(الحل نت) – منذ بداية 2019، تم الإعلان عن تأسيس أكثر من 10 شركات في مناطق سيطرة السلطات السورية تختص بالمقاولات، ومن ضمن الأعمال التي يسمح لها بممارستها، فرز وترحيل #الأنقاض.

ربما بات المستثمرون في القطاع الخاص أكثر وعياً للمرحلة، التي تسميها #الحكومة السورية بـ “#إعادة_الإعمار”، وما قد تفرزه من قطاعات للاستثمار، وكسب #الأموال عبر استغلال شبكات #الفساد.

مدير شؤون شركات #الإنشاءات العامة في وزارة الأشغال العامة والإسكان (سامر نحوي)، أعلن مؤخراً، أن #الوزارة شكلت لجنة لدراسة الجدوى #الاقتصادية لإعادة تدوير مخلفات الأبنية والإنشاءات.

وعلى الرغم من أن تشكيل اللجنة ليس بجديد بل يعود لأعوام مضت، إلا أن إعادة التأكيد عليها أخذ طابعاً أكثر جدية مع فرض السلطات السورية سيطرتها على أماكن واسعة، بعضها مدمر بشكل كبير، حيث مُنع سكانها #المهجرين من العودة إليها بحجة نيته إطلاق مشاريع ضخمة في تلك المناطق.

ولفت نحوي إلى أنه يمكن تطبيق مبدأ إعادة تدوير #الأنقاض في مختلف المحافظات، لكن بناءً على عينات يتم سحبها من هذه المخلفات في كل منطقة، مضيفاً أنه حالياً يتم العمل على دراسة جدوى اقتصادية موسعة، واللجنة تقريباً في نهايات عملها وقريباً ستصدر هذه الدراسة لتعرض على الحكومة التي ستقوم باتخاذ القرار المناسب، بحسب نحوي.

اللجنة التي وصلت إلى نهايات عملها بدأت قبل 3 سنوات تقريباً، ففي عام 2016، أكد معاون وزير الأشغال العامة معلا خضر أن لجنة مختصة بوزارة الأشغال أنجزت دفتر الشروط والمواصفات الفنية فيما يتعلق بإعادة تدوير الأنقاض الناتجة عن الأبنية المتهدمة تمهيداً للبدء بعملية إعادة الإعمار.

وأكد مدير شؤون شركات الإنشاءات العامة في وزارة الأشغال العامة والإسكان (سامر نحوي)، أن اللجنة تعمل على إنجاز دفتر الشروط الحقوقية والمالية، وتوقَّع حينها أن يتم الانتهاء من عمل اللجنة قريباً، إلا أنها إلى اليوم لم تنه عملها.

يؤكد بعض من زاروا مناطق لم يسمح لسكانها بالعودة إليها، مثل برزة ومخيم اليرموك والقابون وجوبر بدمشق، في حديث لموقع (الحل)، أن البلديات لم تحرك ساكناً بخصوص الأنقاض، والمشهد هناك “مذهل” من حيث الخراب.

بينما استطاعت بعض الآليات التابعة لميليشيات معينة، ترحيل ما استطاعت من أنقاض ليتم فرزها والاستفادة منها ببيعها لمعامل #الحديد وتدوير الأنقاض، بحسب شهود عيان لموقع (الحل).

مقربون يلتهمون الأنقاض بمساعدة ميليشيات مسلحة

حرص رجال الأعمال المقربون من السلطات السورية، على تأسيس العديد من الشركات خلال الأعوام الماضية، والتي تختص بأعمال المقاولات وكل ما يخص هذا القطاع.

حتى أن آليات شركات رجل الأعمال (محمد حمشو)، كانت الأكثر استفادةً من دمار منازل السكان ومنذ سنوات سبقت الإعلان عن لجنة الأنقاض، وقد تم توثيق قيامها بسرقة الأنقاض وخاصة الحديد من داريا وعدة مناطق عام 2013.

يمتلك حمشو شركة “حمشو للحديد المبروم” وله معمل لدرفلة الحديد في عدرا الصناعية، ويملك عدة شركات للمقاولات وفرز وتجارة الأنقاض، منها “حمشو للتجارة والعمران”، وشركة “الشرق الأوسط للمقاولات”، و”حمشو للاستثمارات”، و”شركة تطوير المحدودة”، و”جوبيتر للاستثمارات”.

كما يملك “شركة سوريا للصناعات المعدنية”، التي ينقل إليها جزء من الحديد المستخرج من الأنقاض، عبر الميليشيات المنتشرة بالمناطق المهدمة، باتفاقات معينة، وفقاً لتقارير إعلامية.

