خمس سنوات على التدخل العسكري الفرنسي في سوريا والعراق

خمس سنوات على التدخل العسكري الفرنسي في سوريا والعراق

نشرت صحيفة “لا كروا” الفرنسية تقريراً بمناسبة مرور خمس سنوات على انطلاق عملية “الشمال” والمتمثلة بمشاركة فرنسا في التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. فبعد مرور خمسة سنوات على عملية “الشمال” هذه والتي انطلقت في التاسع عشر من شهر أيلول من العام 2014، لا يزال هناك أكثر من ألف عسكري فرنسي على الأرض للمشاركة في الحرب على تنظيم “داعش” الإرهابي.

وقد انطلقت هذه العملية منذ خمس سنوات تماماً بناءاً على طلب من الحكومة العراقية بهدف قصف المواقع التي كان يسيطر عليها تنظيم “داعش” في العراق. لكن وفي السابع عشر من شهر أيلول من العام 2015، غيّر الرئيس الفرنسي الأسبق “فرانسوا هولاند” موقفه تحت ضغط التهديد الإرهابي على الأراضي الفرنسية، فقرر توسيع رقعة عملية “الشمال” لتشمل الأراضي السورية. حيث أكد حينذاك هولاند بهذا الخصوص قائلاً: “لدينا الدليل القاطع أنه وانطلاقاً من الأراضي السورية قد قام الإرهابيون بالتحضير لشن هجمات في عدّة دول بما فيها فرنسا”. وخرج هولاند بعد ذلك بحوالي شهرين، وذلك بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف باريس وسان دينيس في الثالث عشر من شهر تشرين الثاني، ليحذّر قائلاً: “سوف ترد فرنسا بكل ما تملك من وسائل ضمن إطار القانون”.

ويبين التقرير بأن عملية “الشمال” المذكورة هي عبارة عن فريق متواضع نسبياً. حيث تتمثل هذه العملية بألف مقاتل في الوقت الحالي، بالإضافة إلى القوات الخاصة. ويُضاف إلى ذلك عشرة طائرات حربية من نوع رافال تتخذ من الأردن والإمارات العربية المتحدة قاعدة لها. هذا بالإضافة إلى كتيبة المدفعية التي أنهت مهمتها في التاسع والعشرين من شهر نيسان الماضي. وقد تم كذلك استخدام حاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديغول” في أربع مناسبات فقط منذ انطلاق عملية “الشمال”. لكن هذه العملية تتضمن كذلك جناحاً تدريبياً، حيث يعمل حتى تاريخ اليوم مئات الجنود الفرنسيون في بغداد على تدريب الجنود والمدربين العراقيين، بالإضافة إلى قوات الكوموندوس العراقية.

ويكشف التقرير أنه ومنذ شهر أيلول 2014، تمكّنت المقاتلات الفرنسية من تدمير أكثر من 2370 هدفاً لتنظيم “داعش” في كلّ من سوريا والعراق، وذلك بحسب إحصائية نشرتها وزارة الدفاع الفرنسية في شهر تموز الماضي. من جهتها، قامت كتيبة المدفعية Wagram-150 ، المزوّدة بأربع مدافع قيصر والتي يصل مداها إلى أربعين كيلو متراً، بتنفيذ أكثر من 2500 مهمة. وقد تم تنفيذ هذه المهام انطلاقاً من قاعدة القيّارة الغربية في العراق في بداية مهمة الكتيبة في شهر أيلول من العام 2016، وصولاً إلى الحدود العراقية السورية لحظة انتهاء مهمة الكتيبة على أثر انهيار دولة “الخلافة” المزعومة في الثالث والعشرين من شهر آذار من العام الجاري. وقد قتل جنديان فرنسيان فقط منذ انطلاق عملية الشمال هذه. وهما صف الضابط “ستيفان غرينييه” من فوج المظلات الثالث عشر والذي قُتل في الثالث والعشرين من شهر أيلول من عام 2017 على الحدود السورية العراقية، والعريف “بوغوزس بوشيلسكي” من فوج المشاة الأجانب الثاني والذي قتل في الحادي والعشرين من شهر آذار من العام الماضي.

لكن هل حققت فرنسا أهدافها من هذه العملية؟
يشير التقرير إلى أن فرنسا قد ساهمت فعلياً في هزيمة تنظيم “داعش” والتي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فقد كان للقوات الفرنسية حصّة من تحرير مدينة الموصل وكذلك بقية المناطق الشاسعة التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش في كلّ من العراق وسوريا. كما أن الحفاظ على الحد الأدنى من الوجود العسكري الفرنسي على الأرض هناك سيكون له وزنه على طاولة المفاوضات السياسية، بالإضافة إلى أهميته في عملية إعادة الإعمار عندما يحين وقتها.

لكن وفي الواقع، فإن تنظيم “داعش” لم يهزم بشكلٍ كامل. فالتنظيم الإرهابي لا يزال يمتلك مقاتلين ومؤيدين على الأرض وهو يضاعف من عمليات حرب العصابات التي بدأها بعد هزيمته في معركة الباغوز. وقد تواترت قضية “عودة ظهور تنظيم داعش” في العديد من تقارير الخبراء والمسئولين في الأمم المتحدة وكذلك في البنتاغون الأمريكي. وقد أكد وزير الدفاع الفرنسي في السابع من الشهر الحالي هذا قائلاً: “في بلاد الشام، لا يزال التحالف الدولي مستمر في عملياته ضد تنظيم داعش الذي لم يختفِ كما اختفت دولة خلافته المزعومة. ومن الضروري عدم ترك أي أثر لهذا التنظيم هناك”.

وبالرغم من كل هذا، فإن “شهر العسل العملياتي” بين فرنسا والولايات المتحدة بات موضع شك منذ شهر شباط الماضي، بعد أن نشر العقيد الفرنسي فرانسوا ريجيس ليجيرييه مقالة ندد فيها بالنهج الأمريكي على الأرض في كل من سوريا والعراق لاسيما في معركة هجين في عام 2018. حيث كتب العقيد المذكور صراحةً: “لقد دمرنا بشكلٍ كبير البنى التحتية وأعطينا السكان المحليين صورة مقيتة لما يمكن أن يكون التحرير الغربي لأراضيهم. لقد تركنا ورائنا بذور عودة وشيكة لخصمٍ جديد”.

ترجمة موقع (الحل نت) – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.