كيف عملت تركيا على ترحيل العائلات السوريّة بأكملها من إسطنبول إلى سوريا؟

كيف عملت تركيا على ترحيل العائلات السوريّة بأكملها من إسطنبول إلى سوريا؟

تركيا (الحل) – نحو مصير مجهول تتجه أم محمود (أم لثلاثة أطفال) إلى الحدود السوريّة التركيّة وهي تستقل حافلة كتب عليها “شكراً أردوغان”، في رحلة كان عنوانها “العودة الطوعيّة إلى سوريا”.

وافقت أم محمود على العودة إلى سوريا، ذلك بعد أن فقدت زوجها الذي ابتعد عنها مئات الكيلو مترات “قسراً” حيث تعرّض للترحيل من قبل قوّات الأمن التركيّة بسبب عدم حصوله على بطاقة “الحماية المؤقتة” في تركيا.

تقول أم محمود في حديث مع موقع الحل “بعد أن قاموا بترحيل زوجي إلى إدلب لم أعد أستطيع البقاء هنا، زوجي كان يعمل هنا وبالكاد كنا نستطيع تدبّر أمورنا الماديّة، بالتأكيد لو يعود زوجي إلى هنا لن أضطر إلى الموافقة على العودة الطوعيّة إلى سوريا، أنا أعود مكرهة إلى هناك، وقد نتعرض للخطر أنا وزوجي وأطفالي خلال وجودنا في سوريا”.

وعائلة أم محمود وغيرها المئات أو ربما الآلاف من العائلات السوريّة بدأت بالموافقة على ما سمّي بـ”العودة الطوعيّة”، ذلك بسبب فقدان تلك العائلات للشبّان المعيلين، أو الأشخاص المسؤولين عن تمويل تلك العائلات (إن صح التّعبير).

وتوافدت عشرات الحافلات إلى منطقتي أسنيورت وأكسراي في إسطنبول، تلك الحافلات جهّزتها الحكومة التركيّة لمن يرغب بالعودة إلى سوريا، لنقله إلى الحدود التركيّة الجنوبيّة ومن ثم إلى الأراضي السوريّة عبر المعابر الحدوديّة وقد كتب عليها عبارة “شكراً أردوغان”.

تزامن ذلك مع مهلة منحتها الحكومة التركيّة للاجئين السوريين المقيمين في إسطنبول، غير الحاملين لـ”الكملك” الصادرة عن مديرية الهجرة في المدينة، وذلك مغادرتها والعودة إلى الولايات التي تم استخراج البطاقات منها.

ويرى ناشطون بأن سياسية انتقاء الشبّان السوريين وترحيلهم بشكل “قسري” كان متعمّداً من قبل السلطات التركيّة لترحيل العائلات بأكملها إلى سوريا، حيث يقول الناشط أحمد العثمان “ترحيل الشبّان سياسة متعمّدة، السلطات اختارت ترحيل المعيلين، وعدم الخوض بترحيل العائلات والنساء والأطفال، عندما تم ترحيل الشبّان، لم يبقى للعائلات سوى خيار العودة واللحاق بباقي أفراد أسرتها إلى سوريا، وهي أيضاً تعتبر عمليّات ترحيل قسري منهجة”.

ونفّذت تركيا حملة أمنية هي الأوسع ضد السوريين، خاصة في مدينة إسطنبول، وذلك بحجة عدم إكمال اللاجئين للأوراق القانونيّة أو عدم إمتلاكهم بطاقة الحماية المؤقتة “الكملك”، علماً بأن مديرية هجرة إسطنبول توقفت عن منح تلك البطاقة للاجئين السوريين منذ عدّة سنوات.

وبحسب إحصائية صادرة عن إدارة معبر باب الهوى فإن نحو سبعة آلاف سوريّاً تم ترحيلهم بشكل قسري من الأراضي التركيّة إلى الداخل السوري خلال الفترة الأخيرة، معظمهم من الشبّان بعد اعتقالهم في مراكز الاحتجاز التابعة لقوّات الأمن التركية، ونقلهم إلى معبر باب الهوى الحدودي.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اتهمت الحكومة التركية بإجبار السوريين على توقيع أوراق العودة الطوعيّة إلى سوريا، لتقوم بعدها بواسطة قوّات الأمن بترحيلهم قسراً إلى الداخل السوري وتحديداً إلى محافظة إدلب.

وساهمت تركيا بتعرّض مئات السوريين إلى خطر الموت أو الاعتقال عبر ترحيلهم قسراً إلى سوريا، حيث وثّق ناشطون اعتقال هيئة تحرير الشام لعدد من الشبّان الذين وصلوا حديثاً من تركيا.

وبحسب محللون مختصون في الشأن التركي فإن عدم وجود قانون واضح للاجئين السوريين في تركيا، سيتركهم رهن قرارات الحكومة التركية ومزاجية إدارات الهجرة، حيث أن كل الحملات الجديدة أو الأمور القانونيّة التي تصدر بحق اللاجئين، هي قرارات وليست تنفيذاً لقوانين واضحة.

ويرى الصحفي “عقيل حسين” بأن “ما تقوم به الحكومة التركية تجاه السوريين لناحية ترحيل المئات منهم إلى مناطق غير آمنة وتفريق افراد الاسرة الواحدة عن بعضهم البعض، وهذا كله مخالف للاخلاق والانسانية قبل القانون التركي ذاته، انما هو استجابة للشارع التركي، فماذا لو قرر هذا الشارع بعد سنة مثلاً أنه يجب طرد كل السوريين وإلا لن يتم منح حزب العدالة أي صوت؟!”.

ويذهب حسين إلى أبعد من ذلك حيث يتحدث عن الخطر الذي يعاني منه السوريون المقيمين في تركيا، في ظل عدم وجود أي حماية لهم أو حقوق يقول “أخشى أن نشهد يوماً نرى فيه مليون ونصف سوري مرحّلاً في تركيا، ذلك بقرار تركي (ببساطة)”.

إعداد: فتحي سليمان – تحرير: مالك الرفاعي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.