(الحل) – كتب «سيث فرانتزمان» مقالاً لصحيفة «جيروسالم بوست» بعنوان: هل تحاول تركيا دفن الثورة باستخدام الثوار لقتال وحدات حماية الشعب؟”، طرح فيه خطر انزلاق جماعات المعارضة السورية في مستنقع القتال ضمن جبهة جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، التي تدعمها أمريكا، مشيراً إلى أن الدخول في هذه المعركة يعني «نهاية الثورة».

 

«الثوار أصبحوا مادة ساخرة»

تهدد تركيا بخوض عملية عسكرية شرق سوريا منذ الشهر الماضي، وواصلت تهديداتها في شهر آب/ أغسطس الجاري، إذ سارعت أمريكا التي لديها قوات شرق سوريا، إلى وضع خطة من شأنها منع الهجوم. والهدف الرئيس لتركيا هو محاولة إنشاء ما أسمته «ممر سلام» على طول مئات الكيلو مترات من الحدود السورية، وإزالة وحدات حماية الشعب، وإنشاء منطقة مماثلة لما قامت به في عفرين وجرابلس.

وبينما تعد تركيا هجومها، يدعم 14 ألف من المسلحين السوريين المعركة المحتملة. ويمثل هذا جزء رئيس من استراتيجية أنقرة في إعادة توجيه بقايا «التمرد السوري» من قتال النظام، إلى مساعدة تركيا على تأمين المناطق الحدودية. وكلما ابتعد توجه الثوار عن قتال النظام في دمشق، كلما أصبح دورهم «مادة للسخرية»، فقد باتوا بيادق لدى أنقرة وينحصر دورهم في رعي مصالحها.

 

إعادة اللاجئين السوريين من تركيا

أهداف أنقرة واضحة، هي قالت العام الماضي إنها ستعيد شرق سوريا إلى «مالكيها الحقيقيين» وتتطلع إلى إعادة 700،000 لاجئ سوري إلى مناطق على طول الحدود. وأشارت تركيا في 5 آب /أغسطس الجاري، إلى أنها تعتبر أن هجوماً قادماً في منطقة شرق الفرات، وأن عمليتيّ (درع الفرات، وغصن الزيتون) مستمرتين. وعاد 330 ألف مواطن سوري إلى المناطق التي انتزعتها تركيا شمال غرب سوريا، بينما فرَّ 150 ألف كردي من عفرين، وهو ما يراه كثيرون أنها عملية «تغيير ديمغرافي» صنعتها أنقرة.

 

علاقة معقدة مع أمريكا

سعت تركيا منذ عام 2016 إلى إنشاء «منطقة عازلة» ضد وحدات حماية الشعب، وهو أمر كان فوضوياً بالنسبة لأمريكا، لأن ذلك العام كانت واشنطن تدعم الوحدات إلى جانب دعمها لفصائل معارضة. وكان هناك توافق بوجهات النظر بين أمريكا وتركيا بما يخص الجيش الحر. وقامت واشنطن بتغيير استراتيجيتها لاحقاً لزيادة نفوذ جبهة النصرة وحركة أحرار الشام وتوغلهما في فصائل المعارضة. وفي عام 2014 ركزت أمريكا على قتال «داعش»، ورأت في الحلفاء الأكراد شريكة لقتال التنظيم، لكن قوات سوريا الديمقراطية (نواتها وحدات حماية الشعب) هي «تنظيم إرهابي» بالنسبة لأنقرة، رغم الشراكة مع أمريكا.

 

لماذا شاركت الفصائل بمعركة عفرين؟

حشدت تركيا الفصائل الثورية التي تدعمها لقتال وحدات حماية الشعب، وفعلت ذلك بنجاح في عفرين خلال عام 2018، وقد استمرت في تدريب المقاتلين منذ ذلك الحين. وفي الخامس من الشهر الجاري أعلن قيادي معارض جاهزيته إرسال 14 ألف مقاتل للانضمام إلى القتال تحت العلم التركي، ضد قوات سوريا الديمقراطية.

وخلال حملة عفرين، أُثيرت تساؤلات حول أسباب انضمام فصائل المعارضة إلى العملية. قال المعلقون إنها أظهرت قوتهم، لكن يمكن لذلك أن يتحول فيما بعد إلى مستنقع، بسبب الصراع الإثني بين العرب والأكراد والتركمان. 

والمنطق لدى آخرين كان أن وجود 20 ألف مسلح معارض في عفرين، يعني قربهم من حلب، وجبهات النظام هناك، إضافة إلى إلى غضبهم من وحدات حماية الشعب لعدم دعمها الثورة وفق رؤيتهم.

 

الأسد ينظر بعين ساخرة

القتال شرق الفرات؛ يعني وضع المسلحين المعارضين على بعد مئات الكيلو مترات عن مركز هدفهم، وهو أمر ينظر إليه بشار الأسد بعين ساخرة، فأكبر قوتين أنتجهما الصراع قد يجري تحييدهما باقتتال داخلي لا شأن للجيش النظامي فيه. وبالنسبة لتركيا الآن، السؤال هو: هل تفضل قوات النظام السوري على قوات سوريا الديمقراطية؟ بالنظر إلى تصريحاتها، يبدو أنها تفضل الجيش السوري، وأن نهاية الصراع مع دمشق قد تأتي بثمن القتال في شرق سوريا، مقابل الأرض التي سيتم تسليمها فقط إلى الحكومة على المدى الطويل… بهذه الجزئية يختتم الكاتب مقاله.

 

ترجمة موقع «الحل» – إعداد وتحرير: سامي صلاح

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.