التلوث المائي أنتجَ آثاراً صحية خطيرة جاءَت نتائجها كارثية وغير مسبوقة، إذ أدّت إلى إصابة العراقيين بالعديد من الأمراض، منها الفشل الكلوي، التيفوئيد والزحار، إضافةً إلى الأمراض الجلدية.

————————————————–

علي الكرملي

منذ أيامٍ قلائل، حذّرَت #مفوضية_حقوق_الإنسان العراقية في بيان لها عبر مكتبها الخاص في البصرة، من حجم الكارثة البيئية التي تنخر بها المحافظة، إذا لم تتحرّك الحكومتين المحلية والمركزية لمعالجة الأزمة التي تعصف (منذ سنوات) بمَنْ كانَت تُعرَف بـ #فينيسيا_الشَرق ذات يوم، وتستمر إلى اليوم، بل وتزداد أكثر فأكثر في عاصمة العراق الاقتصادية.

إذ أكّدت المفوضية، أن مياه #شط_العرب تتعرض إلى تلوث كيميائي وجرثومي خطير، ونسبة الفشل كيميائياً بلغت (45 %) فيما نسبة الفشل جرثومياً وصلت (98 %)، بالتالي فإن التعقيم بمادة الكلور أصبح له آثار عكسية، وذلك بسبب تفاعلها مع #المواد_الكيميائية الأخرى الموجودة في مياه الشط وتكوينها مركبات سامة تهدد حياة الأفراد والكائنات الحية على حد سواء.

الخبير البيئي شكري الحسن- إنترنت

النفط يُلوّث ماء وهواء البصرة

يقول الخبير البيئي شكري الحسن لـ ”الحل العراق“، إن «أسباب تلوث المياه والهواء في #البصرة ترجع إلى عدة أمور، من أبرزها، التسربات النفطية من الناقلات التي تسير في شط العرب، إضافةً للاستخدام (غير المسؤول) للمبيدات الكيماوية في صيد الأسماك، فضلاً عن #نفايات المنازل والمجاري، و#الأسمدة_الكيمياوية والعضوية، ومبيدات الحشرات والأعشاب وما شابهَها من مصادر».

ويردف، «مثلما هو معروف، أن البصرة تضم أضخم الحقول النفطية في البلاد، وتلك #الحقول_النفطية في أكثرها، يتم إحراق كميات هائلة من الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط، ما يتسبب بتلوث الهواء، وقبل كل ذلك، فإن أراضي المحافظة هي أصلاً ملوثة بآلاف #الألغام والمقذوفات غير المنفلقة نتيجة #الحروب، إضافة إلى #المخلفات_العسكرية الملوثة إشعاعياً جراء حرب الخانية».

/55/ حالة شهرياً فقط من الأمراض السرطانية

تؤثر التلوثات البيئية على حيَوات وصحّة الإنسان، وتعرّضه إلى أمراض جَمَّة، لا تخطر على البال، وليست في الحُسبان، بل وتزيد من #الأمراض_الخبيثة بشكل كبير، هذا غير أنها تُنتج إلى السطح أنواعاً مرَضيّة جديدة، لم تكن معروفة سابقاً، وتُعيد أمراضاً أُخرى كانَت قد اختفَت منذ بعيد الزمان، كلّها تنهك كاهل الأشخاص الذين يُصابون بها مادياً وجسَدِياً.

عضو مجلس محافظة البصرة، ”أحمد عبد الحسين“- إنترنت

يقول عضو مجلس محافظة البصرة، ”أحمد عبد الحسين“، إن «التلوث المائي أنتجَ آثاراً صحية (خطيرة) جاءَت نتائجها (كارثية) وغير مسبوقة، إذ أدّت إلى إصابتهم في العديد من الأمراض، منها #الفشل_الكلوي و#التيفوئيد، و#الزحار، بالإضافة إلى #الأمراض_الجلدية، وأعداد الإصابات بها تجاوزت الـ /٤٥٧٥/ إصابة».

«كما وأُصيبَ الناس، علاوة على تلك الأمراض المذكورة، بأمراض عضال، بخاصة #الأورام_السرطانية، حيث ساهم التلوث في زيادة الأمراض السرطانية بنسب (مُخيفَة) حتى باتَت البصرة من أكثر المحافظات العراقية (إن لم تكن الأكثر) إصابة بالأمراض السرطانية، إذ تبلغ عدد الحالات التي تُصاب بها أكثر من /55/ حالة شهرياً»، يُضيف لـ ”الحل العراق“.

ويُضيف، أن «الأمر لا يقف عند ذلك الحد، إذ أن كمية المياه القذرة (الضخمة) التي تطرح في شط العرب والتي تصل نحو /40/ ألف متر مكعب يومياً، أدّت إلى تسمّم الآلاف من البشر، ولعلّ ما شهدته المحافظة في صيف 2018 من وصول أعداد المصابين إلى أكثر من /120/ ألف حالة تسمم، أوضح دليل على الخطر الذي حلّ بالمحافظة وسكنتها».

