مضى عامٌ كامل، على إعلان محافظة #دمشق نيتها وضع مخططات تنظيمية للمناطق #العشوائية في العاصمة ومن ضمنها أكثر المناطق كثافة سكانية مثل (ركن الدين، برزة، المزة 86).

ومنذ ذلك الحين، وسوق #العقارات يعاني من خضة كبيرة وفقاً لتجار وسماسرة، مؤكدين أن عمليات الاستثمار في تشييد الأبنية المخالفة تكاد تنتهي، بينما كثرت مخاوف الذين يريدون شراء منازل في هذه المناطق، التي كانت أسعارها تعتبر مناسبة لبعض الذين يريدون السكن في العاصمة.

يقول (أبو نزار) وهو أحد سماسرة العقارات في #ركن_الدين بدمشق، إنه حتى صيف 2018 ومنطقة ركن الدين، تشهد تطوراً ونشاطاً في سوق العقارات، من تشييد الأبنية المخالفة إلى بيع العقارات وتأجيرها، مشيراً إلى أن أسعار #المنازل في تلك الفترة، وصلت إلى ذروتها، إذ كانت المنطقة تشهد طلباً كبيراً لما لها من ميزات.

الميزات التي يراها (أبو نزار) في ركن الدين، تتقاطع من ميزات المزة 86 رغم أنهما مناطق مخالفات، وهي أنها في وسط العاصمة، والمياه التي تغذي المنطقة مياه نبع الفيجة العذبة، فضلاً عن جو المنطقة المختلف عن تلوث المدينة.

وبالتالي يستطيع أي شخص نزح من ريف دمشق، أن يشتري منزلاً بسعر يقل عن سعر المنازل النظامية أي “الطابو الأخضر”، التي قد تبعد عن المخالفات أمتاراً فقط، بأسعار تصل إلى أقل من ربع سعر المنزل النظامي، بحسب (أبو نزار).

لهذا الأسباب تراجعت أسعار العقارات خلال عام

وفقاً لـ (ميزر. س)، وهو مقاول في ركن الدين، فإن أسعار العقارات قبل عام كانت أغلى من اليوم لانتعاش السوق، بكثرة الطلب واستمرار عمليات #البناء، التي تعتمد على تهريب مواد البناء إلى المنطقة بأسعار مرتفعة جداً، كون إدخالها ممنوع لمناطق العشوائيات.

ويتابع “لدينا منازل لم تُبع منذ بدء الحديث عن مخطط تنظيمي جديد للمنطقة، علماً أننا قمنا بخفض سعرها أكثر من 4 – 5 ملايين دون جدوى”، مضيفاً أن “المنازل التي كانت تباع بـ 18 مليون ليرة ومساحتها 100 متر مربع، تعرض اليوم بحوالي 14 مليوناً دون جدوى”.

الخبير الاقتصادي (سامر. ل)، يؤكد أن عدة أسباب ساهمت بانخفاض أسعار المنازل في العشوائيات، وجمود سوق العقارات هناك، أولها الحديث عن مخطط تنظيمي، فقد ظن البعض أن ذلك يعني هدم المنازل وطرد السكان كما حدث خلف الرازي بمشروع ماروتا ستي.

ويردف “لكن وضع مخطط جديد للمنطقة لا يعني تنفيذه، بل هو عبارة عن إعادة لحظ ما آلت إليه المنطقة خلال الحرب، وتجديد المخطط القديم الذي يعود لستينيات القرن الماضي”.

ويوضح “هذا لا يعني أن المحافظة لن تقوم بالهدم والبدء بالتنظيم فعلياً، لكن لا بوادر لذلك في المستقبل القريب، لعدم وجود مستثمرين، وعدم قدرة الدولة على تأمين سكن بديل لنحو مليوني شخص في ركن الدين وحدها وفق التقديرات”.

ومن الأمور التي ساهمت بجمود العقارات، ارتفاع أسعار أساسيات العيش، وتقلب سعر الصرف، وسوء الحال الاقتصادي للمواطنين، ما دفعهم للإنفاق من مدخراتهم التي تآكلت بشكل كبير خلال العام الماضي، إضافة إلى توجه بعض الأسر النازحة إلى مناطقهم في ريف دمشق والعمل على إعادة تأهيل منازلهم، ما زاد في العرض، وخفف من الطلب بالأماكن التي نزحوا إليها وهي غالباً العشوائيات، بحسب الخبير الاقتصادي.

أسعار المنازل تنخفض في المزة 86 تزامناً مع شائعة التنظيم

في منطقة المزة86، لم يكن الوضع بأفضل من ركن الدين، فقد انتشرت شائعات مؤخراً عن نية محافظة دمشق، البدء بتوفير سكن بديل للسكان للبدء بتنظيم المنطقة، ثم عادت المحافظة ونفت، إلا أن الإعلان الأول كان كافياً لضرب سوق العقارات في الصميم، وتشكيل مخاوف لدى من يريد الشراء في تلك المنطقة مما ستؤول إليه الحال.

أحد سماسرة العقارات في المزة 86 ويدعى (أبو أيهم)، قال لموقع (الحل نت) إن “استمرار عمليات البناء المخالف وعدم توقفها، إلى جانب عودة الكثير من العائلات لمدنها ومناطقها التي نزحت منها، مع شائعات التنظيم، ساهمت بخفض الأسعار، إذ زاد المعروض وانخفض الطلب علماً أن أسعار المنازل تعتبر رخيصة مقارنة بمنطقة مثل ركن الدين”.

وتعرض في منطقة المزة86، منازل اليوم بمساحة 75 متر مربع ما بين 6 – 10 مليون ليرة تبعاً لقربها وبعدها عن الشارع الرئيسي، وهذه الأسعار غير نهائية وقابلة للتفاوض، بحسب (أبو ايهم).

