إنتشار المخدرات في دمشق وريفها “سرطانٌ” يهدد مستقبل آلاف الشبان والطلبة

إنتشار المخدرات في دمشق وريفها “سرطانٌ” يهدد مستقبل آلاف الشبان والطلبة

انتشرت تجارة وتعاطي المخدرات خلال السنوات الماضية بشكل كبير وسريع في دمشق وريفها وسائر المدن السورية، حيث لم يجد مروجوها عوائق حقيقيةً أمام عملية توزيعها وتصريفها في ظل الفساد والفوضى الأمنية المنتشرة.
ولعلّ توجّه الأفرع الأمنية، جعل كل محظور بعيد عن السياسة سهلاً ومتاحاً بشكلٍ واضح، فانتشار المخدرات واستغلال الأطفال ورواج الدعارة وزيادة الجرائم الجنائية باتت أخباراً يومية واعتيادية تغزو العاصمة وريفها.

استغلال النفوذ لتسهيل التهريب

تعمل الميليشيات الداعمة للقوات النظامية بتهريب المخدرات من لبنان إلى سوريا، حيث تنشط حركة تهريب ضخمة في منطقة #القلمون الغربي بريف دمشق، التي يديرها قياديون في ميليشيا “الدفاع الوطني” (ميليشيا رديفة للنظام) داخل سوريا، و ميليشيا #حزب_الله اللبناني، وتستغل تلك الميليشيات نفوذها وسلطتها داخل مؤسسات النظام في تهريب المخدرات دون أدنى رقابة، فالكلمة للسلاح المدعوم من مسؤولين بارزين داخل البلدين.

واستطاعت تلك الميليشيات بناء (قلاع) أمنية لها في المناطق الحدودية، وتحديداً في قرى القلمون “فليطة، يبرود، وقارة”، وباتت تمتلك العناصر اللازمة لحماية تجارتها وتشرف على عمليات الاستيراد والتوريد. وعلى الرغم من معرفة الأجهزة الأمنية بنشاطاتها إلّا أنّها لم تحرك ساكناً تجاهها، حتى أنّها لم تتدخل في حل اشتباكات مسلحة اندلعت مؤخراً واستمرت لأيام فيما بينها بعد الخلاف على أرباح تجارة المخدرات وتهريبها.

رقابة على صغار التجار و “حيتان” السوق بأمان
زادت في الآونة الأخيرة أنباء القبض على مروجي المخدرات في دمشق وريفها، ولكن هؤلاء كانوا من “صغار السوق” ويتم القبض عليهم بسبب (مناحرات) بين المسؤولين والتجار الكبار. حيث يعتبر المقبوض عليهم أوراق ضغط يتم رميها عند الحاجة. وبحسب رصد موقع (الحل) فقد تم الإفراج عن قسم كبير منهم بعد قضاء أشهر في السجن دون تطبيق أي عقوبات بحقهم.

وبحسب مصدر من الشرطة (رفض التصريح عن اسمه لأسباب أمنية) فإنّ موضوع المخدرات شائك ويعتبر “خط أحمر” لا يمكن الاستفسار عن أيٍ من أحداثه أو مشاكله، مع ذلك يؤكد المصدر أنّ كميات المخدرات التي تتم مصادرتها لا يتم إتلافها، فبعد فترة من مصادرتها يتم نقلها لجهات مجهولة، ولا يُستبعد أن تكون تلك العملية مجرد إعادة تدوير للمصادرات عبر تهريبها لتحقيق استفادة مالية لضباط ومسؤولين.

مروّجون كثر وطرق نقلٍ مبتكرة
مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة الضغط على السوريين معيشياً، أصبح بعضهم يحاول الحصول على المال دون النظر إلى مصدره، فاتجهوا لتجارة المخدرات والحبوب المهدئة، كونها تحقق أرباحاً كبيرة وتعتبر بضاعة مطلوبة باستمرار بعد إدمان “الزبائن” عليها، وأصبح بيعها يتم في المحلات التجارية أو صالات الكومبيوتر والألعاب، إضافةً للأندية الرياضية، وصولاً إلى الصيدليات غير المرخصة، والتي تنتشر بكثرة في ريف دمشق.

