دمشق (الحل)_ تزايدت الحرائق بشكل ملحوظ في دمشق وريفها في الفترة الأخيرة، وتسببت بخسائر بشرية ومادية كبيرة، وباتت أخبارها شبه يومية، وجزءاً لا يتجزأ من النشرات والتقارير الإخبارية القادمة من العاصمة وضواحيها.

واختلفت أسباب اندلاع تلك الحرائق، فمنها ما هو طبيعي، ومعظمها يكون لأسباب بشرية، وغالباً ما يكون التبرير “ماس كهربائي” وسط ضعف كبير في الإجراءات الاحترازية التي يجب اتخاذها لمنع وقوعها والحد منها بشكل كبير.

حرائق متنوعة وأسباب مختلفة

تنوعت الحرائق واختلفت من مكان لآخر، فلم تسلم أرض زراعية، أو سوق أثري أو بيوت عربية قديمة منها، كما لم تسلم المناطق السكنية من لعنة الحرائق التي حلّت على الدمشقيين، وأصبح السكان يخشون الحريق ويحسبون حساباً لتعويضها من الميزانية العامة لأعمالهم.

ولعلّ أبرز الحرائق التي ضربت العاصمة وريفها كان حريق #برج_دمشق التجاري، حيث اندلعت فيه النيران لساعات، وأحترقت محلات مختصة بتجارة الهواتف المحمولة ومستلزماتها بشكلٍ كامل، وقُدرت الخسائر بالملايين، ناهيك عن الإصابات وحالات الاختناق، بالإضافة لحرائق الأسواق التراثية القديمة مثل سوق العصرونية، حيث التهمت النيران عشرات المحال التجارية وتسببت بخسائر كبيرة قُدرت بالملايين.


الحالة تعبانة.. دون إجراءات احترازية
لم تحاول حكومة دمشق الحد من الحرائق أو تخفيف أعدادها وشدتها، عبر إجراءات الاحتراز والوقاية، وكان عملها يقتصر  فقط على عمليات الإطفاء بطرق بدائية، وفي بعض الأحيان تكون تلك العمليات عشوائية.
فقد شهدت منطقة المتحلق الجنوبي مقتل سائق جرافة وإصابة اثنين من المدنيين أثناء محاولتهم إطفاء النيران، التي انتشرت في أراضٍ زراعية بشكل سريع، إذ لم يكن السائق والمصابين متدربين على مثل هذه العمليات، ولكن عجز فرق الإطفاء عن إخماد الحرائق دفعهم للتدخل وكانت النتيجة كارثية.

وبات السوريون على معرفة تامة بأسباب الحريق قبل معرفة أي تفصيل، فقد أصبحت المسببات الرئيسية للحرائق إما “ماس كهربائي” بسبب انقطاع ووصول التيار الكهربائي بشكل سريع، أو اشتعال النيران بأعشاب يابسة، حيث وقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة نتيجة لهذه الأسباب، كان أبرزها وفاة سبعة أطفال في حي العمارة بدمشق بسبب ماس كهربائي ناجم عن النظام المتردي للتوصيلات الرئيسية وهو ما يعكس حالة الإهمال من مؤسسة الكهرباء.

حريق بيمضى و “عوضكم على الله”

لم يجد المتضررون من الحرائق الدعم الحكومي اللازم، حيث فقدوا ممتلكاتهم ومحاصيلهم الزراعية ومنازلهم، دون حصولهم على أي تعويض من الحكومة.
ومن لا يملك تكاليف الترميم وإعادة تفعيل عمله، وجد نفسه أمام خسارة كبيرة وبطالة لم تكن في الحسبان.

وقال فادي الأحمد (مزارع من الغوطة الغربية): طالبتنا الوحدة الإرشادية للزراعة بتقديم المحاصيل للنظام، والتزمنا بذلك، على أن يتم توزيع الوقود لجميع المزارعين، وهو ما لم يحصل، وعندما تعرض محصول للحرق طالبت بتعويض ومساعدة من الوحدة الإرشادية التي أجابتني بكلمة “عوضك على الله والحمد لله بالمال ولا العيال”، ولم تكلف نفسها حتى بإحصاء الأضرار ورفعها لوزارة الزراعة لمحاولة مساعدتي، أو على الأقل إيهامي بذلك، حسب تعبيره.

حرائق لإجبار المالكين على البيع

حاولت إيران والشخصيات التابعة لها في دمشق وريفها الاستحواذ على بعض النقاط الاستراتيجية في العاصمة وريفها، طيلة السنوات الماضية، حيث قدموا عروضاً أعلى من الطبيعية لشراء ممتلكات في عدة مناطق، لكنهم واجهوا مؤخراً رفضاً من معظم الدمشقيين على الرغم من محاولاتهم المستمرة.

وبعد أن فشلت محاولات السماسرة المتعاملين مع الميليشيات الإيرانية وجد أصحاب تلك الممتلكات أنفسهم بمواجهة موجة من الحرائق، التي دائماً كانت تنتج عن “ماس كهربائي” إذ شهدت العاصمة وريفها العديد من الحرائق في الأسواق والأحياء السكنية، وأبرزها حريق سوقي مدحت باشا والعصرونية، حيث أكدّ تجار السوقين أنّهم رفضوا عروضاً لبيع محالهم التجارية قبل تعرضها لحرائق ضخمة تسببت لهم بخسائر كبيرة جداً.

المضحك المبكي

تسببت كثرة الحرائق بانخفاض الشعور بالحسرة لدى كثير من السوريين، فعلى الرغم من حزن الكثير منهم إلّا أنّ ردود الفعل على أخبار الحرائق باتت مختلطة بين التهكم والحزن، فلا يكاد يخلو منشور من التعليقات الساخرة من تكرار ذات الأسباب التي تؤدي للحرائق.

ولم يخف الموالون للنظام أو المعارضون آرائهم فيما يخص فشل الأجهزة والإدارات في الحد من الحرائق، وعدم تعويضها للمتضررين، بل تعدى ذلك لاتهامها في بعض الأحيان بافتعال الحرائق بشكل مقصود لسبب أو لآخر.

وفي ظل استمرارها وتصدرها مشهد الكوارث في البلاد يتساءل السوريون هل قدرهم أن يواجهوا نيران الحرب تلتهم ممتلكاتهم وأجسادهم، وتقضي على أرزاقهم، أو أنّهم سيعيشون أيامهم المتبقية على رماد دمشق، كما عاش الطليان على رماد روما يوماً!.

إعداد: سليمان مطر
الصورة: إنترنت

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.