في منتصف 2018، تم الإعلان عن نية الحكومة السورية تنظيم منطقة القابون بدمشق، لكن صناعيي المنطقة رفضوا ذلك، وامتنعوا عن نقل أعمالهم إلى مدينة عدرا الصناعية، فقام (محمد حمشو)، بحسب تقارير مصورة، بزيارتهم للتأكيد على ضرورة الانتقال ناقلاً الكثير من وعود التسهيلات من الحكومة.

وبالتزامن مع ذلك، منعت السلطات السورية الصناعيين من الحصول على موافقات لترميم منشآتهم المدمرة، ما أجبرهم على الرحيل أخيراً، وفي ذات الوقت كانت آليات شركات حمشو قد بدأت بعمليات هدم الأبنية، وترحيل الأنقاض من القابون، ومنطقتها الصناعية.

ومن المستثمرين في مجال المقاولات والمستفيدن من الأنقاض، (أبو علي خضر) أو (خضر علي طاهر)، الذي يملك شركة “الياسمين للمقاولات”، و”الشركة السورية للمعادن والاستثمار”، و”شركة العلي والحمزة” للمقاولات.

وكذلك (#سامر_فوز) الذي يملك شركة “أساس الحديد”، وشركة “نجم للاستثمار”، و”أمان للاسمنت”، و”إعمار لصهر المعادن”، و”صروح الإعمار”، التي تملك معمل لدرفلة المعادن في اللاذقية.

الأسد يمهد طريق الاستحواذ على الأنقاض بشكل قانوني

أصدر الرئيس (#بشار_الأسد) في عام 2018 القانون رقم /3/ الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها.

وأتاح القانون لرجال أعمال القطاع الخاص، الدخول في هذا الميدان وسط شكوك حول التلاعب بإثباتات ملكية أصحاب الأنقاض.

وينص القانون على أنه يمكن للمحافظ بناءً على اقتراح الوحدة الإدارية، أن يصدر قراراً يحدد فيه المنطقة العقارية، والمباني المتضررة المشمولة بأحكام هذا القانون، ويحدد في القرار مهلة لا تزيد عن 120 يوماً (4 أشهر) يجب على الوحدة الإدارية خلالها أن تعد تقريراً مفصلاً عن واقع المنطقة.

ولمالكي عقارات المنطقة ووكلائهم القانونيين وأقاربهم حتى الدرجة الرابعة ولكل ذي مصلحة، الحق في أن يتقدم إلى الجهة الإدارية المختصة خلال ثلاثين يوماً (شهر) من تاريخ الإعلان تشميل المنطقة بالقانون، بطلب يبين فيه مكان عقاره، وما يثبت ملكيته فيه.

والخطير في #القانون، هو إتاحته بشكل غير مباشر، لسرقة حق أصحاب العقارات بأنقاض منازلهم عبر الشركات الخاصة، حيث ينص على أن تعرض الوحدات الإدارية بعد فترة من تثبيت الملكيات الأنقاض للبيع بالمزاد العلني، ما يعني أنه وبتواطؤ بسيط، يمكن لشركات معينة أن تستفيد من هذه التجارة، ويحرم من هو خارج سوريا من تثبيت ملكيته بأنقاض بيته.

كيف تباع الأنقاض؟ وأين تذهب قيمتها؟

تقوم الوحدات الإدارية بإعداد جدول بأسماء المالكين المثبتين لملكياتهم خلال 120 يوماً، ثم تحدد موعد البيع بالمزاد العلني للأنقاض وفق دفاتر الشروط الفنية المعدة من قبل وزارة الاشغال العامة والإسكان، بالتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة لهذه الغاية، (علماً أن دفاتر الشروط لم تصدر بعد).

وبعد البيع، يتم إيداع قيمة الأنقاض لحساب خاص باسم الوحدة الإدارية لدى أحد المصارف العامة، ويُجمد لحساب أصحاب الاستحقاق، الذين تثبت ملكيتهم وفق أحكام هذا القانون، ثم يخصم منها نفقات أعمال إزالة وترحيل الأنقاض التي تقوم بها الوحدة الإدارية، وفقاً للقانون.

وفي حال لم تحصل الوحدات الإدارية على ما تريد من سعر في المزاد، يتيح لها القانون أن تتصرف في الأنقاض وفق ما تراه مناسباً ولها في معرض ذلك إزالة الأنقاض ونقلها وتدويرها بنفسها مباشرة أو بالتعاقد مع الشركات العامة أو الخاصة المؤهلة.

