(الحل) – يبدو واضحاً للجميع أن الجيش السوري يسيرُ على مسار أستانة المتفق عليه بين موسكو وأنقرة، ويتقدم على الخطّ المرسوم له من قبل الدول الفاعلة في سوريا، إذ يتجه للسيطرة على طريق حلب الدولي، وسيكمل باتجاه معرة النعمان وسراقب بعد إكمال السيطرة على #خان_شيخون، لكن السؤال في هذا الصدد، هل يجرؤ الجيش السوري على التقدم غرباً باتجاه مدينة إدلب، آخر معاقل المعارضة في سوريا؟

لنتخيل السيناريو بشكل معاكس، لو هاجم الجيش السوري مدينة إدلب بنفس الطريقة التي يهجم بها على بلدات وقرى الريف الجنوبي، واتبع معها سياسة الأرض المحروقة، لأدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف من سكان المدينة باتجاه الحدود التركية، آخر المنافذ لهم بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجههم، ولحصلت مجازر إنسانية بحقهم إذا ما أطلق الجيش التركي النار عليهم لمنعهم من الدخول، وإذا ما سمح لهم بالدخول ستكون كارثة أخرى بالنسبة لتركيا التي تطبق سياساتها الجديدة تجاه اللاجئين السوريين، وتضيّق عليهم من أجل ترحيلهم.

بالمقابل، سوف تخشى كل الدول الأوروبية من تبعات موجات نزوح جديدة كتلك التي حصلت في العام 2013 و2014، وآلاف السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا واليونان وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول التي رحبت باستقبال اللاجئين وقتها، لكنها ليست مستعدة لفعل ذلك بعد اليوم، وحينها ستكون الدول   بأسرها في موقف محرج أمام شعوبها.

لذا ستقف تركيا وكل الدول الأوروبية بوجه أي تقدم للجيش السوري قد يدفع لموجات النزوح هذه، وستضغط بكل ثقلها السياسي وربما العسكري لكي لا يقترب الجيش أكثر.

على الطرف الآخر، يرى المحللون أن الحرب السورية لا تعرف المنطق السياسي أو العقلانية الميدانية، وقد يحصل تطورات غير متوقعة بهجوم الجيش السوري على إدلب، لكن سيكون ذلك بكل تأكيد بتنسيق روسي تركي أميركي أوروبي، وسنشهد حينها فاتورة دم باهظة سيدفعها المدنيون والسكان المتبقون والذين يقدرون بمئات الآلاف.

ويكون حينها التوافق الدولي قد أجمع على إهداء السلطات السورية في دمشق مدينة إدلب على طبق من نار، لتبدأ بعدها مرحلة أخرى من مراحل الحرب السورية الطويلة.

وفي جميع الحالات السابقة، يبدو القرار السوري أسير التوافقات الدولية، ولا استقلالية لدمشق عن أنقرة وموسكو وطهران وباقي العواصم التي ينضج فيها القرار السوري على نيران ملتهبة!

سامي صلاح

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.