أعلنت السلطات التركية أن ما يزيد عن 331 ألف لاجئ عادوا بشكل طوعي إلى سوريا خلال الفترات الماضية، وهذا ما أكده وزير الداخلية التركي، “سليمان صويلو”، في حزيران الفائت، حين قال: إن “عدد اللاجئين السوريين الذين فضّلوا العودة لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون بلغ 331 ألف لاجئ”. وتابع الوزير التركي “أن تركيا لا تخلق مبادرات تمنع الهجرة غير النظامية فقط لأوروبا بل تدعم عمليات العودة الطوعية للاجئين إلى شمال سوريا”.

وتقول إدارة الهجرة التركية في المدن المكتظة باللاجئين السوريين أنها يومياً تقوم بتحرير طلبات عودة “طوعية” يرغب أصحابها بالرجوع إلى سوريا، وقد تبدو في بادئ الأمر أن معظم أصحاب الطلبات يرغبون بالعودة للاستقرار في سوريا بملء إرادتهم، فما حقيقة تلك العودة الطوعية؟.

رواية الإعلام التركي

تتداوله وسائل الإعلام التركية أن من يعود إلى سوريا بشكل طوعي هم أولئك الذين اختاروا الاستقرار في بلادهم، معيدين ذلك إلى عمليات تركيا العسكرية شمال سوريا وكيف حققت حسب وصفها “الأمان” في المنطقة ليعود اللاجئين إليها.
ولعل من أبرز من يروج لهذا الرأي هي بلدية “إسنيورت” في #إسطنبول، حيث أقامت حملة لدعم عودة اللاجئين لبلادهم وتوفير المواصلات مجاناً لهم، حين اعتبر رئيسها أن الوقت حان لعودة السوريين لبلادهم فالحرب بنظره قد انتهت.

ظروف قاهرة
خلال حديث مراسل موقع (الحل) مع عددٍ من اللاجئين السوريين الذين اختاروا العودة، تبين أن معظم الأسباب التي جعلتهم يفضلون ذلك الخيار قاهرة، وبرأيهم هم لا يملكون أي حلٍ بديل سوى العودة النهائية إلى سوريا والتعرض لمنع دخول تركيا لمدة خمس سنوات.
وتتباين أسباب العودة بين حالات الوفاة والمرض وظروف أخرى تتعلق بالخوف على ممتلكات لديهم داخل سوريا يخافون عليها من السرقة، بالإضافة لتعرض قسم منهم للترحيل القسري.

يقول الشاب “سامر الخلف”: لموقع (الحل): “بعد علمي بوفاة أخي لم يكن علي سوى أن أغادر تركيا وابحث عن أي سبيل للعودة إلى سوريا فقدمت على طلب العودة الطوعية وما إن غادرت المعبر حتى تم إبطال الكيملك الخاص بي، وحالياً قررت الاستقرار في سوريا فالعودة مسألة صعبة”.

وأضاف: “لولا ذلك، كنت بقيت في تركيا، حيث كنت أعمل دهّان منذ ثلاث سنوات، ولدي العديد من الزبائن ولكن لا يمكن أن تمر جنازة أخي دون أن أحضرها وهذا من البديهيات”.

حادثة أخرى حصلت مع سيدة مسنّة كانت قد سجلت على إجازة العيد الأخيرة مع زوجها وغادروا تركيا في موعد الإجازة لحضور فترة العيد في سوريا ولكنهما لم يعودا إلى تركيا. تقول السيدة: “اخترنا الإجازة لفترة قصيرة ولكن كتب الله أن يتوفى زوجي ونحن في سوريا وهذا ما جعلني أبقى وألغي فكرة العودة من ذهني”.

أرزاق وأملاك مهددة بالسرقة أو الضياع
الكثير من السوريين تركوا أملاكهم وهمّوا باللجوء لبلدان أخرى بحثاً عن مكان يوفر لهم الأمان، ومن بينهم الشاب “علاء” الذي يملك شقة في منبج بريف حلب، حيث قرر أن يبيعها بسبب ضائقة مادية ألمّت به.

يقول الشاب لموقع (الحل) : “منذ أن خرجت من سوريا ولجأت إلى تركيا كنت قد أجّرت شقتي في المدينة، من أجل الحصول على مال إضافي، لكن بسبب صعوبة العمل في تركيا وارتفاع تكاليف المعيشة قررت أن أبيع شقتي هناك وافتح بجزء من المال مشروع صغير في تركيا”.

وأضاف: “المشكلة أن بيع شقة ليست قصة بسيطة ولابد أن أكون حاضراً لأعرضها في المكاتب العقارية وابحث عن مشترٍٍ بسعر جيد لها، وهذا ما أجبرني على اختيار طريق العودة الطوعية إلى سوريا وعدت بعد ذلك عن طريق التهريب ورغم أن الأمر كلفني مالاً إضافياً إلا أنني حللت المشكلة واستخرجت وثيقة (كيملك) بديلة من ولاية أخرى.

العديد من اللاجئين لا يزال لديهم أملاك عقارية ومشاريع قيد العمل في سوريا ويعتمدون على ما تدرّه لهم من أموال، وهذا ما يجعلهم يضطرون لمغادرة تركيا والاستفادة من العودة الطوعية باعتبار أنه لا يوجد طريقة أخرى لهؤلاء من أجل ضمان مغادرة تركيا والعودة إليها من جديد.

عودة طوعية أم”بالإكراه”؟

بعد أن اتضحت نوايا تركيا بإعادة قسم كبير من اللاجئين السوريين إلى سوريا، أقامت حملتها الأخيرة التي رحّلت فيها آلاف اللاجئين من إسطنبول بالإكراه، وجعلتهم يوقعون على أوراق العودة الطوعية بينما في الواقع قد تمت إعادتهم بشكل قسري.
وهذا ما سبق وأكدته منظمة هيومن رايتس ووتش بالإضافة لعدد من اللاجئين الذين تعرضوا للترحيل، حيث أوضحت المنظمة بتقرير لها، أن السلطات التركية تحتجز لاجئين سوريين وتجبرهم على توقيع نماذج “العودة الطوعية” ومن ثم تعيدهم قسراً إلى شمال سوريا، وهي بالوقت الحالي “منطقة حرب”.

وأكد نائب وزير الداخلية التركي، “إسماعيل تشاتكلي”، الشهر الحالي، أن عدد السوريين الذين تم ترحيلهم من إسطنبول بلغ 40 ألف لاجئ سوري، منذ بدء الحملة الأمنية.
وكانت إدارة معبر #باب_الهوى قد كشفت مؤخراً عن عدد اللاجئين الذين تم ترحيلهم من تركيا نحو سوريا، حيث ارتفع خلال شهر آب الماضي ليصل إلى 8901 لاجئاً، وهو رقم مرتفع مقارنة بعدد الذين تم ترحيلهم خلال الأشهر القليلة الماضية.

الصورة: إنترنت

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.