هدأت قليلاً عاصفة “#الليرة_السورية” بعد أسبوع من الانخفاضات المتتالية في قيمتها ووصولها إلى حدود 700 #ليرة عن كل #دولار.

وذلك على وقع إجراءات “لم يُعلن عنها” من جانب الحكومة السورية والمصرف المركزي في تعاملات السوق #السوداء، وانخفاض سعر الصرف بين حدود 610 إلى 620 ليرة (أي بانخفاض نحو 12%).

لا شك أن الشائعات التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، ورافقها “شُح” القطع الأجنبي من السوق، تزامناً مع ترويج وسائل الإعلام التابعة والموالية للسلطات السورية، بأن الارتفاع “وهمي”، ساهم بشكل كبير في انخفاض قيمة الليرة.

لكن السؤال: هل للحكومة السورية يد في تحريك وتوجيه السوق السوداء؟ وما آلية عمل هذا السوق؟ وما الفائدة من انهيار الليرة لأيام قليلة ومن ثم إعادتها إلى حدود الـ 600؟

ما هو تعريف مصطلح “السوق السوداء”؟

يشير موقع “INVESTOPEDIA” المختص بشؤون #المال، إلى أن السوق السوداء للعملات هي “السوق التي يكون فيها سعر صرف العملات الأجنبية أكبر بمرات عديدة من سعرها المحدد في اللوائح الرسمية للدول، حيث ينشط هذا السوق في البلدان التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي والحروب”.

وبحسب الموقع، فإن هناك أسباب تؤدي إلى زيادة نشاط هذا السوق ليصبح هو السائد والمتحكم في سعر #الصرف أبرزها “ضعف النشاط الاقتصادي للدولة، وارتفاع معدل التضخم، وقلَّة احتياطات العملة الأجنبية، وفرض النظام الحاكم سعر صرف ثابت، وانعدام الثقة بين المواطنين بالعملة المحلية، ولجوئهم إلى العملات الأجنبية الأكثر استقراراً لاسيما الدولار”.

قبل العام 2011 في #سوريا، لم تكن السوق السوداء بالنسبة للعملات الأجنبية موجودة، وكان سعر الدولار يحدد من قبل المصرف المركزي، فمن يحمل الدولار ويتعامل فيه بدون أي تصريح قانوني يعرض صاحبه لـ “محكمة اقتصادية”.

لكن سرعان ما تغيرت الأحوال بعد 2011، وأصبح هناك أكثر من سعر صرف لليرة السورية، حتى من قبل الحكومة السورية ذاتها، التي وضعت سعراً خاصاً للحوالات وسعراً لتمويل المستوردات.

والمصرف المركزي لم يعدل في نشرة الأسعار منذ سنوات، فالأسعار الحالية “لا يعرف كيفية تقديرها إلا القائمين عليها”، بحسب تصريح رئيس هيئة الأوراق المالية في سوريا (عابد فضلية) لوكالة سبوتنيك الروسية للأنباء.

من يتحكم في هبوط وارتفاع قيمة الليرة؟

لم تكن “الطفرة” في ارتفاع سعر الصرف وهبوط قيمة الليرة السورية، خلال الأسبوع الماضي الأولى من نوعها، لكن ما يمكن ملاحظته طريقة تعامل المصرف المركزي مع هذه الفجوة إعلامياً وعلى أرض الواقع، ففي كل مرة يبقى المركزي بحالة “المتفرج” لعدة أيام ويترك السوق في حالة من التخبط والفوضى.

أمام هذا الانخفاض في قيمة الليرة السورية يلجأ الناس إلى صرف ما لديهم من مدخرات بالليرة السورية وتحويلها إلى دولار خوفاً من انهيارها بشكل كلي، إلى أن يعقد المركزي جلسة تدخل، وربما يقر في الجلسة ضخ المزيد من العملات في السوق لخفض السعر.

وبالتالي تستعيد الليرة جزء من قوتها، ويضطر الناس لبيع ما اشتروه من دولار في السوق خوفاً من استمرار انخفاضه، وبالتالي يصبح المواطن الخاسر الأكبر في عمليتي البيع والشراء، وهذه الطريقة تم اتباعها في أكثر من مرة آخرها في العام 2016، حينما وصل سعر صرف الدولار لـ 650 ليرة.

لكن الباحث في الشأن الاقتصادي الدكتور (فراس شعبو)، أكد أن “لعبة التحكم في السوق السوداء خرجت من يد المصرف المركزي كما كان يحدث في بدايات الثورة من خلال بعض الشخصيات النافذة ومكاتب الصرف وغيرها”.

وأضاف شعبو لموقع (الحل) أن “النظام ما يزال لديه القدرة على التحكم في سعر الصرف بشكل جزئي، لكن الكيانات المتحكمة في الاقتصاد السوري هي التي استلمت زمام المبادرة حالياً، من خلال رجال الأعمال والشخصيات وأمراء الحرب التي برز اسمها خلال سنوات الثورة، والتي تحقق مكاسب هائلة على حساب الشعب”.

من المستفيد؟ وهل تسقط الحكومة السورية اقتصادياً؟

بدأت الليرة السورية بالتحسن خلال الأيام القليلة الماضية أمام سلة العملات الأجنبية، وعلى الفور سارعت وسائل الإعلام التابعة للسلطات السورية إلى تبرير ما حدث، والتأكيد على “وهمية” سعر الصرف.

حتى أن صحيفة (الوطن) نقلت عما وصفتها بـ “مصادر مختصة بسعر الصرف” أن “المصرف المركزي وبعض الجهات المعنية قامت بإجراءات منظمة لضبط السيولة النقدية في السوق دون أن تضخ دولار واحد في السوق، فاستقر سعر الصرف وبدأت الليرة السورية تستعيد عافيتها”.

واعتبرت المصادر أن “ما حدث كان متوقعاً خصوصاً بعد تراجع الحوالات الخارجية بعد عيد الأضحى، وزيادة المدفوعات من قبل الحكومة، لكنها ليس مبررات اقتصادية حقيقية لما حدث”.

وللدكتور (فراس شعبو) كان له رأي مختلف وقال “النظام يختبئ وراء العقوبات والحالة السائدة ليبرر سبب الانخفاض، لكن هناك مشكلة هيكلية في الاقتصاد السوري، أبرزها حالة عدم الاستقرار، وانعدام موارد الدولة من القطع الأجنبي وغياب الحل السياسي الذي يمنع أموال #إعادة_الإعمار من دخول سوريا”.

وأكد الباحث الاقتصادي شعبو أنه “حتى بعد الانتصارات التي حققها النظام على الأرض، والترويج بعودة الحياة لطبيعتها، لم تظهر نتائجها على أرض الواقع، فالمواطن لم يشهد أي تحسناً بل زيادةً في الأسعار وسوء الخدمات، ما يدل على أن الليرة ستعاود انخفاضها من جديد”.

وختم شعبو حديثه قائلاً “قبل الارتفاع الأخير كان سعر الصرف يتراوح بين 550 و580 ليرة أمام الدولار، والآن بعد محاولة النظام إعادة تثبيت سعر الصرف وصل لحدود 620 ليرة، فهذه الزيادة يتحملها المواطن السوري وحده، من خلال الأسعار في السوق وبقاء دخله ثابتاً، فمن يراهن على إسقاط النظام اقتصادياً فهو واهم”.

إعداد: أسامة مكية – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.