الأنقاض كنوز قيمة وأرباح ضخمة

ويشير الخبير العقاري (رامز. س) لموقع (الحل نت)، إلى أهمية الأنقاض ومرابح تدويرها وفرزها الضخمة، ويقول إن “تحديد الوحدات الإدارية للمناطق المشمولة بالقانون، يعني تهديم المنطقة وتسويتها على الأرض، وتجميع الأنقاض وفرزها ثم تدويرها، أي استخراج الحصى والرمل والحديد وطحن بعضها للاستفادة منها برصف طبقات الطرق وإنشاء المجبول الزفتي والبيتوني، وبعدها تعود الحكومة لشرائها من الشركات الخاصة، أو تستخدمها ذات الشركات في استثمارات خاصة بها، وبهذا تكون كلف البناء أقل”.

وتابع “للعلم، فإن السلطات السورية تملك مكتباً فنياً خاصاً لتدوير الأنقاض في شركة الطرق والجسور، لكن حجة عدم تفعيله إلى اليوم، هو أن الكوادر غير مدربة وقليلة والآليات قديمة، لذلك أتاح القانون رقم 3 دخول الشركات الخاصة في الميدان”.

أرقام عن حجم الدمار في سوريا… حلب في المقدمة

نشر معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب آذار الماضي، أرقاماً عن حجم الدمار الذي طال سوريا خلال الحرب، مستنداً إلى تحليل صور الأقمار الصناعية، وعرض خرائط تبين توزع الدمار وكثافته في 16 مدينة ومنطقة سورية، شهدت أكبر نسبة دمار، ليكون عدد الأبنية المدمرة بين مدمرة بشكل كامل، ومدمرة بشكل جزئي نحو 126 ألف مبنى.

ووفقاً للمعهد، شهدت محافظة حلب أكبر نسبة دمار في سوريا، بوجود 4,773 مبنى مدمراً كلياً، و14,680 مبنى مدمراً بشكل بالغ، و16,269 مدمراً بشكل جزئي، ليبلغ مجموع المباني المتضررة 35,722.

وفي محافظة إدلب، بلغ عدد المباني المدمرة كلياً 311، و418 مبنى مدمراً بشكل بالغ، و686 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 1,415.

ويوجد 3,326 مبنى مدمر كلياً في محافظة الرقة، و3,962 مبنى مدمر بشكل بالغ، و5,493 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 12,781.

وفي محافظة دير الزور هناك 1,161 مبنى مدمر كلياً، و2,370 بشكل بالغ، و2,874 بشكل جزئي، وبلغ مجموع المباني المتضررة في المحافظة 6,405.

ورصد التقرير الأممي، وجود 9,459 مبنى مدمر كلياً في محافظة حماة، و404 مبانٍ مدمرة بشكل بالغ، و666 بشكل جزئي، ليكون المجموع 10,529 مبنى متضرراً.

وفي محافظة حمص يوجد 3,082 مبنى مدمر كلياً، و5,750 مدمر بشكل بالغ، و4,946 بشكل جزئي، وبلغ مجموع المباني المتضررة 13,778.

وفي مدينة تدمر الأثرية، التابعة لمحافظة حمص، يوجد 45 مبنى مدمر كلياً، و112 بشكل بالغ، و494 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 651.

وبلغ عدد المباني المدمرة كلياً في غوطة دمشق الشرقية 9,353 مبنى، بالإضافة إلى 13,661 مبنى مدمر بشكل بالغ، و11,122 بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 34,136.

وفي منطقة مخيم اليرموك والحجر الأسود، جنوبي دمشق، 2,109 مباني مدمرة كلياً، و1,765 مبنى مدمر بشكل بالغ، و1,615 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 5,489.

كما رصد تقرير المعهد في مدينة الزبداني بريف دمشق 659 مبنى مدمر كلياً، و1,251 مدمر بشكل بالغ، و1,454 بشكل جزئي، إذ بلغ مجموع المباني المتضررة 3,364.

وفي محافظة درعا، جنوبي سوريا، هناك 224 مبنى مدمر كلياً، و498 مبنى مدمر بشكل بالغ، و781 بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 1,503.

واعتبر المعهد المبنى مدمر كلياً، في حال كان الضرر الملحق به بنسبة من 75 إلى 100%، في حين يعتبر مدمر بشكل بالغ إن كانت نسبة الضرر من 30 إلى 75%، ويكون مدمراً إلى حد متوسط إن كانت نسبة الضرر من 5 وحتى 30%.

إعداد: فتحي أبو سهيل – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.