ويعتمد المروجون على طرق جديدة في نقل المخدرات، فمنهم من يخلطها مع أعشاب طبية، أو يحشوها في ألعاب أطفال، كما عمد بعضهم على توريط النساء في هذه العمليات النقل مقابل إعطائهنّ مبالغ مالية صغيرة، حيث يستغلون حاجتهنّ للمال وجهلهنّ بالمواد التي يحملنّها، فالعمل يتم بقاعدة “الجهل يجعل العمل أسهل على الحواجز”، فلا توتر للناقل، ولا مسؤولية على المروج.

المراهقون والطلاب أهدافٌ مفضلة
يسعى المروجون لاستغلال الحالة التي يعيشها المجتمع السوري بعد أكثر من 8 سنوات من الحرب، التي فككت معظم الأسر وجعلت كل شخص مسؤول عن ذاته ومنعزل تماماً عن بيئته، ويركزّ المروجون اهتمامهم في ترويج الحشيش والحبوب المهدئة والمخدرات على فئة المراهقين والشباب، حيث يوزعون كميات قليلة عليهم بشكلٍ مجاني في بداية الأمر عبر أصدقائهم، وعندما يدمنون عليها يتم ابتزازهم لدفع مبالغ مالية كبيرة لشراء حاجتهم منها.

وبحسب مصادر أهلية فإنّ منطقة القلمون الغربي ووادي بردى في ريف دمشق من أكثر المناطق التي تنتشر فيها المخدرات والحبوب المهدئة بين الطلاب، حيث يُسهّل دخولها عبر عناصر الميليشيات وحزب الله اللبناني لتحقيق مكاسب مالية، ويعتمدون على بعض الشبّان المدمنين في توزيعها مقابل إعطائهم إياها بشكل مجاني.

آثار مدمرة وجهود المكافحة شكلية
يؤدي انتشار ورواج المخدرات بين الشباب للعديد من المشاكل الاجتماعية الخطيرة، فالإدمان عليها يجعلهم يبتعدون عن الاهتمام بدراستهم وتحصيلهم العلمي، كما يجبرون على السرقة والوقوع في الديون لتأمين ثمنها المرتفع، مقارنة ًبمداخيلهم المحدودة جداً، كما تسبب الإدمان في بعض الحالات في الغوطة الغربية والعاصمة دمشق بحوادث سير على الدراجات النارية، إذ يفقد المتعاطون سيطرتهم على تصرفاتهم ويقومون بالقيادة بتهور، وقد تم تسجيل أكثر من 8 إصابات من هذا النوع بتأكيد من أصدقاء المصابين أنّهم مدمنين على المخدرات والحشيش والحبوب المهدئة.

الحكومة لم تقم بإجراءات فعلية لمحاربة هذه الظاهرة، واقتصر دورها على تنظيم عدة محاضرات توعوية للطلاب وأشرف ضباط عليها، ودعوا بعض الشخصيات الاعتبارية التي لا تفيد في هذا المجال نهائياً، كما حضرها بعض الأطباء الذين سرعان ما أشعلوا سجائرهم بعد الانتهاء من المحاضرة التي كانوا يحذرون فيها من مخاطر الإدمان على التدخين والمخدرات.

بين نار الواقع المعيشي السيء ورمضاء الآفات الاجتماعية التي تفتك بالسوريين، وقع الشباب السوري في مستنقع المخدرات بتسهيلات من عناصر استغلوا نفوذهم، وجعلوا من المخدرات وسيلتهم في تحقيق الثروات، بعد أن كانوا يجنوها عبر التعفيش وابتزاز المدنيين على الحواجز العسكرية، فهل سيكون هناك وسيلةً للحد من خطورة هذه الظاهرة الخطيرة، أم ستعاني غالبية الجيل القادم من الإدمان؟.

الصورة: إنترنت

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.