(الحل) – كحال غيرهم من شرائح المجتمع السوري الأخرى، مُني السوريون البدو بخسائر فادحة جراء العمليات العسكرية المستمرّة في البلاد منذ ثماني سنوات.
وتتركّز عمليات صراع النفوذ خلال السنوات الأخيرة في منطقة البادية السورية، كونها منطقة استراتيجية تحاول عدّة دول السيطرة عليها وضمّها إلى نفوذها العسكري والسياسي في سوريا.
ومن أبرز الخسائر التي تلقّاها بدو سوريا، هي فقدانهم القدرة على الترحال، الذي يُعتبر مصدر رزقهم الأساسي، كونه يوفّر لهم استمرار الزراعة الموسمية والرعي، إضافةً إلى اضطرار الكثير منهم إلى النزوح داخل سوريا أو اللجوء إلى دول الجوار وتحديدًا إلى الأردن حيث تتوفّر هناك بوادي تتلائم مع ظروف معيشتهم قبل النزوح.

من هم بدو سوريا؟
تشكّل البوادي نحو ٨٠٪ من مساحة سوريا، وتمثّل الجزء الآخر من سوريا الذي يُدعى “سوريا غير المفيدة”، كون تلك المنطقة لا تحتوي على موارد مائية أو زراعية أو حتّى صناعية، وتنقسم هذه المساحة إلى قسمين وهما أرض البادية و”المعمورة” وهي أراضي قاحلة جزئيًا تقع بين البادية والمنطقة الزراعية.

كما تقدّر إحصاءات رسمية سابقة نسبة البدو من سكّان سوريا بنسبة ٢٠٪ من مجمل عدد السوريين، إلّا أن هذا الرقم يبقى غير دقيق بسبب رفض كثير من البدو تعريف أنفسهم كبدو.
ويعمل معظم هؤلاء بتربية المواشي بشكلٍ رئيسي، إضافة إلى التجارة العامة ويساعدهم التنقّل في هاتين المهنتين بحثًا عن أسواق جديدة ومراعي لمواشيهم.
ويتواجد البدو السوريون في باديتي سوريا والأردن منذ آلاف السنين، حيث ذكرت الحضارات القديمة وجودهم هناك، وتنقّلهم بالمواشي بحثُا عن أراضٍ خصبة للرعي والتجارة داخل أنحاء البادية.

مناطق صراع
فيما لو تم حصر المناطق التي يتنشر فيها البدو السوريون، يتوضّح أن معظم هذه المناطق غزتها المعارك، وأجبرت القاطنين هناك على الترحال بحثًا عن ملاذٍ أكثر أمنًا.
يقول أحمد عبدات، الباحث الأردني في التراث الشعبي العربي لـ “موقع الحل”: “إن المعارك التي اندلعت في المناطق التي يعيش فيها البدو أدّت إلى خسارتهم أملاكهم من قطيع البوادي وخيمهم التي كانوا يستقرّون بها، ما زاد من حجم الخسائر”.

وأضاف العبدات، أن من أبرز المناطق التي يستقر بها البدو السوريين الذين شهدت معارك هي منطقة جرود وجبال القلمون، ومنطقة خنيفيس وريف حمص الشرقي بشكلٍ عام، إضافةً إلى مناطق البادية الواقعة إلى شرق معرّة النعمان، وريف حماة الشرقي وريف الرقة الجنوبي الغربي، لافتاً إلى أن هذه المناطق شهدت معارك عنيفة سواء على المستوى المحلّي السوري أو على المستوى الدولي بين الدول المتنازعة على تقاسم الثروات في المنطقة الشرقية.

وبيّن عبيدات أنه لم يكن أي أحد يعتقد أن المعارك قد تنتقل إلى البادية السورية، غير أن أبرز الأسباب التي دفعت لانتقالها هي وقوع هذه المنطقة على طريق العراق، ما جعلها محط نزاع إيراني أمريكي.

تشقّقات سياسية
لم يخرج البدو من الحياة السياسية في سوريا، حيث كان لهم ستة مقاعد ثابتة في مجلس الشعب السوري، أما بعد الاحتجاجات التي شهدتها سوريا عام ٢٠١١، فتشقّقت القبائل البدوية بين مؤيّدٍ ومعارض، ما أدّى لاختلافٍ في مواقفها.
وبحسب الباحث ذاته، فإن هناك بعض قادة القبائل تم توظيفهم في سوريا من أجل استجلاب الولاءات العشائرية لطرفي النزاع.
وعلى سبيل المثال فإن وزير الدفاع السابق فهد جاسم الفريج هو من قبيلة الحديديين البدوية في منطقة حماة، فضلًا عن وجود عدّة مسؤولين سياسيين وعسكريين من الأطراف المختلفة من البدو السوريين.

ويبيّن الباحث ذاته، أن بعض رؤساء القبائل في السياسة كان لهم دورًا محوريًا في التظاهرات عام ٢٠١١، ومنهم عبد الإله الملحم من قبيلة الحسنة في حمص، الذي ساهم بالحراك وحشد عشرات القبائل معه، وكذلك الحال بالنسبة لغيره من الشخصيات السورية البدوية.

أحمد حاج حمدو

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.