دمشق – تبدو المنطقة بأسرها على لهيب ساخن إثر تصعيد إسرائيلي غير مسبوق، تمثل بثلاث ضربات لحزب الله اللبناني بين سوريا ولبنان في غضون أٌقل من أسبوع واحد، ثم خروج متزعم الحزب #حسن_نصر_الله بخطاب، هدّد فيه #إسرائيل بشكل مباشر بأنه سيرد على الضربات التي شنتها، ما يفتح الاحتمالات على مصراعيها، حول إمكانية بدء حرب مفتوحة في المنطقة، لا تُعرف نهايتها ونتائجها، فما هي هذه الاحتمالات؟

يتابع العالم بحذر ما يجري في الشرق الأوسط، وتصدر التصريحات المتتالية، مطالبة جميع الأطراف «بأقصى درجات ضبط النفس» تفادياً لحدوث حرب لا يُحمد عقباها، لكن بنفس الوقت هناك ما يشبه البرود في التعامل مع ملف الصراع العربي الإسرائيلي، إذ لا توجد مصلحة لأحد في هذا الوقت، أن يبدأ حرباً، ويستنزف قواته العسكرية، ورصيده السياسي والاقتصادي.

إسرائيل الدولة الأقوى في الشرق الأوسط
في نظرة تحليلية إلى الدول التي قد تكون مشاركة في هذه الحرب، نجد بالدرجة الأولى، إسرائيل، الدولة التي أمست الأقوى في الشرق الأوسط على جميع الأصعدة، ولا سيما بعد تراجع أدوار كل الدول العربية المجاورة لها، وانهماك أنظمة هذه الدول في قمع حركات الاحتجاجات لدى شعوبها، أو استنزاف أجهزة المخابرات في مراقبة معرضاتهم الداخلية، عوضاً عن متابعة ما ينجزه العدو في المقابل من تقدم تقني وعسكري واقتصادي واستخباراتي.

تحقق اسرائيل اليوم ما كانت تحلمُ به، استقرار وازدهار، وتراجع احتمال أن تقوم أي دولة عربية بهجوم عليها إلى نسبة قد تقارب الصفر، وبالمقابل، تقوم إسرائيل بضرباتها المتتالية، في سوريا ولبنان والعراق، دون أن يتعرض لها أحد، فقامت اسرائيل بقصف مراكز الدفاع الجوي السوري، ومستودعات الصواريخ، ومقرات البحث العلمي، والمطارات، ونقاط عسكرية، واغتالت العشرات من القادة السوريين واللبنايين والإيرانيين، فما الفائدة التي ستجنيها اسرائيل من حرب مفتوحة، قد تعرض البيئة الداخلية للخطر أو الاهتزاز، إذ تخشى تل أبيب من سقوط صواريخ حزب الله في مدنها وقُراها التي عاشت استقراراً استمرّ لأكثر من عشر سنوات.
لكن ما تريده إسرائيل بحسب المراقبين، هو استفزاز لا أكثر، وكسر شوكة حزب الله وما يُعرف بمحور المقاومة في المنطقة، من خلال إذلالهم بهذه الضربات المتتالية.

ماذا عن حزب الله؟
نجد في الضفة المقابلة تماماً لإسرائيل، تنظيم حزب الله اللبناني، وهو التنظيم الوحيد الذي قد يهدد أمن إسرائيل من الداخل، دون أن يغير أي شبر من الخارطة المرسومة على الأرض، فحزب الله يملك صواريخ إيرانية بعيدة المدى قادرة على اختراق القبة الحديدية، ويملك مقاتلين اكتسبوا خبرة قتال الشوارع، لكنه في المقابل يبقى ميلشيا، تعتمد حرب العصابات، وليس لديه آليات أو طائرات أو أدوات الجيش النظامي.

يُمكن لحزب الله أن يعكر الصفو الإسرائيلي لا أكثر، لكن لا يمكنه أن يقتحم ويتقدم داخل الأراضي المحتلة.

في هذا الإطار، يسأل المراقبون عن البيئة الداخلية لحزب الله، وكيف هو وضعه بين باقي الأحزاب والفئات اللبنانية، وهل سيلقى الدعم الذي لقيه خلال حرب تموز 2006؟

يخشى حزب الله هو الآخر من القيام بهجوم صاروخي على إسرائيل، فطائرات الأخيرة لن ترحم، وسيكون هناك قصف مركز ومُبرر لكل مواقعه وقواعده الشعبية والعسكرية، من الضاحية الجنوبية إلى جنوبي لبنان، وسيكون هناك الكثير من الأطراف اللبنانية سعيدة بهذا القصف، بل ربما مساهمة فيه.

قد يُبادر حزب الله لرد جزئي يحفظ فيه ماء وجهه، دون أن يُبادر لفتح النيران والحرب، وقد يتحفظ حتى عن هذا الرد في هذا الوقت الحساس والمتوتر، فالحزب مستنزف في الحرب السورية، ومتعب، ولديه الكثير من الخسائر البشرية والمادية، وقد لا يملك القدرة على مواجهة حرب طويلة!

هل تفعلها السلطات السورية؟
«لو بدها تشتّي، كانت غيّمت!» ببساطة يُجيب الكثير من السوريين، بالسخرية حين يُسألون عن ما إذا كانوا يتوقعون أن تشنّ دمشق حرباً على إسرائيل، أو تبادر لرد، أي نوع من الرد!، ويقول الجميع «اسرائيل قصفت سوريا أكثر من 100 مرة خلال خمس سنوات، لو كان بإمكانهم الرد لفعلوا، لكن لن يفعلوا وليس بإمكانهم».

انشغل الجيش السوري في معاركه ضد فصائل المعارضة، وشتتت قوته وتبعثر جنوده، ولا توجد له أي قوة حقيقية على جبهة الجولان، وبالتالي، يستبعد جميع المراقبين أن تشن السلطات السورية أي هجوم على إسرائيل، وأقصى ما يمكن فعله هو الرد بالمضادات الجوية، أو إصدار بيانات الإدانة والشجب!

في المحصلة
يستبعد المراقبون حرباً مفتوحة في المنطقة، على غرار الحروب الكلاسيكية أو التقليدية، وقد يكون هناك معارك جزئية، بين إٍسرائيل وحزب الله، تشمل مناطق محددة جداً من لبنان، وتكون بيروت بمنأى عن هذه المعركة، إذ سينحسر القصف على الضاحية وبلدات جنوبي لبنان.

في الوقت ذاته، تبقى بيروت، العاصمة العربية الوحيدة في الشرق الأوسط، والتي تتمتع باستقرار نسبي، يسمح لها بأن تكون قاعدة للمنظمات والاجتماعات وتسيير صراعات الدول المُحيطة بها، إذ لن تسمح السعودية وأميركا وأوروبا بفتح حرب فيها، وستبقيها محمية من أية تبعات، كما بقيت محمية في حرب الـ 2006!

إعداد: رحاب عنجوري – تحرير: سامي صلاح

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.