هل تساهم في الأعمال المنزلية؟.. الرجال بين متقبل وخجول ورافض

هل تساهم في الأعمال المنزلية؟.. الرجال بين متقبل وخجول ورافض

مساعدة الزوج لزوجته في تدبير أعمال المنزل، أمر مختلف عليه من وجهات نظر عدة لدى الرجال، على اعتبار تدبير أمور المنزل بقيت منوطة بالنساء على مدى عقود من الزمن، فالبعض منهم يراه من المتغيرات البديهية ضمن واجبات العصر الحديث، وخاصة أن أعباء بعض الزوجات تتساوى مع أعباء الأزواج أو قد تتعداها في بعض الأحيان.

بينما يرى قسم آخر منهم أن ذلك لا يقع ضمن اختصاصه، بما في ذلك من “إخلال بقوانيين الطبيعة التي أعطت الرجل مواصفات بدنية وعضلية تؤهله للعمل خارج المنزل وليس لأعمال المنزل التي خلقت للمرأة”، وفق ما تربت عليه أجيال من الرجال في عموم العالم والمجتمعات الشرقية خاصة، حيث يقلل البعض من قيمة الزوج الذي يقوم بمساندة زوجته بأعمال المنزل.

ووراء الأسباب الكامنة في حصر الأعمال المنزلية للمرأة فقط، رصد موقع «الحل» آراء بعض الرجال والنساء حول هذا الموضوع، من خلال طرح السؤال التالي، لماذا لا يساعد الرجل المرأة في أعمال المنزل؟!

من شب على شيء شاب عليه
يقول مصطفى الصلاح 42 عاماً (تاجر أقمشة) من مدينة #حلب، وقد استنكر سؤالنا!! لا أقوم بأي عمل في المنزل، فأنا أتعب طوال اليوم في العمل خارجاً، وهذه الأمور ليست من مهامي، كما أن عاداتنا وتقاليدنا لا تسمح بذلك لافتاً إلى أن “والدته كان تمنعه من القيام بأية أعمال منزلية منذ صغره، مبررة له، أن هذه الأعمال من واجبات المرأة فقط”.
ويؤيد برهان عبدالكريم 40 عاماً (محام من مدينة #حمص، مقيم في تركيا، ومتزوج من طبيبة أسنان ولديه ثلاثة أبناء) الصلاح رأيه، مبرراً رفضه مشاركة زوجته في الأعمال المنزلية بقوله “تربيتي في مجتمع شرقي تحكمه عادات وتقاليد منذ القدم تسببت لي في عقدة، فلا أقبل أن يراني أحد أبنائي وأنا أغسل الملابس أو أطبخ الطعام مثلاً”.

في حين أبدت نوران طعمة 33 عاماً (مهندسة مدنية) من مدينة #حماة، راياً مخالفاً لسابقيها، بقولها، إن “زوجي متفهم كثيراً وهو موظف ايضاً، نتقاسم غالب الأحيان أعمال المنزل، فمنذ بداية زواجنا ونحن على اتفاق بمساعدة بعضنا في كافة أمور الحياة سواء بداخل المنزل أو خارجه، ونحن نربي أطفالنا أيضاً على مبدأ روح التعاون ولا فرق بين ذكر و أنثى فالعائلة هي كيان واحد، وبالتالي فإن العمل الجماعي يقوي العلاقات الأسرية ويزيد الاحترام والمحبة بين أفرادها جميعاً”.

مواريث اجتماعية خاطئة
أما سليمان بركات 37 عاماً (مدرس فيزياء ) من مدينة #ديرالزور، وزوجته معلمة صف أيضاً، يقول لموقع «الحل» إنني وزوجتي نعمل خارج المنزل وبساعات دوام متقاربة، وحتى عودتنا إلى المنزل تكون بنفس التوقيت تقريباً، حيث تقوم زوجتي بأغلب الأعمال المنزلية، وفي محاولة لتخفيف من تعبها وإرهاقها، أقوم بمساعدتها بجلي أواني الطعام لعدم معرفتي بأمور الطبخ، كما أقوم أيضاً بتحضير وجبة العشاء في غالب الأحيان، إلى جانب مساعدتي لأطفالنا بإتمام واجباتهم المدرسية أيضاً.
واستدرك بركات قائلاً إنه من المستحيل أن أقوم بكل ما ذكرته من واجبات منزلية أمام أحد من الأقارب أو الأصدقاء، لأننا لانزال نعيش بمجتمع حبيس لعادات وتقاليد بالية ترى في قيام الرجل ببعض الأعمال المنزلية، أمراً معيباً وانتقاصاً من رجولته.

