(الحل) – تعد الخدمة الإلزامية في صفوف القوات السورية النظامية، واحدةً من أبرز أسباب هجرة عشرات آلاف السوريين، الذين فضلوا الهروب والنجاة بأنفسهم، على أن يتم زجهم على جبهات القتال لسنوات طويلة، وربما يقفون ويقاتلون إخوتهم وأبناء عمومتهم وقراهم وبلداتهم.

عشرات آلاف السوريين فضلوا ركوب أمواج الموت وقوارب الهجرة عبر البحر على أن يركبوا الموت البطيء عبر انتظار أجلهم في الصحراء أو خلف الساتر، أو ربما تباغتهم المنية خلال انفجار أو قذيفة أو رصاصة طائشة، في حرب يعتبرها الكثير من السوريين أنها لم تعد حربهم، بل هي حرب بالوكالة عن دول كبرى تتصارع على الأراضي السورية، وتتقاسم مصالحها.

وتقاسمت دول العالم هؤلاء الشباب الرافضين لحمل البندقية وارتداء البزة العسكرية، واستوعبت لبنان وتركيا والعراق العدد الأكبر منهم، كما فرّ الآلاف أيضاً باتجاه أوروبا ومصر وبعض الدول العربية.

ويحتاج السوريون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و42 سنة، أن يمضوا أربع سنوات خارج حدود البلاد، كي يتمكنوا من الحصول على إعفاء يُنجيهم من الخدمة الإلزامية، مقابل دفع مبلغ وقدره 8 آلاف دولار أميركي.

وتمكن آلاف السوريين من جمع هذا المبلغ بعد أن أمضوا سنوات احتجازهم خارج سوريا، فهل سيعود الشباب السوريون إلى بلدهم؟

يرفضُ أحمد (ن) أن يعود إلى سوريا بعد أن أمضى أكثر من أربع سنوات في العاصمة اللبنانية بيروت، تمكن خلالها من التدرّج في إحدى ورشات صناعة البلاستيك، وصار مسؤولاً عن أحد أقسامه براتب شهري يتجاوز الألف دولار، وتزوّج من امرأة سورية، وأنجب منها طفلة، ويعيش حياته المستقرة بشكل نسبي في بيروت، ويقول أحمد لموقع الحل «أسست عملي المستقل في بيروت، وتعبت كثيراً حتى صار لي منزل وعائلة وعمل، والآن لن أعود إلى درعا من أجل أن أدفع مبلغ ثمانية آلاف دولار، وأبدأ بتأسيس عمل وحياة جديدة في سوريا».

لا يخشى أحمد من أية مضايقات أمنية فهو لم يشارك بأي نشاط ثوري، إلا أنه يجد صعوبة بالغة في التفريط بهذا المبلغ والبدء من الصفر مرة أخرى.

 

«ليش بدي ارجع؟»

خرج عمار من مدينته داريا في العام 2012 بعد أن اشتدّ الحصار عليها، وفرّ مع عدد من أفراد عائلته إلى تركيا ومنها إلى ألمانيا، وحصل على حق اللجوء وهو يعمل اليوم كمترجم مساعد في إحدى المنظمات الإنسانية في برلين، لكنه يسأل على الدوام، «ليش بدي ارجع؟»، ويقول «خسرت بيتي وأرضي وعملي هناك، وكل أقاربي إما ماتوا داخل سوريا أو هاجروا إلى خارجها، فلماذا عليّ العودة، أنا الآن أشعر بالإلفة مع أهلي، ومتأكد أني سأشعر بالغربة في حال عودتي».

 

«أنا بدي، بس هنن ما بدهن»

على الطرف الآخر، لم يستطع بسام حجور التأقلم والتكيف مع الحياة في ألمانيا، وتنقل بين عدة مدن حتى انتهى به المطاف في مدينة كولن رغم أنها تحوي أعدادً كبيرة من اللاجئين، ويرغب حجو بالعودة إلى سوريا لكنه يقول «أنا بدي، بس هنن ما بدهن، أنا بدي ارجع بس الأمن ما بدو ياني، حاطين عليي إشارات ومراجعات للأفرع الأمنية، وفي حال رجعت ح ياخدوني من الحدود مباشرة».

يتمنى أن يتمكن بسام من العودة إلى منزله في حي التضامن بدمشق، فلا تزال عائلته هناك ولا يزال بإمكانه أن يعود إلى دكانته ويعمل في بيع الخرداوات ويكمل حياته الطبيعية في حال صدور عفو يُزيل عنه الملاحقة الامنية.

 

الرواية الرسمية

وكشف مصدر قضائي في #دمشق اليوم، عن زيادة حالات دفع البدل النقدي، واستصدار جوازات سفر للسوريين خارج #سوريا.

ونقلت صحيفة (الوطن) عن المصدر، يوم الإثنين، أن «عدد الوكالات الخارجية الخاصة بدفع #البدل النقدي لخدمة العلم واستخراج #جواز_سفر ارتفعت خصوصاً بعد إلغاء الموافقات الأمنية الخاصة في هذا المجال»، ولم يذكر نسبة الارتفاع.

وهناك شباب كثر أصبح لهم فترة لا بأس بها خارج سوريا لذلك يتم توكيل أقربائهم أو أشخاص آخرين في دفع البدل عن #خدمة_العلم، بحسب المصدر.

 

آراء مختلفة

في الوقت الذي يجد فيه الكثير من السوريين أن المستقبل في سوريا غير مضمون، والعودة مليئة بالعراقيل والصعوبات، يجد آخرون أن العودة  إلى البلاد لابدّ منها ولو بعد حين، ويعيش الكثير منهم حالة صراع يومية بين فكرة العودة وبين فكرة الاستقرار والبدء بحياة جديدة.

يجد بعض الذين قابلناهم أن الحرب مستمرة لسنوات طويلة، ولا أمل بحياة آمنة ومستقرة في سوريا قبل عشر سنوات على الأقل، بينما يجد آخرون أنه من الصعب أن يربي أطفاله في «بيئة متحررة ومنفتحه لا تناسب ما تربى ونشأ عليه»، ويفضل العودة إلى «البساطة والعفوية، بعيداً عن التعقيدات التي يعيشها في المغترب».

ويواجه الكثير من السوريين صعوبات في الغربة مثل تعلم اللغة وتجديد الإقامات، والحصول على عمل والاندماج والانخراط بحياة جديدة، كما يجد آخرون صعوبات بالغة في العودة، سواء من ناحية الملاحقات الأمنية أو العسكرية، أو من جهة الفوضى العارمة في البلاد، وانتدابها من قبل دول عديدة! 

 

إعداد: رحاب عنجوري – تحرير: سامي صلاح

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.