وانخفضت أسعار المنازل بشكل ملحوظ في منطقة عش الورور، بعد صدور جدول زمني خاص بوضع مخطط تنظيمي لمنطقة برزة، التي تدخل عش الورور ضمن حيزها الإداري، حيث يعرض المنزل بمساحة 60 متر مربع ما بين 3 – 4 ملايين فقط، بينما وصل سعر المنزل 80 متراً إلى 7 ملايين فقط.

ضربة في الصميم شلت سوق العقارات

وأكدت محافظة دمشق في أيلول 2018، عزمها دراسة مخططات تنظيمية في مناطق المخالفات بدمشق ومحيطها، بحيث يتم في كل عام دراسة منطقة عشوائية معينة، مشددةً على أنه لن تبقى أي منطقة مخالفة دون مخطط، تمهيداً لتنظيمها، ولو بعد 50 عاماً.

وقال عضو المكتب التنفيذي لقطاع الأملاك والموازنة (فيصل سرور) حينها، إن مهمة المكتب وضع مصور عام للمنطقة العشوائية، سواء تم تنفيذ تنظيم في تلك المناطق أم لا.

إلا أن ترك القضية معومة وغير واضحة بهذا الشكل، سبب ارباكاً لدى سكان المناطق العشوائية فمنهم من توجه للبيع فوراً، وآخرون منتظرين ما ستؤول إليه الأمور، بينما أصيب سوق العقارات في تلك المناطق بالجمود.

وجاء في خطة محافظة دمشق، البدء بوضع مصور تنظيمي لبرزة، والقابون، وعش الورور، وجوبر في 2018 لينتهي خلال 2019، فيما يبدأ وضع مصور لمنطقة التضامن- دف الشوك وحي الزهور- الزاهرة نهر عيشة في الفترة بين 2019 – 2020، ثم سفح قاسيون، متضمنةً منطقة ركن الدين، والمهاجرين، ومعربا في الفترة بين 2020 – 2021.

وتضمنت الخطة أيضاً وضع مصور لمنطقة الدويلعة، والطبالة في الفترة بين 2021 – 2022، تليها منطقة المزة86، ومخالفات دمر خلال 2022 وحتى 2023، وأخيراً استملاك المعضمية، تبدأ دراستها في 2023 وتنتهي بـ 2024.

ويوجد 3,500 منزل عشوائي في سفح #قاسيون، كما يصل عدد المناطق العشوائية في دمشق، ومحيطها الحيوي إلى 18 منطقة، يقطنها 40% من سكان دمشق.

ما الفرق بين المخطط التنظيمي والمنطقة التنظيمية المذكورة في القانون10؟

ولا تكمن الخطورة في المصورات الجديدة، بل في القانون رقم 10 لعام 2018، الذي يتيح إحداث منطقة تنظيمية، أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، والذي جاء تطويراً للمرسوم 66 الصادر عام 2012، القاضي بتنظيم منطقتين عشوائيتين ضمن دمشق خلف الرازي، وهما (ماروتا سيتي) و(باسيليا سيتي).

ويكمن الفرق بين المخطط التنظيمي (المصور العام) والمنطقة التنظيمية، أن الأولى عبارة عن مصور يلحظ المساحات المشيدة بالبناء، والمساحات العامة حالياً وينظمها بشكل عام، ويوضح تنظيم الأرض كمكان عام أو سكني أو تجاري أو صناعي أو زراعي، مع مواصفات شكل الأراضي وأسماء الطرق.

ووضعت المحافظة مصورات تنظيمية للعشوائيات، كي تلحظ ما تم التعدي عليه، وماذا طرأ من تغيرات على تلك المناطق نتيجة تمدد البناء العشوائي، لتقوم بتنظيم ترتيبه على المصور الجديد، الذي يعتبر نظرة مستقبلية للمنطقة تخضع للمراجعة كل فترة للحظ التغير الذي طرأ نتيجة التمدد السكاني.

بينما يتيح القانون رقم 10، اختيار منطقة من ضمن المخطط لتخضع فعلاً للتنظيم وفق أساليب بناء وأشكال ومقاييس معينة، ومساحات مدروسة ومقسمة بشكل تفصيلي.

وأصدر (بشار الأسد) المرسوم التشريعي رقم 10 لعام 2018، الذي أثار مخاوفاً لدى مختصين وحقوقيين من إتاحة الصلاحية للحكومة السورية للاستيلاء على مساحات شاسعة، وإحداث تغيير ديموغرافي فيها بعد طرد سكانها.

إذ يتيح القانون نزع ملكية العقارات بالمنطقة المستهدفة، ثم تتم دعوة المالكين المفترضين لكي يثبتوا حصصهم خلال شهر من الإعلان الذي تصدره الجهة المعنية، وإذا لم يراجع المالك أو أقرباؤه لتثبيت حصصهم يفقدون الحق بالملكية.

ويبقى للمالكين تثبيت ملكيتهم عن طريق المحاكم المدنية ذات الإجراءات طويلة الأمد، وهنا لا يستردون الملكية ولو كسبوا الدعوى، إنما ينحصر حقهم بالتعويض فقط، بحسب القانون.

وفي تموز 2018، تقدمت تركيا وألمانيا بشكوى باسم أكثر من أربعين دولة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بشأن القانون 10، الذي وجدوا فيه تشريعاً لمصادرة أملاك النازحين واللاجئين السوريين.

وأعربت تلك الدول عن قلقها البالغ بشأن تداعيات القانون، الذي صدر في نيسان 2018، ورأت أنه جزء من “سياسة شاملة تهدف إلى تغيير التركيبة الطائفية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد”.

إعداد وتحرير: فتحي أبو سهيل

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.