فراس الخليفة 33 عاماً (طبيب بيطري) من مدينة #الرقة، متزوج من صيدلانية منذ ثلاثة أعوام ولديهما طفل، يعترف قائلاً إنني “أشعر بالتقصير تجاه زوجتي لعدم مساعدتها داخل المنزل بأي عمل حتى وإن كان صغيراً، على الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله خلال عملها في الصيدلية أو تأديتها لواجباتها المنزلية عند عودتها للمنزل، لكن نحن نعيش في مجتمع شرقي وهذا طبيعي جداً”.

“خدمة المنزل أولوية نسائية”!
يقول محمد أمين 34 عاماً (مخبري أسنان) من ريف #دمشق، إن “الدور الأول للزوجة في الحياة هو “خدمة بيتها” (الزوج والأطفال وأعمال المنزل) فالرجل رجل والمرأة مرأة، والعرف المتداول في عموم المجتمع أن الزوجة ليس لديها سوى بيتها وزوجها وأطفالها، رافضاً بذلك المساهمة في أي عمل بداخل المنزل”. بينما برر إبراهيم المسالمة 27 عاماً (معلم صف) من مدينة #درعا عدم مساعدته لزوجته بأعمال المنزل قائلاً “لقد كنت وحيداً على خمسة شقيقات، إذ كنت محط اهتمام جميع العائلة وكانوا يخدمونني بكل شيء، لذلك اعتدت على ذلك”.

التعاون بين الزوجين أساس الألفة الأسرية
يقول حسام الأحمد 24 عاماً (طالب جامعي) لموقع «الحل» بإنه ” يتواجد في مجتمعنا فئة من الرجال يساعدون زوجاتهم في أعمال المنزل وهذه الفئة يحكمها الوعي وطبيعة عمل الرجل، بغض النظر عن الانتقادات اللاذعة التي يتلقاها هؤلاء نتيجة ذلك”، مشيراً إلى أن “مساعدة الرجل زوجته في الأعمال المنزلية أمر واجب تستدعيه الأعباء الكثيرة بالمنزل، ومن الظلم تحميل المرأة كل الأعمال المنزلية في الوقت الذي يكون لدى الرجل متسع من الوقت لمساعدتها”.

مضيفاً أن “التعاون بين الزوجين في أداء أمور الحياة اليومية له دور كبير في تعزيز الألفة والمحبة الأسرية، وبالتالي فإن عدم التعاون له نتائج سلبية ويؤدي إلى مشاكل أسرية عديدة، تنعكس آثارها سلباً على تربية الأبناء، حيث يرى البعض أن مشاركة الرجل في الأعمال المنزلية يكسر هيبته ويمس رجولته، في عصر بات فيه الإنسان بوعيه كارهاً للاستغلال، والسيادة في هذا الزمان لا للأقوى جسماً وعضلاً بل للأعمق فكراً والأوسع عقلاً وعلماً وثقافة” وفق تعبيره.