نباتات تنقرض وأُخرى حيوانية تنتظر ذات المصير

لكل أزمة أضرارها التي تنعكس على مختلف الأصعدة، فلا تترك مجالاً لا تنهشه وتنهيه، كيف وإن كانَت الأزمة بيئية؟ بكل تأكيد ستكون أضرارها مضاعفة، ولعلّ ما شهدته (وتشهده) الثروات الحيوانية والنباتية نتيجة هذه الأزمة خير شاهد، إذ لم تترك لا نباتات ولا حيوانات تسلم منها، فأَكلَت الأخضرَ واليابِس، وقضَت على أهم ما تشتهر به البصرة، (الثروة السمكية).

«لقد تسبّب التلوث بأضرار كبيرة في الثروتين الحيوانية والنباتية، إذ أدى التلوث الحاصل في الأحياء البحرية إلى نفوق الأسماك، المئات منها تطفو يومياً فوق مياه شط العرب، نتيجة ارتفاع نسب السموم والمواد العضوية ومخلفات المصانع فيه، غيرَ الملوحة الزائدة والدهون المتسربة من السفن والزوارق»، يقول الأكاديمي في مركز العلوم الأحيائية بجامعة البصرة “أحمد ماضي”.

تلوث المياه قضت على الثروة السمكية- إنترنت

ويُبيّن في حديثه لـ ”الحل العراق“، أنه «استناداً إلى اطروحة دكتوراه في #جامعة_البصرة، ناقشناها في (تموز/ يوليو) الماضي، توصّلنا إلى أن هناك /16/ نوعاً من الزواحف والبرمائيات المائية تحت خطر التهديد بالانقراض، وفقدت البيئة البرية /10/ أنواع من الحيوانات صنف اللبائن و/14/ نوعاً وُضِعَت تحت خطر التهديد بالانقراض».

لافتاً، «أما فيما يخص #الثروة_النباتية، فإن التغيّر البيئي في المحافظة (وفقاً لذات الأطروحة) أدى إلى دخول /14/ نوعاً من النباتات البرية الطبيعية الغازية، فضلاً عن تهديد نحو /13/ نوعاً بخطر #الانقراض، وانقراض /5/ أنواع من النباتات الطبيعية التي كانت سائدة، كما سجلت مياه شط العرب، نحو /7/ انواع من النباتات المائية الغازية, في حين أن هناك نحو /13/ نوعاً من النباتات المائية تحت خطر التهديد بالانقراض».

حلول مؤقتة وأُخرى فعليّة

لأجل الحد من هذه الآفة التي تنهك البصرة، اقترَحَت مفوضية حقوق الإنسان في بيانها الصادر مؤخراً عدة خطوات، من أهمها، إلزام #الشركات_النفطية وشركة إنتاج الطاقة الكهربائية وبلديات البصرة بتنفيذ قانون حماية البيئة رقم ( 27 ) لسنة 2009 ومحاسبة المخالفين وفق الأطر القانونية المقررة، إضافة إلى بعض الخطوات العلاجية المؤقتة، فما الذي تحتاجه المدينة فعلياً من حلول؟

الخبيرة البيئية ”جيهان بابان“- إنترنت

«إذا ما أرادَت الحكومتين المحلية والمركزية، معالجة الوضع في البصرة، فعليهما القيام بتأهيل شبكات الصرف الصحي في مناطق ومدن البصرة، وإنشاء شبكات جديدة في المناطق التي لم تصلها حتى الآن، بالإضافة إلى إزالة النفايات والقاذورات التي تطفو فوق مياه شط العرب وروافده والأنهار الأخرى، وكذا فرض عقوبات صارمة بحق كل من يرمي النفايات والقمامة في المياه»، تقول الخبيرة البيئية ”جيهان بابان“.

«وكذلك يجب مكافحة تلوث المياه في نهري دجلة والفرات وروافدهما؛ لأن ما تجلبه مياه النهرين من مواد ملوثة تشكل نسبة لا يستهان بها من المواد الملوثة لمياه شط العرب، فضلاً عن معالجة المخلفات الصناعية قبل رميها في المياه ووضع ضوابط دقيقة وتطبيق العقوبات بحق المخالفين»، تُضيف رئيسة جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة في حديثها لـ ”الحل العراق“.

مُكملَةً، «إضافة إلى ما ذُكِر، فإنه من المهم جداً، تأسيس محطات تنتشر في أنحاء العراق لقياس التلوث بمختلف أنواعه ومنها التلوث المائي، وإصدار نشرات دورية لمتابعة عناصر التلوث أو درجة خطورتها على الصحة العامة، ناهيك عن مراقبة الآبار المحفورة في قضاء الزبير وتنفيذ التعليمات الصادرة بخصوص المحافظة عليها من التلوث بعناصره المختلفة».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.