أصدر زعيم تنظيم #داعش (أبو بكر #البغدادي) أمس الاثنين تسجيلاً صوتياً بعد غياب لخمسة أشهر، أكد فيه أن الجماعة المتشددة “مازالت موجودة”، وبرر الهزائم المتوالية التي منّي بها بأنها “اختبار من الله”، على حد وصفه.

وذكر البغدادي “وفوداً من المجندين الجدد” في صفوف تنظيمه، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان يعني تجنيد المجندين للانضمام إلى داعش أو تعهد بالولاء للمجموعة المسلحة، بالتزامن مع زيادة تسليم الأسرى من داعش الموجودين لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى بلادهم، لمحاكمتهم بتهم “إرهاب”.

وتعرض داعش لهزائم كبيرة في الفترة الماضية، حيث تحولت خلافته المزعومة من “دولة” تمتد على مساحات واسعة إلى مجرد جماعة تعمل “تحت الأرض”، تنفذ هجمات فردية كعصابة، بعد أن قُتل معظم عناصرها، واستسلم الآخرون للحفاظ على حياتهم.

الكلمة الصادرة عن البغدادي جاءت بوقت تتلقى فيه التنظيمات المتشددة في إدلب خسائر متزايدة، بعد أن توقف الدعم التركي لأي جماعات مرتبطة بهيئة تحرير الشام، بظل وجود توافق دولي واضح على اقتلاع الفصائل الجهادية المتطرفة من إدلب، وتسليمها إلى الجيش السوري، أو فصائل المعارضة المقربة من أنقرة والتي ترفض اعتبار الهيئة ممثلاً عن المعارضة.

ويبدو أن تزامن التسجيل مع الحملة التي يشنها الجيش بدعم روسي في إدلب، يعني شيئاً واحداً، وهو أن البغدادي الذي خسر عناصره ومواليه، يحتاج إلى جذب المقاتلين من تحرير الشام وأخواتها كحراس الدين، فهو وجه خطابه إليهم بشكل أساسي، لإقناعهم باللجوء إلى جماعته، مع اقتراب نهاية فصائلهم في إدلب.

“جبهة النصرة” -الاسم الأول الذي تبنته هيئة تحرير الشام قبل أن تغير جلدها محاولة تفادي لوائح الإرهاب دون نتيجة- كانت العدو الأبرز لداعش في مراحل كثيرة خلال السنوات الفائتة. التنظيم الأكثر تشدداً في سوريا، بقيادة البغدادي، مسؤول عن قتل المئات إن لم يكن الآلاف من الفصائل الجهادية الأخرى، ما يرجح عدم اقتناع المقاتلين المؤمنين بـ “عقيدة الجهاد” بكلام البغدادي المعسول، فهو كان منذ وقت ليس ببعيد يدعو إلى قتل “أتباع النصرة الخوارج”.

البغدادي حاول خلال تسجيله الصوتي اليوم إقناع مناصريه وعناصره، إن وجدوا، بضرورة “قبول توبة” هؤلاء الذين قاتلوا التنظيم، ودعاهم إلى “تعليمهم شؤون الدين” وتوضيح الأسباب التي دعت داعش إلى قتالهم، في رسالة وقحة صادرة عن قيادة داعش، تهدر دم قتلى عناصره، وتبين يأس القوة الجهادية المهترئة وحاجتها للتجنيد.

يبقى السؤال الأهم اليوم هو ما مصير المقاتلين في إدلب؟ منهم من اختار الجماعات المتشددة وآخرون اختارتهم القوى الجهادية وأجبرهم المال أو الظروف المستحيلة على خيار سيء. فهل يعتبر المقاتلون ويصلحون قراراً خاطئاً بالابتعاد عن الجماعات المتطرفة والتصالح مع الفصائل من أبناء إدلب الذين يسعون لحمايتها، أم يلجؤون لداعش المصنف على لوائح الإرهاب ليواجهون الموت أو ربما الأسوأ؟ أرجح الخيار الأول لإيماني بعقلية الشعب السوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.