شركات الصرافة السورية تعمل «بحذر» بعد العقوبات الأمريكية… فهل تتأثر حوالات السوريين في تركيا؟

شركات الصرافة السورية تعمل «بحذر» بعد العقوبات الأمريكية… فهل تتأثر حوالات السوريين في تركيا؟

لم يكن خبر قيام وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على مجموعة من شركات تحويل الأموال والمجوهرات العاملة في تركيا بشكل عام وجنوبها بشكل خاص الأول من نوعه، خصوصاً فيما يتعلق بالشركات ذات الأصول السورية التي تنتشر بالعشرات قرب الولايات الحدودية بين سوريا وتركيا، وتمتلك أفرعاً في الشمال السوري.

وقامت الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية بفرض سلسلة من العقوبات على شركات تحويل الأموال (الخواجا، السلام، السنكري، العنكوب) بتهمة تحويل الأموال لمصلحة تنظيم الدولة «داعش» في سوريا، وأضافت إليها مجموعة من الشركات والأسماء بعضها قديم والآخر يذكر لأول مرة ومعروف لدى أوساط السوريين في تركيا.

الشركة أو الوسيط
وتعتبر عملية تحويل الأموال من قبل اللاجئين السوريين في تركيا وجميع أنحاء العالم أساسية، حيث يقومون بإرسال الأموال إلى ذويهم داخل سوريا، ويكون عن طريق مكاتب وشركات بعضها يعمل بشكل غير قانوني أو عن طريق وسطاء بين البلد المرسل منه والمرسل إليه، ويترتب دفع الشخص عمولة تختلف باختلاف الشركة أو الوسيط وتتراوح بين 5 إلى 15% من قيمة المبلغ المرسل، ولا يوجد رقم دقيق عن مجمل #الحوالات_المالية التي يرسلها السوريين إلى ذويهم، إلا أن مركز «مداد» الاقتصادي التابع للحكومة السورية قدّرها بين 6 إلى 10 مليون دولار بشكل يومي.

في هذه المادة، سنحاول تسليط الضوء على الشركات السورية التي شُملت بالعقوبات وعن نشاطاتها داخل سوريا وتركيا، إضافة إلى الكشف عن أثر هذه العقوبات المفروضة على المواطن السوري في كل من #سوريا وتركيا، حيث يعتمد قسم كبير من العائلات داخل سوريا على الحوالات الخارجية في تسيير أمور حياتهم اليومية.

من الشركات السورية المشمولة بالعقوبات؟
شركات الحوالات المالية
“مروان مهدي صلاح الراوي”، وهو المدير التنفيذي في شركة ” Redin Exchange” لتحويل الأموال وتمتلك أفرع لها في #تركيا، في أواخر كانون الثاني 2018، قام بعمليات تحويل بقيمة نصف مليون دولار للمدعو «مروان الراوي» المتهم بالتعامل مع تنظيم الدولة «داعش» في سوريا، ولا يقتصر عمل شركة «الراوي» على سوريا وتركيا بل تشمل العراق وأوروبا وآسيا وأفريقيا، وكان يرأسها “فواز محمد جبير الراوي” الذي قتل بعملية للتحالف الدولي في 2017.

وليست هذه المرة الأولى التي تفرض فيها #الخزانة_الأمريكية عقوبات على شركة “ريدن”، إذ تفيد بيانات الخزانة أن «الشركة قامت وحدها بنحو 53 عملية تحويل في عام 2014 وصلت لنحو 600 مليون دولار، لمصلحة تنظيم داعش) من خلال فروعها ومكاتبها والمتعاونين معها حول العالم».

ومن الشركات السورية المشمولة بالعقوبات أيضاً شركة (سكسوك) في تركيا والمتهمة باستلام حوالات مالية من تنظيم «داعش» منذ العام 2017 في سوريا، كما اتهمت أيضاً بقيام “فواز الراوي” صاحب شركة الراوي للحوالات المالية باستخدام الشركة في إرسال واستقبال حوالات المالية من جميع أنحاء الشرق الأوسط في 2017.

واللافت في أسماء الشركات المدرجة على قوائم العقوبات شركة (الهرم للصرافة) والتي كانت خيار أعضاء تنظيم «داعش» في حوالاتهم المالية بعد تعليمات أعطيت لهم بإجراء جميع الحوالات المالية عن طريق الشركة منذ بداية العام الجاري، كما اتهمت الشركة بإجراء عمليات تحويلات مالية لـ«داعش» بين سوريا وبلجيكا.

