتصادية.

والأمر الآخر، إن تحيّيد وجودهم وسطوتهم سيمنعهم من تنفيذ مهام خارج القانون والأعراف الإنسانية، ومن ضمن المخاوف أيضاً التي تحملها #الميليشيات من هذا القرار، هو التوجّس من خسارة أفرادها الذين لا يؤمنون بهم عقائدياً، خصوصاً هؤلاء العامّة ممن انتموا إليها من أجل حماية حقوقهم المادية فقط، وهي حقيقةٌ يُدركها قادة تلك الفصائل جيداً، سيما وأن انخراط الأفراد في المؤسسة العسكرية الرسمية سيعطيهم حقوق مادية ومعنوية أكبر، الأمر الذي سيدفعهم للتخلي عن انتماءاتهم لفصائل الحشد.

ويمكن تصنيف تصريحات #نوري_المالكي حول الأمر والذي قال «سيؤثر دمج الحشد الشعبي ضمن المؤسسة العسكرية على سير العملية السياسية» بالتهديد المبطن أو استقراء منطقي من جندي يعرف كيف يفكر ضابطه.

بالنسبة لـ إيران، فإنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام حل وتذويب أكبر ذراع لها في المنطقة والذي تعدى بقوّته وتعداده ووجوده المعنوي على “حزب الله” في لبنان والذي كان يعتبر الابن المدلل لإيران قبل وجود ميليشيا الحشد الشعبي، بل وإن هناك معلومات تتداولها قادة الميليشيات بصورة شبه سرية، بأن إيران أقدمت على تشكيل وتدريب قوّات سرّية في أراضيها، لتتلافى في ذلك استبدال الوجوه التي احترقت ورقتها بالعمل العلني ضمن قواطع عمليات الحشد الشعبي، وستأخذ هذه القوّات السرّية على عاتقها تنفيذ هجمات كبيرة لزعزعة أمن العراق والمنطقة.

وقد يكون التكهّن واضحاً في مستقبل العراق مع تنفيذ قرار عبد المهدي والذي خيّر الميليشيات فيه، أمّا العمل بيافطة سياسية أو الانضمام للمؤسسة العسكرية، وبين هذا الطريق وذاك، يبدو إن إيران ستختار الطريق الثالث لفصائلها، وستعمل على خلق فجوات سياسية واقتصادية وعسكرية في العراق ليتنازل عن بعض ضغطه على الفصائل، مستفيدة بنفس الوقت من كل الخيارات، حتى وإن اضطر الأمر إلى خلق مواجهة شيعية شيعية.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة