نقاط المراقبة التركية.. تغيير في خارطة النفوذ أم اتفاقات لفتح الطريق الدولي؟

نقاط المراقبة التركية.. تغيير في خارطة النفوذ أم اتفاقات لفتح الطريق الدولي؟

أظهر مقطع فيديو مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام، رتلا عسكريا مؤلفا من مجموعة من الآليات العسكرية تحمل عدداً من عناصر قوات النظام ومن خلفهم “نقطة المراقبة التركية التاسعة” في مدينة مورك، والتي باتت معزولة تماماً عن مناطق سيطرة المعارضة، إثر سيطرة النظام وحلفاؤه على مدينة خان شيخون والقرى المحيطة بها في ريف إدلب.
هذا الالتقاء بين قوات النظام ونقطة المراقبة التركية، لم يكن من ضمن اتفاق “أستانا” المبرم في أيلول 2017، بين روسيا وإيران وتركيا، والذي نص على “نشر عناصر القوات المسلحة التي تشكل أحد أطراف (قوة مراقبة)، المؤلفة من الدول الضامنة، وتقيم تركيا نقاط مراقبة في الأجزاء الداخلية من إدلب، فيما ستؤسس القوات الروسية نقاط مراقبة خارجها”، وهنا السؤال المطروح: ماهو مصير نقاط المراقبة التركية بعد التغييرات الأخيرة في مناطق النفوذ بين قوات النظام وفصائل المعارضة؟

حرب تصريحات
موسكو التي استبقت دخول النظام إلى جانب النقطة التركية بتصريح وزير خارجتها “سيرجي لافروف” خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الغاني في 20 آب قائلاً إن: “الجيش التركي أنشأ عدداً من نقاط المراقبة في إدلب، وكانت هناك آمال معقودة على أن وجود العسكريين الأتراك هناك سيحول دون شن الإرهابيين هجمات، لكن ذلك لم يحدث”، بحسب وصفه.
فيما أكد ضابط في قوات النظام في تصريح لوكالة “فرانس برس”، تعليقًا على وضع نقطة المراقبة التركية في مورك “هذا شأن دولي، ليس لنا أن نتدخل فيه، لقد مررنا بجانب نقطة المراقبة التركية الموجودة في مورك، ولم يتعرض لنا الجنود الأتراك، ولم نتعرض لهم، شاهدناهم وشاهدونا بوضوح”.
أما “بثينة شعبان” المستشارة الإعلامية لرئيس النظام هددت بإزالة نقطة المراقبة التركية من مدينة مورك بريف حماة الشمالي، معتبرة وجود الجيش التركي هناك عبارة عن “احتلال”.
على الجانب التركي، حذر وزير الدفاع “خلوصي أكار” من أي هجوم يطال النقاط التركية في إدلب، وذلك بعد تصريحات النظام الأخيرة بإزالة النقطة قائلاً ” سنستخدم حقنا في الدفاع المشروع حتى النهاية، في حال حصول أي هجوم ضد نقاط مراقبتنا أو وجودنا في إدلب”.

تغير خارطة النفوذ
تقع نقطة المراقبة التركية التاسعة في مورك على بعد 12كم عن مدينة خان شيخون، إضافة إلى إشرافها على الطريق الدولي الذي يربط بين محافظتي إدلب وحماة، حيث كان من المفترض أن تجري مهمة الجيش التركي فيها إلى “إنشاء نقاط تفتيش ومراقبة لنظام وقف إطلاق النار في بالتنسيق مع فصائل المعارضة”، وفقاً لما نصت عليه اتفاقات استانا بخصوص نشر نقاط المراقبة.

ويرى الكاتب والباحث السياسي “سامر خليوي” أن “وجود نقطة المراقبة التركية في مورك لم يعد له أهمية، حيث لم تستطع أن تحمي المنطقة وسكانها، وحتى إن بقيت فوجودها رمزي لا قيمة له، بعد وصول قوات النظام إلى المنطقة”. وأكد خليوي في حديث لموقع “الحل” أن “خارطة النفوذ تغيرت في سوريا، بعد أن الانتهاكات روسيا والنظام منذ أكثر من 3 أشهر، من خلال عمليات القصف والتقدم إلى مناطق المعارضة دون وجود أي دور تركي، فروسيا تقول إن ما يجري ضمن الاتفاقيات مع تركيا، ومن هنا فلا أعتقد أن روسيا والنظام سينسحبوا من المناطق التي بسطوا سيطرتهم عليها، وانما سيتوقفون قليلا ثم يعودوا للتوغل في مناطق المعارضة”.

وأشار الباحث السياسي إلى أن “الموقف التركي فهو إما عاجز عن التصدي وإيقاف الانتهاكات، أو هناك اتفاقات ضمنية غير معلنة بين تركيا وروسيا، تسمح من خلالها لروسيا بما تقوم به في الشمال السوري”.

وكان متحدث الرئاسة التركية، “إبراهيم كالن”، أكد في وقت سابق، أن بلاده لن تغلق أو تنقل موقع نقطة المراقبة التاسعة التركية إلى مكان آخر، مشيراً إلى أن “النقاط ستواصل مهامها من مكان تواجدها”.

تطبيق اتفاق “سوتشي”
لم تقتصر أهمية مدينتي خان شيخون ومورك في ريفي إدلب وحلب على الجانب العسكري فقط، بل يعتبر الجانب الاقتصادي مهماً في هذا السياق، وهو مانص عليه اتفاق “سوتشي” في أحد بنوده الذي يتضمن “فتح الطرق الدولية بحماية تركية – روسية”. وهو ما يجري العمل عليه حالياً، حيث أنشأت القوات الخاصة والشرطة العسكرية الروسية نقطة جديدة لها في بلدة مورك على بعد 300 متر فقط من النقطة التركية، التي تطوقها قوات النظام، وأعلنت على لسان مسؤول عسكري لوكالة “سبوتنيك الروسية” إنه “لن يتم استهداف النقطة التركية، ولن يكون هناك اشتباك بين الأتراك في النقطة وبين قوات الجيش السوري”.

بدورها، أعلنت وزارة النقل التابعة للنظام، بعد فرض النظام سيطرته على خان شيخون بيومين أن “الورشات التابعة للوزارة باشرت أعمال صيانة وإعادة تأهيل الطريق الدولي دمشق -خان شيخون –حلب، بدءاً من صوران وحتى خان شيخون على مسافة بحدود 20 كم”.

وتعتبر التصريحات الروسية حول رغبتها بفتح طريق (M5) الدولي، يعني أنها مصرة على تنفيذ إتفاق سوتشي بالقوة وخصوصا البندين الثالث “إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 – 20 كيلومتراً داخل منطقة خفض التصعيد”، والبند الثامن “استعادة حركة الترانزيت عبر الطريقين M4 (حلب – اللاذقية) وM4 (حلب – حماة) بحلول نهاية عام 2018″، وهو ما لم يتم لحد الآن.

أسامة مكية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.