شركات وأسماء
وعملت (الهرم للصرافة) كوسيط ومنسق لتحويل الأموال مع شركة (حنيفة للصرافة) في عام 2016 والتي تبين فيها بعد أنها شركة مملوكة لـ«فواز الراوي» بشكل غير معلن لتعقيد عملية تحويل الأموال وتصعيب تتبعها.

وكانت وكالة أنباء الرسمية «سانا» قد نقلت عن «هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» في العام 2014 أن «شركة الهرم قامت بتنفيذ عمليات تحويل أموال من وإلى محافظة الرقة»، والتي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» بشكل كامل، حيث قامت بتحريك دعوى ضد الشركة بتهمة تمويل الإرهاب.

إلا أن شركة (الهرم للصرافة) والتي تعمل في العاصمة #دمشق، أصدرت بياناً أكدت فيه عدم صلتها بالمكاتب التي تحمل نفس اسمها وتعمل في تركيا ومناطق سيطرة المعارضة في #الشمال_السوري، وأن عملها مقتصر داخل المناطق الخاضعة للحكومة السورية، والحوالات التي تأتي من الخارج هي من المغتربين إلى ذويهم.

شركة (الخالدي للصرافة) كانت أيضاً ضمن قوائم العقوبات، وتتهمها وزارة الخزانة الأمريكية بقيامها بتقديم الدعم المادي والتكنولوجي لتنظيم «داعش» في سوريا منذ العام 2017، وتحديداً في مدينة #الميادين في دير الزور، حيث كان المكتب عبارة عن مقهى انترنت للتمويه، كما عملت شركة “الخالدي” على تحويل الأموال من العراق إلى مدينة الرقة السورية ومن ثم مدينة غازي عينتاب التركية، كما اعتمد التنظيم على شركة الخالدي بشكل كبير في عام 2016 لتحويلاته المالية بين سوريا وولاية شانلي أورفا جنوب تركيا بمعدل مئات الآلاف من الدولارات بشكل يومي.

شركات المجوهرات
لم تكن شركات التحويلات المالية وحدها من شملت بالعقوبات الأمريكية بل كانت محلات المجوهرات أيضاً ضمن القوائم، فذكر اسم (شركة الحبو) للمجوهرات، حيث قام فرع الشركة في مدينة غازي عنتاب التركية في عام 2017 بتحويل الذهب إلى أموال وإرسالها إلى خلايا تنظيم «داعش» في مدينة الرقة السورية حيث تمتلك فرعاً لها هناك، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية.

كما أدرج اسم «محمد علي الحبو» مسؤول الفرع في مدينة شانلي أورفا التركية في أوائل عام 2016 وساعد التنظيم في شراء الذهب من تركيا لاستخدامه في صك عملات التنظيم في مدينة الرقة السورية، حيث يمتلك فرعاً آخر للشركة هناك.

كما تشير بيانات وزارة الخزانة الأمريكية أن شركتيّ (الحبو) و (الخالدي) كانت مملوكتان لـ«محمد الحبو» الذي يتملك أفرعاً لمحلات صرافة ومجوهرات في كل من اسطنبول وأوروفا وغازي عنتاب.

ويعتبر الذهب خيار مفضل لتنظيم «داعش» مقارنة بالدولار أو العملات الأخرى، لأنه «غير قابلا للتحقّق»، أي أنّ عملية تهريبه عبر الحدود تكون أمراً أسهل بكثير من تهريب الدولار، وكذلك الحال بالنسبة لعملية تصريفه، من خلال تذويبه وإعادة تكشيله من جديد، ومن ثم بيعه والحصول على الأموال بطريقة غير قابلة للتتبع.

هل يتأثر المواطن السوري؟
تختلف الطرق التي يتّبعها السوريون في إرسال الحوالات المالية إلى ذويهم داخل سوريا سواء في مناطق سيطرة #الحكومة_السورية أو #المعارضة، ويتصدر #اللاجئون_السوريون في تركيا قائمة المحولين إلى الداخل السوري، إذ يصل عددهم بحسب البيانات الرسمية التركية لنحو 4 ملايين لاجئ ويشكلون 60% من نسبة اللاجئين السوريين في العالم.

يقول (غالب. س) المقيم في مدينة #غازي_عنتاب ويمتلك محلاً للصرافة وتحويل الأموال «نعمل ضمن القوانين والأنظمة التركية، ونقوم بتحويل الأموال إلى داخل سوريا وخارجها، ولا تستغرق عملية التحويل سوى بضعة دقائق، ويتم إعطاء وصولات نظامية، ويتم توثيقها في سجلات رسمية لحفظ الحقوق».

وأضاف غالب في حديثه لـ«الحل نت» أن «العقوبات الأمريكية التي تستهدف شركات الصرافة والتحويلات المالية لن تؤثر على عملنا أو تهز ثقة الزبائن، كوننا نعمل ضمن القوانين والأنظمة، ولا نقبل أي تحويلات مالية دون معرفة هوية الشخص وبيانات الجهة المرسلة إليها، صحيح أننا نتقاضى عمولات قد تكون مرتفعة مقارنة بالسوق السوداء، إلا أن عملنا مضمون».

السوق السوداء
لكن التحويل عن طريق #السوق_السوداء يعتبر خيار السوريين المفضل عوضاً عن المكاتب النظامية، بحسب (أحمد. ش) الذي يعمل في تحويل الأموال في مدينة اسطنبول إلى كافة المناطق السورية، حيث أكد أن «التحويل عن طريق الوسطاء يعتبر أفضل بالنسبة للكثير من السوريين، فالنسبة التي نتقاضاها لا تتعدى نسبة 5%».

وأضاف أحمد لموقع «الحل نت» أن «عملية التسليم تتم بطريقة لا تُعرض صاحب الحوالة داخل سوريا للمسائلة خصوصاً من السلطات السورية التي تقوم بالتدقيق عن مصدر الحوالة وتقوم بتسليمها بسعر الحوالات المقرر من قبل #المصرف_المركزي بـ434 ليرة، في حين أن السعر في السوق يتجاوز 620 ليرة سورية، ما يتسبب بخسارة مضاعفة لمستلمي الحوالات في الداخل السوري».

إلا أن العمل في التحويلات المالية خارج #مكاتب_الصرافة تعتبر مخاطرة خصوصاً في مناطق سيطرة الحكومة السورية، حيث يتم تحويل الأشخاص الذي ألقي القبض عليهم وبحوزتهم مبالغ مالية إلى محكمة «قضايا الإرهاب» وتصل عقوبتها إلى الحبس لمدة 10 سنوات.

الشركات تعمل بحذر
حالياً ما تزال الشركات التي وردت أسماؤها على قائمة #العقوبات_الأمريكية، تمارس عملها لكن بطريقة حذرة، موقع «الحل نت» أجرى اتصالاً هاتفياً بشركة (الهرم) للصرافة العاملة في مدينة غازي عنتاب التركية، باسم وهمي وطلبنا تحويل مبلغ كبير بالدولار إلى الداخل السوري، لكن الجواب كان «لا نستطيع تحويل مبلغ يتجاوز 2500 دولار إلى داخل سوريا»، في دلالة على أن هذه الشركات قد تأثرت بعد العقوبات الأخيرة وأصبح عملها مراقباً.

وتزامنت العقوبات الأمريكية مع إصدار هيئة الجرائم المالية (MASAK) التركية، المكلفة بتتبع جرائم #غسيل_الأموال وعمليات تمويل «التنظيمات الإرهابية»، تقريرها الخاص بعام 2018 وكشفت فيه عن أن «معدل العمليات المالية المشتبه بها المبلغة إلى هيئة الجرائم المالية ارتفعت بنسبة 510% خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وبحسب ما ترجمت جريدة «زمان» التركية، فإن «أغلب العمليات في القطاع المصرفي، والعملات الإلكترونية، والخدمات الإلكترونية، وعمليات شراء وبيع وتداول المعادن النفيسة».

وأشار التقرير إلى أن «القطاع المصرفي جاء على رأس قائمة البلاغات، بواقع 195 ألف عملية، ثم جاء في المركز الثاني المؤسسات المالية ومؤسسات الأموال الإلكترونية بواقع 13 ألفًا و796 عملية».

إعداد التقرير: أسامة مكية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.