المشاركة الزوجية ضمن الحدود
منى سالم 44 عاماً (ربة منزل) تؤمن بأهمية المشاركة بين الزوجين، لكنها لا تفضل مشاركة زوجها في أعمال المنزل تقول في حديثها لموقع «الحل»، إن “عمل زوجي هو البحث عن لقمة العيش وتوفيرها في زمننا الحالي يتطلب جهداً وتعباً كبيراً، لذلك أنا من فضلت الاهتمام بكافة تفاصيل المنزل لتأمين الراحة والاستقرار النفسي لزوجي، لكي أمنحه الرغبة والطاقة الكافية للقيام بواجباته خارج المنزل على أتم وجه، فمن حقه أن يعود إلى المنزل بعد عمل يوم شاق ليجد زوجته بانتظاره وقد أعدت له الطعام وقامت بواجباتها كاملة، خاصة أنني لا أملك عملاً”.
وأضافت أن تكاتف الزوجين في تدبير متطلبات الحياة يساعد في توطيد العلاقة بينهما واقتسامهم المهام بالرضا وليس بالفرض والإجبار، والزوج عندما يمد يد المساعدة لزوجته والعكس بالعكس فهو يمثل بذلك المعنى الحقيقي للأخلاق الحميدة، ويحطم صورة الأنانية والتحكم القهري الذي يخلقه صاحب السيادة، لكن تتم هذه المساعدة ضمن ظروف وإمكانيات الطرفين وبدون إكراه.”

الحرب مأساتي كما هي مأساة الكثيرات
تقول مريم العصمان 37 عاماً (نازحة من دمشق بريف حلب) لموقع «الحل»، إن “ظروف الحرب التي نعيشها فرضت علينا واقعاً أليماً تجاوز مرارة النزوح، فنسبة كبيرة من النساء أصبحت تقوم بدور الأب والأم في آن واحد” وأشارت إلى أنها “لم تعد تنتظر مساعدة زوجها الذي قلّ تواجده في المنزل بحكم عمله المتواصل لتأمين لقمة عيشهم” لافتاً إلى أنهم “في الماضي كانوا يتقاسمون أعمال المنزل، بحكم عملهما كمدرسين، بينما تتحمل الآن مشقة العمل المنزلي ومسؤولية الأطفال والاهتمام بهم لوحدها”.

أضرار عدم مشاركة الزوج في المنزل
تؤكد المرشدة النفسية بيان العيسى، لموقع «الحل»، إن مساعدة الرجل لزوجته يوطد ويقوي أواصر العلاقة الزوجية، فالمرأة بطبعها تحب الرجل الحنون الذي يهتم بها، كما وينعكس ذلك بصورية إيجابية على الأطفال، إذ سينشأ طفلاً سوياً نفسياً، سيفهم بأنه لا فرق بين الرجل والمرأة في المجتمع، وحتى عندما يكبر ويتزوج سيعي واجباته تجاه زوجته ولن يلقي عليها بكامل الحمل، وحتى في مجال عمله أيضاً سيحترم المرأة ولن ينظر لها نظرة دونية مفادها أن “بيتها أولى بخدمتها”.

ووفقاً للعيسى فقد أكدت دراسة علمية أن “الأعمال المنزلية أحد الأسباب وراء انتشار الخلافات بين الأزواج، ووقوع الطلاق في بعض الأحيان وأشارت إلى أن العداوة الصامتة التي تقع بين الأزواج، تكون بسبب رفض الزوج مشاركة زوجته في الأعمال المنزلية، ومنها إعداد الطعام بالمطبخ وتنظيف المنزل، كما أن رفض الأزواج الاستجابة لمساعدة زوجاتهم يعرض الحياة والعلاقة الزوجية للخطر، وقد يكون السبب في الطلاق”. حيث طالبت الدراسة أيضاً الزوجات بتدريب أزواجهن على جميع الأعمال المنزلية من طبخ ونظافة، إضافة إلى ضرورة فهم الأزواج للأعباء الكثيرة التي تواجهها المرأة في المنزل. وقالت الدراسة إنه لا يوجد رجل يساعد زوجته في أعمال البيت إلا إذا كان الزواج قد تم بينهما عن تفاهم وحب، وفق وصفها.

ويبقى السؤال.. متى سيتخلى بعض الرجال في مجتمعاتنا العربية عن التقيد بالأعراف والتقاليد التي تضر بمصلحة الأسرة، لصالح المشاركة الحقيقة في تحمل أعباء الحياة بصرف النظر عن طبيعة الأدوار المنوطة بالأفراد اعتماداً على نوعهم الاجتماعي.

عدي العبدالله

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.