في الشمال السوري حرب استنزاف مفتوحة في ظل خرق الاتفاقيات والهدن

في الشمال السوري حرب استنزاف مفتوحة في ظل خرق الاتفاقيات والهدن

ريف إدلب (الحل) – ثلاثة أيام فقط كانت كفيلة بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار وهو ما تمخّض عن الجولة الـ١٣ من محادثات أستانا التي انعقدت في العاصمة الكازاخيّة مطلع الشهر الحالي، ليعود الوضع كما هو عليه قبل انعقاد الجولة أو كما يقال “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”.

فالجيش السوري مدعوماً بالقوّات الروسيّة استأنف عملياته العسكريّة في الشمال السوري، بعد أن وافق على إعلان روسيا للهدنة، وقال في بيان إن عدم التزام الفصائل بانسحابها إلى عمق ٢٠ كيلوا متراً وفق اتفاق نزع السلاح هو السبب الرئيسي لإنهاء الهدنة.

استمرار العمليّات العسكريّة لقوّات النظام جاء رغم فشلها في إحراز التقدّم الذي يريده الجانب الروسي في الشمال السوري، لا سيما في ريف حماة الشمالي، حيث استطاعت فصائل المعارضة إيقاف قوّات النظام ومنعها من التقدم على مدار الأشهر الأربعة الماضية، كما أعلنت تكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد للقوّات المهاجمة.

حرب استنزاف بطيئة
ويقول المحلل العسكري “أحمد العبّاس” إن قوّات النظام تسعى لاستنزاف فصائل المعارضة، ذلك في البقعة الجغرافية التي بقيت للفصائل وهي إدلب وأجزاء من ريفي حلب وحماة، ويضيف “النظام رغم خسارته الكبيرة لا يزال يواصل هجومه بلا فائدة، تقدم بسيط أحرزته مجموعات الجيش السوري لا يرقى لأهداف روسيا بالنظر إلى ما كرّسته من أجل الحملة الأخيرة، المعركة الآن معركة استنزاف وكسر عظم بين الجانبين”.

ويرى “العبّاس” أنه إذا ما أرادت الفصائل قلب الطاولة على النظام، فيجب عليها أن تبادر بالهجوم على مواقعه العسكريّة في المناطق المشتعلة، ويقول “حرب الاستنزاف فيما إذا كانت طويلة الأمد فستكون لصالح النظام، ذلك ما تقوله التجارب العسكريّة السابقة في حلب ودمشق وغيرها، إضافة إلى الدعم العسكري غير المحدود الذي يتلقّاه النظام من روسيا تحديداً، في حين أن دعم الفصائل لا يزال محدوداً، فضلاً عن الخزّان البشري الذي يمتلكه النظام بواسطة التجنيد الإجباري وسحب الشبّان السوريين إلى الخدمة الإلزاميّة والاحتياطيّة، وهو ما تفقده أيضاً فصائل المعارضة على الجانب الآخر”.

وتسعى قوّات النظام إلى زيادة الضغط على فصائل المعارضة من غير محور التقدم البرّي، وذلك عبر تصعيد القصف الجوّي على المناطق السكنيّة، حيث عمدت خلال حملتها العسكريّة الأخيرة إلى شل الحياة المدنيّة في مدن وبلدات الشمال السوري، عبر استهداف المرافق الحيويّة بشكل مركّز والمؤسسات الخدميّة بواسطة المقاتلات الحربيّة التي لم تغب عن سماء الشمال بشكل يومي منذ ما يزيد عن أربعة أشهر.

“استنزاف الحياة والحاضنة الشعبيّة هدف آخر للنظام” يقول الناشط الميداني “ماهر أبو زيد” لموقع “الحل”، ويؤكد لأن النظام ومن وارئه روسيا يسعى إلى إسراع وتيرة تقدمه في المنطقة مستخدماً كافة الأساليب من تدمير وقصف المناطق السكنيّة بشكل عشوائي.

ويضيف “أبو زيد” أن “ما حصل خلال الأيام الماضية يوضح لنا مدى فشل المسار السياسي الذي أكد عليه المجتمعون في أستانا، استطاعت الجولة الـ١٣ وقف القصف لمدة أربعة أيام فقط، هذا يعني أننا إذا أردنا استمرار الهدنة لمدة “شهر”، نحتاج إلى ثمان جولات، ذلك بشرطة أن يكون تصنيف جميع تلك الجولات ضمن (الناجحة)”، لا أتوقع أن الدول الضامنة ولا حتى المجتمع الدولي جاد الآن في إيجاد حل لوقف نزيف الدم في إدلب”.

ويرى محللون عسكريّون أن تقدم قوّات النظام في ريف حماة مسألة وقت، وذلك إذا ما بقيت فصائل المعارضة في حالتها الدفاعيّة الناجحة والفعّالة لغاية الآن، فيما يذهب آخرون للقول إن انشغال تركيا بملف “شرق الفرات” سيضعف تدخلها في إدلب وبالتالي توجيه الساحة لمعركة استنزاف مفتوحة بين فصائل المعارضة والجيش السوري على امتداد ريف إدلب وحماة خلال الفترة القادمة.

فتحي سليمان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.